"دوام الحال من المحال" ولا شيء يدوم بريقه إلى الأبد، وثمار الفن لا يجنيها إلا من يتربع على عرش النجومية بالتمثيل والغناء حتى وإن ذهبت عنهم الأضواء، فالتأمينات المادية لحياتهم المستقبلية كفيلة أن تجعلهم يستمتعون بما حصلوا عليه من وراء الشهرة والنجومية، ولكن لا ضمان لشيء في هذا المجال وخصوصاً أنه على الجانب الآخر نماذج فنية كثيرة تحمل بداخلها قصصاً حزينة تشكلت مع مرور الأيام، فهناك عدد كبير من الأمثلة لأسماء فنية كبيرة معروفة بالنسبة للجمهور، عانت من الفقر طوال حياتها الفنية إما لإبتعاد الأضواء عنها وقلة العروض عليهم من أعمال فنية، حتى تناساهم صُناع الأعمال الفنية ولم يعودوا ليطلبوا حضورهم بالمسلسلات والأفلام، لتعرض بعضهم للمرض الذي يجبرهم على عدم التواجد بأية أعمال فنية، أو لأنهم لم يجنوا ثروات يؤمّنون بها حياتهم بسبب ضعف أجورهم في ظل الأجور العملاقة التي يحصل عليها من وصفناهم بمن يجنون ثمار الفن.

. موقع "الفن" يرصد أسماء فنية كبيرة تعرضت لوقائع حقيقية ما بين الفقر والمعاناة من أوضاع مادية متردية خلال السنوات الماضية وحتى الآن، كما نكشف لكم عن بعض الأسماء الكبيرة الأخرى التي رحلت بأوضاع مادية صعبة، ومن بينهم ممثل مات على أرصفة شوارع القاهرة ونماذج وأمثلة كثيرة في السطور المقبلة:

تصدّر عمليات بحث "غوغل"
البداية تأتي مع الممثل يوسف فوزي الذي أثار ضجة وجدلاً كبيراً في مصر، وتصدّر عمليات البحث على "غوغل" خلال الأيام الماضية في مصر بعد أن ظهر بفيديو حديث له، يُبيّن مرضه بـ"الشلل الرعاش"، وهذا الأمر الذي أبعده عن التمثيل منذ ما يقارب الخمسة أعوام، فبعد أن كان ظهور يوسف فوزي في كثير من الأعمال الفنية يزيد من قيمتها، نظراً لموهبته الكبيرة في أداء أدوار الشر والشخصيات الجادة التي صنعت نجوميته لدى الجمهور، لم يأتِه عرض فني واحد منذ أن تم تسريب خبر مرضه منذ فترة طويلة، وهو يجلس بالمنزل من دون المشاركة ولو بدور صغير بأي عمل فني، ولكن الفيديو الذي إنتشر خلال الأيام الماضية أثار تعاطفاً كبيراً من جمهوره، وخصوصاً بعد تصريحاته منذ فترة طويلة بإشتياقه للعودة للتمثيل، وكذلك تصريحاته الصادمة بتخلي نقابة المهن التمثيلية عنه مؤخراً، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل إن الممثل المصري يوسف فوزي يعاني أوضاعاً مادية صعبة بسبب توقفه عن العمل منذ سنوات نظراً لظروف مرضه.

كشف طبي بجنيهين
كذلك الممثل سيد مصطفى الذي إنتشرت أخبار حوله خلال الأيام الماضية، بأنه توجّه لأحد المراكز الطبية لمن هم تحت خط الفقر، وواقعة خضوعه لكشف طبي بجنيهين فقط. ورغم نفي الممثل حقيقة هذه الأنباء وكذلك تعرضه لأوضاع مادية صعبة، وسخريته من الخبر الذي أُشيع عنه بسبب شعوره بالإحراج بعد إنتشار الخبر سريعاً، إلا أن من نشر الخبر على صفحته على مواقع التواصل الإجتماعي هو شاب غير معروف، أكّد حقيقة ما رواه وبأن هدفه من الأمرتقديم الدعم والمساعدة للممثل، وليس للتشهير به.

المنتصر بالله
كذلك الممثل المنتصر بالله الذي إبتعد عن الفن منذ سنوات بسبب قلة العروض المقدمة له حتى إختفت تماماً، الأمر الذي جعله يتأثر كثيراً، وخصوصاً بعد مرضه وإلزامه الفراش، وتصريحات زوجته المستمرة بأن لا أحد يسأل عنه من أهل الفن والتمثيل، طيلة السنوات التي تخطت العشر وهو مريض، وعلى الرغم من محاولات لتدخل نقابة المهن التمثيلية من قبل إلا أن الممثل وأسرته أصرا على أن تذهب أموال النقابة لـ"الغلابة" على حد وصفهم، وإكتفى بالعلاج بجهود ذاتية قليلة حتى غاب عنه السؤال هو أيضاً وأصبح يعاني أوضاعاً صعبة.

أسماء مختفية ولا نعلم عنها شيئاً
في الوقت نفسه هناك الكثير من الأسماء الفنية التي إختفت عن الساحة والأضواء والإعلام، وما بين الحين والآخر تتسرب أنباء عنهم بأن أغلبهم يعانون من البطالة والمرض والإبتعاد عن العمل في مجال التمثيل، ومن بين هذه الأسماء من لا نعلم عنهم شيئاً منذ سنوات وأبرزهم عهدي صادق ومحمد فريد ومحمد ريحان وأمل ابراهيم ومحمد خيري وعلاء زينهم وعلي عبدالرحيم.

الموت على رصيف الشارع
وخلال السنوات القليلة الماضية كانت هناك أمثلة على هذا الغرار، أبرزهم الممثل عبدالعزيز مكيوي الذي عاش سنوات على أرصفة شوارع الإسكندرية حتى مات، وذلك بعد تدخل النقابة في أيامه الأخيرة وقد وضعته في دار للمسنين حيث توفي، وهذا نفس ما تعرض له الروائي السوداني "بهنس" الذي مات متجمداً على أرصفة شوارع القاهرة. وكذلك الممثل فؤاد خليل الذي عانى أوضاعاً صعبة قبل وفاته بسبب مرضه، الذي جعله يتوقف عن التمثيل لسنوات، لينفق كل ما يملك على مشوار مرضه الطويل، وكذلك الممثل محمد شرف الذي تنحت عنه الأدوار السينمائية لسنوات بعد أن كان ملك "الإيفيه" في الأعمال الكوميدية، ولكن بعد مرضه إضطر لإنفاق كل ما يملك على مرضه، لينضم بذلك إلى قائمة الفنانين الذين عانوا أوضاعاً صعبة وظروف الفقر، حالهم حال كثير من النماذج الأخرى المعروفة، وأخرى لم تظهر ولكن تصدر عنها تكهنات من حين لآخر.

نجوم الزمن الجميل
ومن أشهر الأمثلة لنجوم زمان الذين عانوا أوضاعاً صعبة وفقراً، الممثلة وداد حمدي صاحبة أشهر أدوار الخادمة في الأفلام السينمائية والتي تعرضت للقتل بهدف السرقة ولم يجد السارق سوى مئتي جنيه فقط في منزله. كذلكالممثل عبدالسلام النابلسي الذي تعرض للإفلاس بعد فرض مبلغ عالٍ عليه للضرائب في مصر وأجبر للعودة إلى لبنان، ومن ثم أعلن البنك الذي كان يضع به أمواله إفلاسه، ولم يترك أية أموال خلفه حتى لإقامة جنازة له. وكذلك الممثل أمين الهنيدي الذي أنفق أمواله على العلاج من مرضه، حتى أن بعد وفاته رفضوا إخراج جثته بسبب مديونيته للمستشفى بمبلغ مالي. والممثل علي الكسار الذي هبطت نجوميته من البطولات إلى تقديم أدوار صغيرة مضطراً لذلك كي يستطيع الإنفاق على أسرته، وأيضاً الممثل عبد الفتاح القصري والممثلة فاطمة رشدي التي توفيت وحيدة في أحد الفنادق بمنطقة شعبية في القاهرة، بعد أن كانت تعمل في التمثيل وتحلم بأن تمتلك شقة سكنية لها. وزينات صدقي التي توفيت ولم تكن تمتلك وقتها سوى قوت يومها، وغيرها من الأسماء التي كان أبرزها الممثل الكبير إسماعيل ياسين وقصته المعروفه في توجهه للإنتاج وتعرضه للإفلاس، ومن ثم قبوله أدواراً صغيرة أنهت نجوميته وجعلته يموت فقيراً.

وفي النهاية يود موقع "الفن" التأكيد على أن طرح موضوع فقر الممثلين والظروف الصعبة المادية التي تعرض لها بعض الأسماء الفنية الكبيرة ممن رحلوا عن عالمنا أو ما زالو على قيد الحياة، لم يكن الهدف منها سوى إعطاء جرس إنذار جديد للنقابات الفنية التي من المفترض أن ترعى الفنانين وتدافع عن حقوقهم، وأن تقدم الحلول لدعم الأسماء الفنية التي تعاني من قلة إهتمام النقابات بهم ومراعاة مرضهم وأوضاعهم المادية الصعبة، ولتجنب أن تدخل أسماء فنية أخرى القائمة وليس لأية أغراض أخرى تتعلق بالتشهير بأية أسماء ممن تم ذكرها بالسطور الماضية.