دائماً ما تحاول أن تجعل إختياراتها الفنية مختلفة، وقد أثبتت ذلك يوماً بعد يوم حتى في الخطوات الفنية الجديدة التي قد يراها البعض مغامرة لا يجب الإقتراب منها، ولكن إيمانها بضرورة التنوع والإختلاف هو ما يدفعها للقيام بأية أفكار فنية جديدة عليها حتى أنها شاركت مؤخراً ببطولة فيلم كرتوني مصري وهو "الفارس والأميرة"، الذي عُرض مؤخراً في مهرجان الجونة السينمائي، ومن المُقرر عرضه قريباً بدور العرض السينمائية.. هي الممثلة لقاء الخميسي التي تتحدث لـ"الفن" عن كواليس وتحضيرات فيلم "الفارس والأميرة" والتجربة بشكل عام، وعن الحديث بالفصحى، ورأيها في إندثار هذه النوعية من الأفلام وتأثيرها على الأطفال والفئات العمرية الصغيرة، وعن تأسيسها لفرقة موسيقية جديدة، ورأيها في السينما الواقعية كما يُلقبها البعض، وموقفها من ظواهر السوشيال ميديا مثل السخرية والإهانات التي يتعرض لها المشاهير، والكثير من التفاصيل في اللقاء التالي معها:

في البداية.. قدمتِ شخصية الراوي بفيلم كرتوني الذي يحمل اسم "الفارس والأميرة" وهي مغامرة كبيرة بالنسبة لكِ، فكيف كانت كواليس قبولك وتحضيرك لهذا العمل؟

هي مغامرة بكل تأكيد ولكنها محسوبة ودقيقة للغاية، وخصوصاً أن النص المكتوب حينما قرأته إنجذبت له للغاية، فضلاً عن رغبتي في دعم شقيقي "هيثم" كعمل يُقدم فيه الموسيقى التصويرية الخاصة به، وهذا المشروع عمره سنوات طويلة، وخاصة أن السيناريست بشير الديك كانت تجمعه بوالدي صداقة كبيرة، وتابعت ولادة هذا العمل منذ سنوات طويلة كحلم أريد تحقيقه بالنسبة لي، كما أنني تحمست لهذا المشروع كأول فيلم كرتوني مصري يتم تنفيذه بأيادي مصرية.

وهل كان أداء دور الراوي بـ"الفارس والأميرة" أمراً صعباً عليكِ وخصوصاً لأنه كان بالفصحى؟

لا أجد صعوبة في الفصحى وخاصةً أنها اللغة الرسمية التي يجب أن أكون مُلمة بكل تفاصيلها، حتى وإن لم أكن قدمت أعمالاً أتحدث فيها بالفصحى، ولكن هناك عوامل ساعدتني في تخطي هذا الأمر بمنتهى السهولة، أولها أنني كنت أعيش خارج مصر في طفولتي والحديث كان بالفصحى في أغلب الأحيان، ومن ثم في فترة دراستي بالمعهد العالي للفنون المسرحية والتي ساعدتني على تقديم أعمال مسرحية خالصة بالفصحى، فلقد قدمت وقتها عدة أعمال مسرحية على هذا الغرار ومن أهمها "هاملت".

على صعيد السوق السينمائي وحسابات الجمهور، ألم تضعي في حساباتك أن الجمهور الحالي لا يُحبذ الأعمال التي يتم الحديث فيها بالفصحى مثل "الفارس والأميرة"؟

ردود الأفعال عند عرض فيلم "الفارس والأميرة" بالدورة الثالثة من مهرجان الجونة السينمائي كانت جيدة للغاية، ووجدت إشادات كبيرة على دوري في هذا العمل، ولكن بالنسبة لحسابات السوق وأذواق الجمهور وخصوصا أن العمل كله يتم الحديث فيه بالفصحى هي مغامرة، وخاصةً أن الجمهور غير معتاد عليها في الأعمال الفنية، ولكنني أعتبر هذا العمل هو دعوة للإهتمام بلغتنا العربية التي من الضروري ألا ننسى أنها لغة القرآن الكريم، ولغتنا العربية السامية التي يجب أن نعتز بها دائما.

وكيف ترين تراجع إنتاج أفلام الكرتون في لبنان والدول العربية، هل هي مسألة إنتاجية؟

أعتقد أنها مسألة إنتاجية بكل تأكيد وخصوصاً مع الميزانيات الضخمة التي تحتاجها هذه النوعية من الأعمال لتقديمها، فضلاً عن أن أفلام الكرتون عندما كنت أنا طفلة كانت تحمل رسائل بريئة للأطفال لم تكن تتعدى حدود قدراتهم العقلية وقتها، ولكن مع الإنفتاح والثورة التكنولوجية التي نعيشها في الوقت الحالي أصبحت أفلام الكرتون تحمل معانٍ أكبر وفوق قدرات الطفل في الوقت الحالي، وهذا ما إستشفيته من خلال متابعتي لأفلام الكرتون مع أبنائي.

ولماذا قررتِ غناء تتر فيلم "الفارس والأميرة" والذي يحمل إسم "مفيش مستحيل" وهي مغامرة ثانية بالنسبة لمشاركتك في هذا العمل؟

أعجبتني معاني الأغنية والتي تؤكد أنه ليس هناك مستحيل في هذا العالم، وأحداث وفكرة الأغنية مستوحاة من قصة العمل بشكل عام، والحقيقة أن ما شجعني وجعلني أتخذ قرار غناء تتر الفيلم هو شقيقي "هيثم" الذي وجدت منه إصراراً كبيراً على غنائي تتر الفيلم، والحمد لله الأصداء كانت جيدة للغاية عندما سمع الجمهور غنائي أغنية الفيلم وبعدما تم عرضه بمهرجان الجونة السينمائي في دورته الأخيرة.

إنطلاقاً من فكرة أغنية "مفيش مستحيل"، فكيف ترين الأحلام وكيفية تحقيقها في الوقت الحالي بالنظر للضغوطات والصعوبات الموجودة حالياً لتحقيق كل شخص لحلمه الذي يراوده؟

الأحلام لا يمكن أن نُحققها أو نصنعها بسهولة وهذا أمر بديهي للغاية، ولكن من الضروري أن يكون الإنسان مُثابراً وساعياً تجاه تحقيق حلمه الذي يراوده، وأحببنا توصيل هذه الفكرة من خلال أغنية "مفيش مستحيل"، فكل كلمات الأغنية شعرت بأنها تمسني بشكل كبير وكذلك الرسائل العامة الموجودة بالفيلم جعلتني أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه الجيل الجديد الذي يتم توجيه العمل له بشكل عام.

صرحتِ منذ فترة برغبتك في تكوين فرقة غنائية خاصة بكِ تُعبّر عن أفكار غنائية جديدة للشباب، فماذا عن هذا المشروع؟

أعتقد أن الجيل الجديد أصبح يحتاج لنوعية جديدة من الموسيقى تتلاءم مع أفكاره، ولكن من الضروري إختيار الكلمات المناسبة التي يتم تقديمها للجمهور بشكل عام، وخصوصا أن الجيل الجديد واعٍ ومثقف وذكي بشكل كبير، وما يجذبه في المقام الأول هي كلمات الأغنيات قبل اللحن أو التوزيع، لذا فأنا في طريقي لتنفيذ هذا المشروع الذي أحلم به بتكوين فرقة موسيقية تُعبر عن أفكار الشباب والجيل الجديد.

وما أكثر السلبيات التي تجدينها في المجتمع وتضع بداخلك طاقات سلبية؟

أعتقد أن غياب الأخلاق لدى البعض هو العامل الأكبر الذي يجعل أي شخص يشعر بالإحباط، فضلاً عن عدم تقديرنا للأشياء ذات القيمة من حولنا، وظاهرة السخرية التي أصبحت عادة سيئة والتدقيق في حياة الأشخاص من حولنا تشعرني بطاقة سلبية كبيرة، فأنا أتمنى أن يُصلح كل شخص نفسه وذاته أولاً قبل أي شيء.

برأيك..هل ترين أن السينما تتسم بالواقعية حالياً وخصوصا أن هناك بعض الأفلام التي ترصد واقعاً مسيئاً للمجتمع المصري ويبررون ذلك بأنه الواقع من دون تجميل؟

لست ضد الأفلام التي تنقل الواقع من حولنا، ولكن علينا أن نجعل هناك توازناً ما بين القبح والجمال حتى في أعمالنا الفنية، فمن الضروري أن تكون هناك أفلام تُبرز جمال الحقبات الزمنية في تاريخ المجتمع المصري أيضا في مواجهة الأعمال التي تنقل الواقع كما يذكرون، كما أنه حينما تكون هناك أعمال فنية تتحدث عن حقبات زمنية قديمة تجد إنجذاباً كبيراً من الجمهور تجاهها، وخصوصا أن الجمهور أصبح يريد مشاهدة عناصر الجمال والفترات الزمنية التي تُشعرنا بالحنين إليها من دون القبح أو تقديم سلبيات الواقع في الأعمال الفنية.

وهل الفنان يُعاني من نظرة الناس السطحية له في كثير من الأحيان؟

بالطبع.. يعاني الفنان من نظرات سطحية من بعض الناس والتنظير على حياتنا وإطلاق أحكام مُسبقة من دون تدقيق، لكل شيء في هذا العالم ضريبة، فالشهرة والنجاح وكل هذه الأشياء الجميلة لها ضريبة ونحن ندفع ثمنها دائماً، في الوقت الذي قد يعيش بعض الأشخاص حياة بسيطة قد نتمناها نحن في كثير من الأحيان.

مواقع التواصل الإجتماعي هي أكثر ما تجعل الفنان يتعرض لظاهرة السخرية والإهانة والتجريح في كثير من الأحيان، فكيف تتعاملين مع مثل هذه الأمور؟

لست وحدي من أتعرض لهذه الأمور بل إن كل المشاهير يتعرضون لذلك، وكثيراً ما أجد نفسي أحاول التصدي لهذه الظواهر المرعبة التي أتت إلينا نتيجة الإنفتاح على مواقع التواصل الإجتماعي، وفجأة أُقرر التراجع ولا أرد لسبب واحد فقط وهو أنني مُقتنعة أن كلامي لن يغير شيئاً، فلو أن كلامي سيغير شيئاً فما كان هؤلاء الساخرون تحدثوا من البداية أو سخروا ضدي أو ضد غيري.

وفي النهاية.. لماذا لا تؤمنين بفكرة أن الفنان قدوة لجمهوره؟

لأن كل شخص في هذا العالم هو قدوة لذاته من دون أن يضع شخصاً آخر قدوة أو مثلاً أعلى له، وأتمنى أن يترك كل الناس بعضهم البعض من دون سخرية، ولا يقيموا أنفسهم أهم من غيرهم، فكما يرغب الجميع في حرية في الرأي والتعبير يجب أن نلتفت أن الحرية أساسها عدم المساس بحياة الآخرين الخاصة، والفنان ليس معصوماً عن الخطأ بل هو إنسان طبيعي مثل بقية الناس.