لأول مرة في الشرق الأوسط وبأضخم إنتاجات الدراما التلفزيونية وعلى طريقة "صراع العروش" و "أرطغرل"، أثار مسلسل "ممالك النار" جدلاً كبيراً وصل للصحافة العالمية بميزانية عادلت الــ40 مليون دولار لإنتاجه، بالإضافة إلى الإستعانة بكوادر فنية من أكثر من 18 جنسية مختلفة لصناعة عمل فني بمعايير عالمية، جعلت إنتشاره سهلاً منذ اللحظات الأولى التي أعلنت فيها الجهة المنتجة عن تقديم المسلسل، الأمر الذي جعل الجميع يتحدث عن التجربة بشكل عام والإبهار الذي حدث فيه كجانب فني متميز، ولكن هناك آراء أخرى أثارت الجدل حول العمل وتحدثت عن الأخطاء التاريخية التي لازمته، وخصوصاً عبر الإستعانة ببعض المؤرخين عن عصر المماليك والذين غالطوا بعض الأحداث التي جاءت في سياق الأحداث، وبشكل خاص طريقة إعدام "طومان باي" والكواليس التي أعقبتها.

. "الفن" تطرق للحديث مع أبطال العمل عن التجربة بشكل عام وأدوارهم وكيف شاركوا فيها والكواليس وتفاصيل كثيرة في السطور المقبلة:

أحداث صحيحة
في البداية تحدثنا مع مؤلف المسلسل الكاتب المصري محمد سليمان عبد المالك والذي أكد على أنه كان يتوقع هذا الجدل الذي أحدثه المسلسل منذ اللحظة الأولى، وحتى من إتهموا العمل بمخالفته وقائع تاريخية، حيث يوضح قائلاً: "كنت أعرف هذا الجدل الذي حدث كله، ولكن ما أريد أن أقوله إن مهمتي ككاتب دراما تختلف عن مهمة المؤرخ في كتابة عمل تاريخي، فالهدف من العمل طرح الوقائع التاريخية التي أوردها بشكل مناسب يضمن للجمهور إعادة التفكير والبحث وقراءة تاريخ فترة المماليك، وهذا ما حدث بالفعل في تصدر العمل عمليات البحث على الإنترنت والسوشيال ميديا حتى أنه إعتبر أنه كسر بعض القيود لدى البعض في إعادة قراءة التاريخ من عدة زوايا، ومن هاجموه هم متمسكون بفكرة الدولة العثمانية".


وتابع محمد سليمان قائلاً: "لم نكتب أحداث المسلسل من خيالنا ولكننا إعتمدنا على وقائع تاريخية وكتب كثيرة لقراءة ومعرفة والتدقيق بتاريخ هذه الفترة، لذا أعتقد أن كافة الأحداث التاريخية التي جاءت في العمل صحيحة ولم يتم تحريف التاريخ كما ذكر البعض، إنما كانت هناك مراجع كثيرة إعتمدت عليها في كتابة هذا العمل، وكنت أتمنى كتابة عمل تاريخي منذ فترة طويلة ولكن كان يعوقني الإنتاج السخي الذي يُحضّر لتقديم أفضل خطة إنتاجية تساهم في نجاح العمل، وهذا ما حدث في تلاقي كل فريق مسلسل "ممالك النار"، وسعيد بما أحدثه المسلسل من ردة فعل وأصداء إيجابية للغاية".

جنسيات مختلفة
التدقيق والملاحظة الشديدة على تقديم الصورة الإخراجية بأبهى شكل ممكن جعلت هناك ثلاثة مخرجين يتولون إخراج أحداث المسلسل، وهم البريطاني بيتر ويبر والاسباني أليخاندرو توليدو والسوري عزام فوق العادة الذي تولى مهمة إخراج مشاهد المعارك والأكشن، مؤكداً على أن "كل مشهد ولو كان صغيراً جاء في الأحداث أعقبته جلسات عمل تحضيرية ودراسات مستمرة لتقديمه بأفضل شكل ممكن، بالتعاون مع خبراء متميزين داخل العمل على صعيد كافة النواحي الفنية المختلفة".
هذا وأشار عزام فوق العادة إلى أن وجود جنسيات مختلفة من دول متنوعة في العالم، هو أمر مفيد لتلاقي خبرات مختلفة بصناعة الفن الذي لم يعد منغلقاً على نفسه بأية دولة في العالم، فالكل كان يعمل على هدف واحد لتقديم أفضل شكل ممكن لعمل فني مهم مثل "ممالك النار"، وخصوصاً بعد توفير كافة الإمكانيات، الصغيرة والكبيرة، لكل العاملين بالمسلسل، معرباً عن سعادته بالنجاح الكبير الذي حققه.

إعطاء الفرصة لأبطال آخرين
أما النجم السوري رشيد عساف فتحدث لـ"الفن" عن إمكانية إعطاء الفرصة لكل الكوادر الفنية التي شاركت في صناعة هذا العمل، للظهور إعلامياً من دون التركيز على أبطال المسلسل المعروفين فقط في الوطن العربي، مؤكداً على الجهد الكبير المبذول حوله، بداية من ناحية إنتاجه ومروراً بكل المراحل الفنية. وبالحديث عن تفاصيل شخصية "قانصوه الغوري" عم "طومان باي" فيؤكد أنه لا يستطيع الحديث عنها، لأن مهنته هو تجسيد الشخصية المكتوبة بالسيناريو بأفضل شكل ممكن، معرباً عن سعادته بالأصداء التي حققها العمل.

ردود أفعال وقت التصوير
كشف معتز هشام، الطفل الذي قدم دور "سليم الأول" في طفولته، عن سعادته بتجربة "ممالك النار" بشكل عام، مشيراً إلى أنه سبق وشارك بمسلسل "أبو عمر المصري" مع النجم أحمد عز، ومنذ مشاركته أحب العمل بمجال التمثيل ولديه الرغبة الكبيرة في الوصول لمدى بعيد محلقاً في سماء الفن، وأكد معتز على أنه لم يكن يتوقع ردة الفعل الكبيرة التي أحدثها ظهوره بمسلسل "ممالك النار"، وقال: "بدأت أكتشف ردود الأفعال الأولى من خلال الإخراج ومدير التصوير وكل من كانوا يشاهدونني أقف أمام الكاميرا وأمثل، ومن ثم أنظر في وجوههم وأستشعر ردة الفعل بسعادتهم بي وقت أدائي المشاهد، والكواليس كانت رائعة والجميع كان متعاوناً وشجعوني على الشخصية، وهذا سبب إصراري على حضور الممثل خالد النبوي لمشاهدة آخر مشهد لي بالمسلسل وسعيد بذلك، وكذلك الممثلة نادين تحسين بيك التي جسدت دور والدتي في العمل، والتجربة كانت رائعة بكل المقاييس".

إنفعالات ذهنية وجسدية وحسية
أما النجم السوري محمود نصر فيؤكد على سعادته الكبيرة لتقديم شخصية "سليم الأول"، مُشيدا بالتجربة بشكل عام والتي وصفها بالغنية، موضحاً لنا كيف جاء له دور "سليم الأول" بـ"ممالك النار" وقال: "كل ممثل من خلال تجاربه الفنية التي يقدمها تُبنى لديه الكثير من الإنفعالات الذهنية والجسدية والحسية، ولا بد أن يستفيد من كل تجربة ويخزّن منها للإنتقال لدور آخر وبمكان مختلف عما سبقه، فليست هناك قاعدة معينة ولكنني قدمت أعمالاً تاريخية من قبل، أعتقد أنها كانت الطريق لتقديم دور سليم الأول بمسلسل "ممالك النار"، وحينما عرض الدور علي وقرأت الشخصية، أعجبتني المشاركة في عمل فني ضخم مليء بالكثير من الفنانين والعاملين بالصناعة من دول كثيرة مختلفة".
واضاف محمود نصر، قائلاً: "الترتيبات كانت مرهقة للغاية من الصباح حتى نهاية اليوم بكل النواحي التحضيرية سواء ركوب الخيل مع مدرب متخصص أو لناحية التحضير للملابس، ومن ثم مكياج الشخصية التي إستغرقت وقتاً طويلاً للوصول لأفضل نتيجة ممكنة حتى أعدنا تغيير المكياج لأكثر من خمس مرات، وأعتقد أن هذه التجارب التي من الضرورة أن يخزنها الممثل هي التي توصله لمثل هذه الأدوار والأعمال الكبيرة، فمجموعة الأعمال التاريخية التي شاركت بها من قبل أعتقد أنها بنت لي سلماً للوصول للمشاركة بمسلسل "ممالك النار".

تجربة متكاملة
وفي النهاية أكد الممثل المصري عبد الرحيم حسن، الذي قدم دور الطبيب "عبد الكريم الحسيني" ضمن أحداث "ممالك النار"، على سعادته بهذه التجربة التي يصفها بالمتكاملة إنتاجياً وفنياً ومن كل النواحي الخاصة بصناعة هذا العمل، الذي يؤكد على أصدائه الطيبة التي إنتشرت حول العالم، واشار إلى أنه قد سبق وشارك بأعمال تاريخية كثيرة أفادته في المشاركة بـ"ممالك النار" حيث إجادته الحديث بالعربية الفصحى والتعامل مع مثل هذه الأعمال التي كانت له تجارب سابقة فيها وحقق من خلالها النجاح".