على الرغم من الحس الفكاهي الذي يملكه الممثل اللبناني أندريه أبو زيد وتقديمه للعديد من الأدوار الكوميدية، وكذلك الأغنيات الساخرة عبر فرقته الخاصة، إلا أن من قرر حضور مسرحية أبو زيد الجديدة "جدار" سيتعرف على ممثل جديد ليس أبو زيد الذي يعرفه.

في "جدار" يتنقل أبو زيد بثماني شخصيات على خشبة المسرح بإنسيابية ومرونة مطلقة، شخصيات تركيبها الدرامي مختلف عن بعضه البعض، منها المتسلط ومنها المظلوم ومنها الساخر ومنها غير المبالي ومنها المريض والذي يواجه آخر ساعات حياته قبل إعدامه، يجسدها أبو زيد على المسرح بكل إقناع وتمرس، ويجعلك تعيش ظروف كل شخصية وحالتها وتندمج معها.

برهن أبو زيد في العمل أن "جدار" هي بمثابة غرفة عمليات ولد فيها ممثل مبدع من جديد، فعلى الرغم من كل الأدوار التي قدمها سابقاً في "خمسة ونص" و"محرومين" وغيرهما من الأعمال، إلا أن أبو زيد برهن للجميع أنه طاقة إبداعية مميزة تتطور وتسعى من الدراما للمسرح للغناء ليحصد النجومية.. تلك النجومية التي بالفعل يستحقها أندريه أبو زيد والتي ستكون قريبة منه جداً بعد "جدار"، التي حضرها عدد من الممثلين كتقلا شمعون وزوجها المخرج طوني فرج الله والإعلامي زافين قيومجيان وغيرهم.

موقع الفن كان حاضراً في عرض مسرحية "جدار" في مسرح الجميزة، وكان لنا مع أندريه أبو زيد اللقاء التالي:

لماذا جدار اليوم؟

جميعنا ندخل بجدار "من منا ما فيت بحكي بحياته"، هذه المسرحية عبارة عن رواية لجان بول سارتر كتبها قبل 80 عاماً تتكلم عن الثورة الإسبانية التي صمدت 3 سنوات، يعني أنت اليوم أمام نص قوي، حولته من رواية الى نص مسرحي مونودراما أجسد فيه 8 شخصيات على خشبة المسرح.

القصة تحكي عن مُعتقل في إسبانيا كان في السجن مع زميليه، وكان ينتظر أن يكون إلى جانبهما على الجدار كي يتم إعدامه رمياً بالرصاص، لكنّ شيئاً ما يحدث معه ويتغير كل شيء.

الناس إعتادوا عليك بالشخصيات الكوميدية في "الدراما" اليوم سيشاهدون أندريه بوجه آخر ماذا تقول لهم؟

العالم يعيشون صدمتين، أولاً عندما يرون أندريه بعيداً عن الدراما، والصدمة الثانية عندما يجدون أنهم أحبوا أندريه في التراجيديا. واليوم ثاني عرض أقدمه من المسرحية إذ سبق وقدمت قبل أيام العرض الأول في مسرح المدينة في بيروت، وأستعد لثلاثة عروض في مناطق مختلفة في لبنان، وبالفعل كانت الأصداء كبيرة جداً فبعد العرض الأول وصلتني رسائل نصية وإتصالات من الكثير من الأشخاص والمسرحيين الذين شاهدوا العرض الأول وجميعها كانت إيجابية للغاية، وصدقاً كانت كلماتهم تجعلني أبكي من شدة تأثري بما قالوا عن أدائي وعن العمل ككل، وكيف تمكنت من تحويل نص لجان بول سارتر إلى نص مسرحي سهل.

هل خانك موعد العرض خاصة أننا نعيش أجواء الأعياد والناس مشغولة بأزمات إقتصادية وسياسية؟

سبق وذكرت أن المسرحية كانت عبارة عن مشروع تخرج كتبته قبل 13 عاماً عندما كنت أتخرج من الجامعة اللبنانية (قسم المسرح)، وتحديداً في نيسان/أبريل من العام 2006 وكنت أطمح لعرضها لكنني كنت دوماً أنشغل، الى أن أتت مبادرة مسرح المدينة بفتح الأبواب فتحمست وتحمست معي المشرفة على العمل والمدربة على التمثيل الممثلة عايدة صبرا التي ساعدتني بشكل كبير، وأحببت أن أقدم العمل وبالفعل وجدت أن هناك جمهوراً كبيراً يحب أن يشاهد المسرح وبالفعل قدمتها وكان العرض الأول على قدر التوقعات وأكثر.

وقبل الثورة والأزمة السياسية والأمنية التي نعيشها كانت هناك نهضة مسرحية مميزة، ووجدت أن هناك عملين أو ثلاثة أعمال ضمن المسرح التجريبي كانت تعرض وتلقى رواجاً، بالإضافة للأعمال المسرحية الكوميدية فقررت أن أعرض العمل، وكان قراري أن تكون أسعار البطاقات بمتناول الجميع، وصدقاً لم أقدم العمل لجني الأرباح بل لأنك تعلم جيداً أن هذا المجال يتأثر دوماً بالحالة السياسية والأمنية، فهو أول من يتأثر وآخر من يتعافى، ونحن كفنانين لا يمكننا أن نبقى بلا عمل، الفنان عبارة عن طاقة كبيرة إذا لم تخرج منه بعمل فسيشعر بالموت، وأشكر مسرح الجميزة والممثل جو قديح والممثلة صولانج تراك على وقوفهم الى جانبي.

قبل سنوات كان المسرح التراجيدي والمونودرامي -وإذا صح القول البعيد عن الكوميديا- محصوراً بشخصيات معينة يحضرها جمهور معين، دخول اليوم أندريه أبو زيد وقبله زياد عيتاني والعديد من الممثلين المؤثرين بالجمهور والقريبين منهم أعطى زخماً لنهضة المسرح التي شهدناها في السنوات الأخيرة؟

مواقع التواصل الإجتماعي تؤثر بشكل كبير، بالسابق لكي تعرف أن هناك مسرحية ستعرض كان عليك أن تبحث في المجلات والصحف، وكانت الصحف والتلفزيونات تحكي عن شخصيات محددة لأنها معروفة، لكن اليوم يتم التسويق للأمور بشكل مختلف فهناك "بلوغرز" وأشخاص مؤثرون يروجون لأي عمل كان بطريقة مثالية للغاية، ونحن كممثلين نروج لأعمالنا عبر حساباتنا وبالفعل الجمهور يتابعنا ويحب أن يشاهدنا.

البعض عندما نشرت صوراً عبر حسابي عن العرض الأول للمسرحية بدؤوا يسألون عنها، وتفاجؤوا كيف أن أندريه يقدم مسرحية تراجيديا وبصورة مختلفة وقرؤوا تعليقات من حضروا العرض وتحمسوا، وقرروا حضور العروض المقبلة، ما حصل بحد ذاته كان تسويقاً لنا وللمسرح بشكل عام فلقد أصبح أقرب للناس.

كيف تصف الأصداء؟

صدقاً كل ما عملته منذ العام 2003 عندما بدأت بالعمل الفني إلى اليوم، الجميع راض عنه، لكن ما قدمته في المسرحية اليوم كان شيئاً كبيراً جداً "ومش مصدق أني وصلت لهون، وأنا بعتبر إنه أنا هلق بلشت بالشغل".

هل من الممكن أن تفتح "جدار" لأندريه أبو زيد مجالاً أكبر في الدراما؟

لم أضع أي توقع عندما قررت تقديم العمل، أنا بالنهاية أطور نفسي وأعمل على كل إمكاناتي، أنا ممثل والسلعة التي أقدمها هي التمثيل، لدي تجارب كوميدية في الدراما نجحت بشكل جيد، واليوم على المسرح نجحت وقدمت صورة عن أندريه مختلفة وبعيدة عن الكوميديا، وهذا الشيء يضيف لسيرتي الذاتية وكل من يريد العمل معي أصبح يتعرف علي من كل ما قدمت، وعندما يشاهد سيعرف إمكاناتي وسيؤثر على قرارهم بالعمل معي.

بالنهاية أي ممثل إن كان صاعداً أو مخضرماً فإن عشقه أن يراه عدد كبير من الجمهور لكي يطلبوه لتجسيد الأدوار، نحن بالنهاية نسعى بعملنا ولتطوير نفسنا للظهور بشكل أكبر.

قلت لي إن المسرحية تحكي عن الثورة الإسبانية هل تتقاطع اليوم مع الثورة اللبنانية؟

أؤكد للجميع أن المسرحية ليست موجهة للأشخاص المؤيدين لثورة 17 تشرين الأول، بالعكس هي موجهة لأي شخص لأنها تحكي عن حتمية الموت والحياة وكذلك الظروف والتحولات التي من الممكن أن يقع بها أي شخص.

لست طرفاً في المسرحية بوجه أي أحد، ولا توجد فيها إسقاطات على الواقع اللبناني أبداً، هذه المسرحية قررت عرضها في آذار/مارس لكنني عدت وقدمتها حالياً بسبب مبادرة مسرح المدينة، كما ذكرت لك سابقاً.

هل تحضر لأعمال درامية جديدة؟

تعلم أنت الوضع في لبنان اليوم غير مؤاتٍ للعمل الدرامي، الجميع متوقف عن العمل بسبب الأحداث وأنا من هؤلاء، وأنتظر أن تتحسن الأمور كي تنعكس على الوضع الفني، ونعود وننطلق من جديد بالواقع الدرامي كما كنا في السنوات الماضية.

بعد مسلسل "محرومين" الذي حققت من خلاله نجاحات مميزة إذ كنت من أبطاله الأساسيين، ركزت على عملي في الإنتاج والدوبلاج، من ثم حللت ضيفاً على مسلسل "خمسة ونص"، وكانت الأصداء أكثر من رائعة خاصة أن الدور كان يحمل نكهة مميزة، هذه المشاركة مع نجوم كبار تسعدني جداً خاصة أنها تركت أثراً عند الجمهور.

من يظلم الممثل الموهوب في لبنان.. غياب الكاستينغ أو مصالح شركات الإنتاج؟

إجمالاً لا يوجد كاستينغ في لبنان، وشركات الإنتاج همها أن تتمكن من بيع الأعمال التي تنتجها فتقوم بإختيار أبطال قادرين على تسويق العمل بأسمائهم، أما الأدوار الثانوية فتخضع للكاستينغ.

شاهدنا في رمضان الماضي في مسلسل "إنت مين" و"الهيبة" و"خمسة ونص" تحديداً، أن هناك عدداً كبيراً من الممثلين من خريجي الجامعة اللبنانية من عايدة صبرا إلى محمود كحيل وسعيد سرحان وغيرهم، تصور هذا العدد الكبير وتصور كم توجد مواهب لبنانية مميزة، أعتقد أن في رمضان الماضي تم إنصاف تلك المواهب في الأعمال التي ذكرتها، وهؤلاء الممثلون أثتبوا جدارتهم وهذا يعني أننا نملك القدرات الكبيرة ونثبت أنفسنا شرط أن يكون لدينا الفرصة، لذا على شركات الإنتاج أن تنتبه لهؤلاء وللمواهب بشكل عام.

أنا على صداقة مع الجميع لكنني لست ضمن فريق أية شركة إنتاج وهذا للأسف واقع نعيشه، في لبنان بعض المواهب مظلومة لأنها ليست ضمن هذا الفريق أو ذاك، يحصل الكثير من الظلم في لبنان في هذا المجال.