وُلدت صفية الشامية، وإسمها الحقيقي شريفة أحمد قنون، في 3 كانون الثاني/يناير عام 1932 في العاصمة اللبنانية، بيروت.


والدها جزائري الجنسية، أما والدتها فهي تركية، أحبت الفن اللبناني في صغرها وحفظت المواويل والميجانا، وكانت تؤديها بطلاقة منذ أن كانت صغيرة، ولُقّبت بـ"لهلوبة المسرح".

بداية مسيرتها الفنية
حفظت صفية الشامية كما سبق وذكرنا المواويل اللبنانية "على الميجانا" و"بغدادي" و"هيهات يا أبو الزلف"، منذ أن كانت في الثّامنة من عمرها، وإنضمت على اثر موهبتها الكبيرة إلى كورال إذاعة لبنان، وتلقت دروساً في الموسيقى وأصول الأداء على يد محيي الدين سلام، وإستمرت على هذا المنوال حتّى صار لها موعد أسبوعي في الإذاعة.
كان للفنان عبد الرحمن الخطيب فضل كبير على إكتشاف موهبة صفية الشامية، وقد بدأ الأمر معه حين سمعها تغني في عيد ميلاد شقيقتها الكبرى في لبنان، فأحب صوتها وشجعها حتى أنه ألّف أغنيتها الأولى بعنوان "حوّل يا غنام حوّل"، التي حققت نجاحاً كبيراً، ولا زالت تسمع وتغنى حتى أيامنا هذه.



عودتها إلى تونس
بعد إستقلال لبنان قررت عائلتها العودة إلى تونس في عام 1946، فأخذها الفنان حليم الرومي وقدمها إلى مصطفى بوشوشة، رئيس الخدمة الموسيقية في راديو تونس، والذي قرر أن يعرض عليها تغيير إسمها إلى صفية إستناداً الى فنانة تركية كانت شهيرة بهذا الإسم في ذلك الوقت، وهذا ما حصل فكان يناديها صفية هانم، قبل أن تلقّب بـ"الشامية" نسبة إلى بلاد الشام، التي ولدت فيها وعاشت سنوات عمرها الأولى.
غنّت صفية الشامية في الإذاعة التونسية، وكانت أول من غنت أغنية أم كلثوم "غنّيلي شويّ شوي" في تونس، وقد حقّقت هذه الأغنية نجاحاً باهراً.
تعرّفت صفية الشامية خلال عملها في الإذاعة التونسية على الموسيقار صالح المهدي، الذي قدمها إلى عازف الكمنجة والملحن أحمد الصباحي، والذي أصبح في ما بعد زوجها.

في الوقت الذي تعرفت فيه على زوجها، كانت صفية الشامية عضو في فرقة علي الرياحي، التي تحمل إسم "لؤلؤة المصري"، ومن ثم إنتقلت الى الفرقة التي أخرجها قدور الصرفي، ومن ثم إلى تلك التي أسسها زوجها أحمد صباحي.
أمضت صفية الشامية عدة سنوات في باريس، وقابلت محمد الجموسي، الذي كتب وألّف لها أغانٍ، منها "ماهلا كاديك" التي غنياها على طريقة الديو، وأوبريت "فاطمة وحمادة" التي حققت نجاحاً كبيراً.
شاركت على خشبة المسرح في فرقة "الكوكب التمثيلي"، بعد أن عرض عليها محمد لبيب كاتب ومخرج الفرقة الإنضمام إلى الفرقة المسرحية، فلعبت دوراً في مسرحية "مجنون ليلى"، ودوراً آخر في مسرحية "عنتر و عبلة".

أعمالها
تركت صفية الشامية إرثاً فنياً كيبراً بلغ حوالى 600 أغنية، بقيت في أرشيف مكتبة الفن العربي، منها "يا مثيل عرف الياس" و"جارحة قلبي" و"محلا قدّك" و"عالعصفورية" و"لا.. لا.. ما نحبكشي" و"اسمعني شوية" و"التوبة"، وغيرها من الأغنيات التي تميزت بأنها سهلة الحفظ، ولا زالت حتى اليوم مرسخة في عقول محبي فن الزمن الجميل.

تميزها عن فنانات جيلها
في تلك الفترة، كانت المنافسة قوية جداً في مجال الغناء في تونس، خصوصاً مع وجود فنانات مثل شافية رشدي وفتحية خيري، لكن صفية الشامية عملت على أن تتفرد بأسلوب خاص على مستوى أدائها وحضورها على الساحة الفنية.
وعُرفت بأسلوبها الإستعراضي، كما تميّزت صفية الشامية بإتقانها للهجة أهل الشام، التي منحتها لكنة متفردة، تجلت في أغانيها الخفيفة. وقد حاولت الجمع بين جمال الصوت وتقديم الإستعراض على المسرح، إضافة إلى تقديم الطرب للجمهور وإمتاعهم.