في اليوم الـ110 من الثورة اللبنانية، وتأكيداً على شعارها الأساسي الذي إنطلقت به وهو "السلمية"، وإنطلاقاً من العبارة الشهيرة "الإبداع يولد من رحم المعاناة"، نظّمت مجموعات منضوية تحت شعار الثورة يوماً طويلاً، الأحد الماضي في ساحة الشهداء وسط بيروت تحت عنوان "يوم الإبداع اللبناني"، وذلك لتتجلى من خلاله الثورة بوجهيها الحضاري والثقافي في مقابل الفوضى العارمة التي تجتاح البلد، كما أعلن المنظمون.

إنطلاقة هذا اليوم المميّز، كانت عند الساعة العاشرة صباحاً، مع مجموعة كبيرة من الرساميين اللبنانيين والفنانين التشكيليين، من نحاتين وغرافيتي وموزاييك وغيرهم، الذين أبدعوا في رسم لوحاتهم مباشرة من وحي أحداث الثورة وتطلعاتها ومواضيعها، ليرسموا صورة جميلة عن لبنان، تبعث على الأمل بغدٍ أفضل.

إستمرت فعاليات هذه الفقرة حتى الساعة الثالثة والنصف، لتنطلق عندها الفقرة الثانية من هذا اليوم الإبداعي والتي تتمثل بإستضافة عدد من الفنانين والفرق الراقصة والغنائية على المسرح الكبير الذي شيّد للمناسبة في وسط الساحة.
قدم الحفل كل من الممثل اللبناني وجيه صقر والمذيعة لمى لاوند، اللذين رحبا بالمواطنين الحاضرين ووعدا الجميع ببرنامج حافل حتى منتصف الليل، فقدما بعدها رسامين على المسرح، قاما برسم لوحتين مباشرة أمام الجمهور أيضاً من وحي الثورة اللبنانية.
وكشف صقر عن نشيد خاص بالثورة اللبنانية ردده هو والحاضرون، يقول:"نقسم بالله العظيم، أن نستمر بالثورة موحدين، إسلام ومسيحيين، حتى محاسبة زعمائنا الفاسدين، ولنصرة المظلومين، عاش لبنان، عاشت ثورة 17 تشرين".

إنطلاقة الحفل الغنائي كانت مع كورال الفيحاء بقيادة المايسترو بركيف تسلاكيان، ويرافقهم المؤلف الموسيقي د. جمال أبو الحسن على البيانو، فقدموا معاً لوحات فنية معبرة جداً، جمعت بين الصوت الشجي للشابات والشبان مع التي علت في الساحة، مع مشاهد مصوّرة عرضت على شاشة كبيرة وراءهم، أظهرت مشاهد من طبيعة لبنان ومناطقه وأثاره، إضافة لكلمات وعبارات لكبار الشعراء والكتاب اللبنانيين بينهم جبران خليل جبران ونصري شمس الدين.

ثمّ إعتلت فرقة العبادية الفنية المسرح، وقدمت لوحات راقصة من الفلكلور اللبناني، تلتها فرقة الراب "Damar Records" القادمة من طرابلس.

الإطلالة التالية كانت للفنانة اللبنانية فيفيان عازار التي قدمت للمرة الأولى أغنيتها الخاصة بالثورة وتحمل الإسم نفسه، فأشعلت الأجواء، ليطل بعدها الفنان اللبناني علاء زلزلي الذي قدم أغنيتين من وحي المناسبة هما، "طلعت ريحتكن" و"لا للطائفية".

وتوجه زلزلي من على المسرح معتذراً من الحاضرين كونه لن يستطيع تقديم أغنيات أخرى لا علاقة لها بالمناسبة، لكنه وعد بأن يقيم حفلاً خاصاً بالإشتراك مع منظمي هذا اليوم وبالمجان لهم.

وتتابعت فقرات هذا اليوم كما قلنا سابقاً حتى ساعات متأخرة من الليل، بعدد من الفقرات ما بين الرقص والغناء والموسيقى.

وخلال مواكبتنا لهذا الحدث، كان لنا عدد من اللقاءات نعرضها لكم هنا.
الممثل وجيه صقر قدم نشيد الثورة، كما قدم أغنية شارك بها مع الفنان صبحي سعد تضمنت أيضاً القسم المذكور، والأغنية من كلمات أريج ضو وتوزيع شادي ضو.

وعن رأيه بفائدة هكذا نشاطات فنية في الثورة وهل تؤدي إلى نتيجة، قال: "الثورة هي فن بحد ذاته، لأن السياسيين ليسوا معتادين على هكذا ثورات، بل إعتداوا على ثورات الدم التي حصلت في البلاد المجاورة، نحن اللبنانيون لسنا كذلك، ثورتنا ثورة ثقافة، هم من غمسوا أيديهم بالدم وأقاموا الحرب اللبنانية وسرقونا، ونحن نقول لهم إننا لا نشبههم، ولهذا لن يفهمونا".
وللبنانيين قال صقر:"إنضموا لنا، فالثورة باقية لآخر نفس، لأنها مستقبل أولادنا".

المايسترو بركيف تسلاكيان قال إن مشاركة كورال الفيحاء هي مشاركة ضرورية جداً، لأننا ككل اللبنانيين ضدّ الفساد، وهذا اليوم هو رسالة بطريقة حضارية للفاسدين، بأنه عليهم الرحيل والدخول إلى السجون للمحاسبة.
وأضاف: "أتمنى من كل الشعب اللبناني الذي هو ضدّ الفساد أن يكون معنا ويضع يده بيدنا".
وعن طرابلس التي هي منشأ كورال الفيحاء، قال تسلاكيان:"أهل طرابلس أثبتوا أنهم سلميون جداً، وأن طرابلس هي مدينة العلم والعلماء، وإن كان هناك بعض الفاسدين والإرهابيين، لكنهم لا يمثلون طرابلس، بل شوّهوا صورتها في فترة من الفترات".
وأضاف:"نحن نؤمن بأن الأحزاب هي لخدمة الوطن وليست لخدمة الزعماء، وأتمنى على اللبنانيين أن لا ينسوا حضارتهم ولغتهم، والثورة الحقيقية هي على المدى البعيد بالحفاظ على التراث واللغة والتقاليد".

الفنانة فيفيان عازار، إعتبرت أن أغنيتها تعبر عن وجع كل لبناني، وأضافت:"أنا هنا من أجل الشعب اللبناني الموجود في لبنان والمغترب المحروق قلبه، وأغنيتي ليست حزبية، بل هي للشعب اللبناني كلّه".
وطلبت عازار من اللبنانيين أن يتضامنوا كشعب واحد لمحاربة الفساد.

الفنان علاء زلزلي قال للبنانيين: "إن لبنان "كل عمره" أقوى من كل المصاعب والأزمات، وهذه أزمة وستمر ولو كانت صعبة، واللبناني دائماً ما يقع ويعود ويقف مجدداً". أما للسياسيين فقال:"كفاكم إلى هذا الحدّ، إرحموا شعبكم"، وأضاف أننا لسنا بحاجة إلى طلب المساعدة من الدول الخارجية، فلو أن كل سياسي تخلى عن بعض من ملياراته، سيستطيعون إنقاذ لبنان من أزمته".
وأكد زلزلي، أنه قبل أن يكون لديه إيمان بالثورة، فهو لديه إيمان بلبنان، معتبراً أن الأهم هو أن يكون للبنانيين ثقة بلبنان وبوطنيتهم، وتوجه بطلب للناس، قائلاً:"لا تتكلموا بعد اليوم بالأديان والطوائف ولا من أجل زعيم"، رافضاً شتم أي زعيم، بل أن يكون المطلب الوحيد أننا لا نريد الزعماء جميعاً.