مسرحية جديدة بعنوان " إم الكل " أطلقها الممثل المسرحي والمخرج جو قديح يوم الجمعة في الـ14 من الشهر الحالي على مسرح الجميزة، بحضور حشد من الممثلين بينهم عايدة صبرا، كميل سلامة، ميرنا مكرزل والإعلاميين جوزيف طوق، رلى كعدي، سنا نصر وعدد من الجمهور.

مسرحية من واقع الثورة يتقمّص فيها قديح شخصية سيّدة مسنّة التي يقوم ببطولتها منفرداً، أراد من خلالها أن يصوّر مشاهد واقعية من أحداث الثورة اللبنانية التي إنطلقت في الـ17 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي، وأن ينقلها للجمهور بإطار كوميدي تراجيدي.

وخلال حضورنا للعرض الأول، كان لنا لقاء مع قديح الذي قال إنه بدأ في كتابة المسرحية منذ حوالى السنة بشكل متقطع وبأفكار ليست مترابطة، من دون أن يجد القاسم المشترك بينها، إلى أن أصبح لديه بنية مسرحية، وكان متردداً بين عرضها أم لا، من ثم بدأت الأحداث في البلد فتوقف عن متابعة الموضوع، وأصبح تركيزه الأكبر على الثورة، ليقرر أنه هذا العام لن يقدم أي عمل مسرحي.

وأشار جو إلى أنه عاد ووجد أنه من الضروري أن تتم أرشفة أحداث الثورة ومعاناة الناس، وإدخالها في قلب هذه الشخصية، فعاد وكتب هيكلية المسرحية من جديد، ليضيف إلى موضوعها الأساسي "المسنين"، أفكار عن الثورة تنقسم بين أمور هو يعتقدها عنها، وأمور يتمناها منها وتعابير ومصطلحات إستخدمت أثنائها.

وبالنسبة لعنوان المسرحية، قال جو إن هناك الكثيرين ممن قرأوا الإسم للحظة الأولى، وإستفزهم الموضوع وتعرضوا له بالإنتقادات والشتائم عبر مواقع التواصل الإجتماعي، مؤكداً أن هذا الأمر لا يخيفه، وأنه شخصياً من المؤكد أن له إنتقادات كثيرة لكل من يسمون بالسلطة الذين هم لا دستوريين ولا شرعيين بالنسبة له، كما لديه إنتقادات للثورة وما يحصل فيها، فهي ما زالت في حالة رومنسية وتتطور، وستأخذ سنين لتصل إلى النتيجة المرجوّة.

وأضاف جو أن الـgraphic designer إيلي نجيم هو من طرح إسم "إم الكل" للمسرحية، والذي وجده مناسباً، وأن هذا الإسم وإن كان يتقارب مع لقب "بي الكل" الذي يُطلق على رئيس الجمهورية ميشال عون، أكد جو أنه لا يستهدف أية شخصية معيّنة في هذا العمل، بل هو يتحدث عن حقبات من تاريخ لبنان، والثورة ووقائع من هذا التاريخ منها مثلاً ما حصل بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر عام 1990، الذي بالنسبة له هو من أكبر النكسات في التاريخ اللبناني.

وتابع أن المسرحية هي عن الثورة، وضدّ كل من هم متمسكين بالمقاعد، ولكن من دون تسمية أي أحد منهم فيها، ولكن للأسف هناك قلة ثقافة في لبنان وعدم تقبل للرأي الآخر، على حد تعبيره.

أما بالنسبة للرسائل التي يريد إيصالها قديح من خلال هذه المسرحية، قال إن الرسالة الأولى هي الوحدة عند المسنين، والهاجس الأول الذي كان يراوده هو ضمان الشيخوخة، وذلك بسبب الوضع المزري الموجود في بلدنا بسبب غياب هكذا إجراءات تحمي وتساعد المواطن عندما يكبر.

وأيضاً، تلقي هذه المسرحية الضوء، إلى أي حدّ ليست هناك أهمية لمن يعملون في المجال المسرحي، وأن المستزلمين للسياسيين يرفضون تقبل الرأي الآخر ومناقشته، فاليوم الفنانون والصحافيون وحتى عامة الناس يُلقى القبض عليهم ويسجنون بدلاً من مناقشتهم وفتح لهم حرية الرأي، فعدنا أسوء من أيام الحرب.

وتابع:" كل ما أريد أن أقوله من خلال هذه المسرحية، إنه في النهاية ليس لنا سوى بعض، وسنعود لنعيش معاً".

وعن مجازفته بعرض المسرحية في هذا الوضع الحساس إقتصادياً وسياسياً، قال جو إن هذا هو الوقت المناسب لعرضها مع المخاطرة التي يخوضها، مضيفاً أن الكل اليوم يخاطر، ومؤكداً أن الحجوزات قبل بدء عرض المسرحية مكتملة لمدة 3 أسابيع، وأن الصالة سيُخصص نصفها للحضور فقط، وذلك لأسباب تقنية، ولإستمرارية العرض، إضافة إلى أن الأسعار رمزية، وقال: "كتبت عبر صفحتي الخاصة أنه من لا يملك مالاً أهلاً وسهلاً به".

وأضاف :"مع العلم أنني أتوقع أموراً قد تحصل خلال العرض، كأن يغادر أحدهم، أو يرمي أحدهم عليّ شيئاً، أو يعترض على العرض، فأنا في العامي 2003 و2008 وصلني الكثير من التهديدات على المسرحيات التي قمت بها، ولكن لم أخف ولن أخف، لأنني لا أخاف من كلمتي".

وعن الثورة تحديداً، قال جو إنها غيّرت أموراً كثيرة، وكل المعادلات في السياسة اللبنانية، مؤكداً أنه في السياسة الحرية والحق في الإختلاف أمر مشروع، ولكن هناك ضرورة لإعادة إحياء لبنان جديد بعيد عن المحاصصة والسرقات وبالعمل السياسي الحقيقي، وليس التسلطي والإحتكاري.

وأيضاً كان لنا حديث مع الممثلة صولانج تراك، التي أشرفت على إعداد المسرحية مع قديح، مشيرةً إلى أن هذه المسرحية هي العمل الأول الذي يتناول الثورة، مضيفة أن بداية تبلور هذا العمل كان من قصة روتها هي عن جدتها لقديح، الذي إستوحى قصة المسرحية منها، ليعود ويكملها بأحداث عن الثورة.

وأضافت تراك أن أهمية هذه المسرحية، كون الشخصية التي تظهر فيها ليست شبابية، ولا تمثل الشباب الذين رأيناهم في الثورة على الأرض متحمسين، ولكن تمثل سيدة مسنّة، لربما هي منسيّة في مجتمعها، وقد عايشت لبنان في أيامه الجميلة وإلى اليوم مع كل تغيراته.

وأكدت تراك، أن المسرحية ليست إنتقاداً لشخص أو جهة معيّنة، ورسالتها مسالمة تقول إنه في النهاية ليس لنا سوى بعض.

الممثلة عايدة صبرا، قالت إن الفنان هو في النهاية إنسان وعليه أن يكون مع ناسه، والفن مصدره من الناس وحياة الناس، ولهذا فهي طبعاً تشجع أية مبادرة تنقل واقع الثورة، إن تبلورت بالشكل الصحيح في الفن.

وعن واقع الثورة حالياً، قالت صبرا، إن أهم ما فيها أن الناس أصبح لديها وعي جماعي، وتعلم حقوقها أين وملمة قليلاً بالوضع الإقتصادي والمعيشي، وكُسر حاجز الخوف، والأهم أن الناس إنفتحت على بعضها وخرجت من طوائفها، وهدفها الأسمى بناء وطن حضاري.