حين تلتقي جوقة رائدة في أداء الترانيم والأغنيات الميلادية بجامعة عريقة ذات إرث موسيقي ماروني كبير، ستكون النتيجة حتماً إبداع فيه الكثير من الأصالة والعراقة.


هو رسيتال لا يشبه أي رسيتال آخر، فالمرنمون هم من جوقة نسروتو، هذه الجوقة التي في رصيدها عدد كبير من النجاحات في لبنان وخارجه، وخصوصاً حين رنمت الجوقة في كاتدرائية مار توما الحبرية في المقر الصيفي لقداسة ​البابا فرنسيس​ في الكاستل غاندولفو في ​إيطاليا​، أما المسرح الذي إحتضن هذا الرسيتال، فهو مسرح جامعة الروح القدس، التي تعتبر منارة ثقافية في العلم والموسيقى، فآباؤها وضعوا ألحاناً كثيرة ومتقنة جداً لنصوص من الليتورجيا المارونية، وتُعتبر هذه الألحان كنزاً ثميناً يجب المحافظة عليه.

بدعوة من جامعة الروح القدس USEK فرع زحلة، أحيت جوقة نسروتو الأناشيد بقيادة الأب مروان غانم رسيتال عيد الميلاد، بمشاركة العازفين روجيه كرموش على الأورغ وأستاذ العود عبود زينو على العود، أستاذ الكمان جورج عاصي وأستاذ الغيتار ناجي سربوخ من التغطية السابقة، قدمت الرسيتال رئيسة التحرير هلا المر، هندسة صوت ميشال عشقوتي وبتغطية من موقع "الفن" و"تيلي لوميار".
لحوالى الساعة ونصف الساعة رنمنا مع جوقة نسروتو، وأبدع المرنمون في أداء أجمل وأصعب الترانيم والأغنيات الميلادية، بين الأداء الجماعي والترنيم والمنفرد وترنيم بتقنية الأربعة أصوات، فكان رسيتال مميزاً جداً أبهر كل من كان حاضراً.

في البداية كانت كلمة الإعلامية هلا المر التي قالت :"لطالما كنا نتمنى أن تكون جامعة الروح القدس موجودة أيضاً في زحلة، هذه المدينة المسيحية الأكبر في الشرق، والتي تنير العالم، وتعكس حضارة لبنان لجميع أنحاء العالم، زحلة التي فيها الكثير من النوابغ والأدمغة والمفكرين. أشكر جامعة الروح القدس الكسليك على وجود الجامعة هنا في زحلة، وهي الجامعة التي خرّجت الكثير من المبدعين، ومنهم رئيس جمعية نسروتو الأب مروان غانم ومديرالجامعة في زحلة الأب مروان عازار".

وأضافت :"بتأمل صغير بعيد الميلاد، وجدت العذراء مريم تقف خلف يسوع، ولكي يمشي يسوع ويقوم برسالته كانت العذراء مريم تمسكه حين كان صغيراً وتسمع منه ما يقول، وهي بعدها دافعت عنه، وكم تغيرت الأزمنة منذ مجيء المسيح إلى الأرض ولغاية اليوم، حيث أصبح الناس يقفون أمام يسوع لأن لديهم جوعاً للشهرة، ويمحون يسوع بدلاً من أن يمحوا أنفسهم من أجله، وذلك بهدف وصولهم إلى أهدافهم وتعبئة جيوبهم بالمال، وأصبح هناك مسؤولون يدعسون على الناس ليصلوا إلى أهدافهم، يسوع الذي قال لنا إنه يرسلنا مثل النعاج بين الذئاب، أقول له إن النعاج قَلّت كثيراً وكثرت الذئاب، لذلك نطلب منك أن تتدخل وترشدنا لنخرج من أزمة كبيرة جداً، فهي أزمة تحلها الصلاة والرجاء والإيمان بالرب".

وقدمت المر الأب مروان عازار وقالت :"أنا اليوم أقف أمام رجل دين كبير جداً، وأشعر بأنني صغيرة جداً أمامه، فهو كبير بمحبته، فلا الدكتواره في اللاهوت ولا الدكتوراه في الفلسفة ولا الماستر في العلوم الموسيقية هي التي قربته منا وجعلته متواضعاً، ولا منصبه عميد كلية الهندسة سابقاً، وأمين سر جامعة الروح القدس في الكسليك سابقاً جعلاه يتقرب من التلامذة، ويتقرب منا ويكون لديه هذا الحنان الفائق، من يجعله يقترب منا هو يسوع الموجود في قلبه، ويسوع يرفع المتواضعين، والأب مروان عازار مرتفع كثيراً في عيوننا، نراه بفخر ونحبه بفخر، ونعلم أعمال الخير التي يقوم بها، ومنها الخمسمائة حصة التي وزعها في كل البقاع، وكذلك نعلم النشاطات التي قام بها في هذه الجامعة، والتحدي الذي إتخذه على عاتقه حين قال إن يسوع معنا سنقوم بنشاطاتنا ونحيي رسيتالاتنا ونحرك مدينة زحلة في ظل هذه الظروف الصعبة".

الأب مروان عازار شكر المر على كلامها وقال لها :"يقولون إن فيروز كانت تمتدح عاصي الرحباني، فرد عليها قائلاً "ألبستني ثوباً فضفاضاً على جسد هزيل"، سيدتي ألبستني ثوباً فضفاضاً على جسد هزيل، المسيح هو الأساس، بتجسد يسوع تحولت الدنيا، ومعه نعيشه ميلاداً ثانياً وهو ميلاد روحي، لذلك كل شخص منا يجب أن يتعمق كل يوم أكثر في المسيح ويعمق علاقته به أكثر، فكل واحد منا مدعو في هذا العيد، ليكون الإنجيل والميلاد".

وعن الأب مروان غانم، قال عازار :"أعرف الأب مروان غانم منذ زمن طويل، وعشنا معاً في أجواء الموسيقى، وهو باحث في هذا المجال، وبعد أن كنت تحدثت مع رئيس جامعة الروح القدس في الكسليك الأب طلال الهاشم، وبدعم وتشجيع الرئيس العام للرهبنة اللبنانية المارونية الأب نعمة الله هاشم بخصوص 24 ساعة الميلاد، تحدثت مع الأب مروان غانم ونسقنا ليكون الختام مع جوقة نسروتو، وأنا أؤمن بأن الفن والموسيقى وكل إبداع هو فينا قبل أن يخرج منا، فكل نوتة نغنيها وكل لون نراه هو نحن قبل أن يكون أمام أعيننا، فلذلك إحساسنا هو الأساس، وما يقدمه لنا الأب مروان غانم هو إحساس مميز وموسيقى عميقة وإستثنائية تردنا دائماً إلى التراث وإلى البعد الروحي لعيد الميلاد والذي يجعلنا نعيش هذا العيد بطريقة مختلفة".

وعادت المر مجدداً إلى المسرح، وقدمت جوقة نسروتو وقالت :"مرت 19 عاماً على تقديمي جوقة نسروتو، ومنذ 19 عاماً أحيينا رسيتال في كنيسة مار شربل بالقرب من الجامعة، واليوم نحيي رسيتال على مسرح الجامعة، ومن عام إلى آخر ألاحظ كم أصبح هناك نضوج في أداء جوقة نسروتو، وهناك في نفس الوقت فرح وخشوع، ومن يستطيع جمع كل هذه الأمور غير الأب مروان غانم؟ وكنا دائماً بعد كل رسيتال، نسمع ملاحظات الناس، وفي إحدى المرات قالت لي سيدة إننا جعلناها تصلي بوجود أطفال صغار رنموا لساعة ونصف الساعة ومن دون تعب، وجعلناها تحب الأعياد مجدداً، رغم أن هناك أشخاصاً كثيرين بعيدون عنها".

الأب مروان غانم قال :"منذ أيام كنت أريد أن أحصل على مقطع موسيقي موجود لدي على dvd، فإخترت مقطعاً موسيقياً يعود إلى رسيتال أحييناه في زحلة في العام 1998، حين كنا لانزال في الرهبنة، وكانت ترافقنا في الرسيتال الفنانة غادة شبير، وكان الأب مروان عازار يعزف على الأورغ، سررت كثيراً وقلت إن التاريخ أعاد نفسه، والأب مروان عازار، صديق المراهقة، منذ العام 1986، وهو الذي كان مجتهداً كثيراً في الدراسة، وكنا نستعين به كثيراً".

وأضاف :"هذه الجامعة هي جامعتي، والإصلاح الليتورجي الماروني إنطلق منها، الرهبنة اللبنانية المارونية كانت ولاتزال مركزاً للإصلاح الفني والموسيقي، والجامعة نالت شهرتها من خلال جوقتها، وعندما نحكي عن هذه الجامعة نتحدث عن تراث عمره مئات السنين من غير المسموح أن نهمله، وجوقة نسروتو كانت كرمت سابقاً الأب يوسف الخوري حين كان لايزال حياً في دير مار أنطونيوس الكبير في زحلة، وكنا أول جوقة من خارج جامعة الروح القدس، نكرم ملحن لحّن ترانيم نعرفها جميعاً".

وتضمن الرسيتال الترانيم والأغنيات الميلادية الآتية:

تعظم نفسي الرب

صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب، أداء منفرد إيلي جرمانوس

علام أنت صامت

يا رجاء الآباء

بين أرض وسماء

ترنيم السماوات والأرض، أداء منفرد إيلي جرمانوس

رجاء الكون وافانا

أيها المسيح الإله المولود

أنشري النور

صلاة الفقير، أداء منفرد ريما سعادة الترك

Silent Night Douce Nuit و Deck the Halls بتقنية الأربعة أصوات كوين كيوان وماريا خزّاقة وإيلي جرمانوس ومارك بعيني.

أعطونا الطفولة، غناء ليتيسيا وأنجيلا وإيلينا

ميدلي الصغار: بليلة بردانة، شلملخ مريم، قلبي مهيّا مغارة، ليلة الميلاد، روح زورهن ببيتهن، ليلة عيد.
O thou Joyful day، أداء منفرد ريما سعادة الترك

Joy to the World

Les Anges dans nos Campagnes

ولد المسيح هللويا، أداء منفرد ريما سعادة الترك

وفي ختام الرسيتال قال الأب مروان عازار :"اليوم سمعنا نسروتو، فأصبحنا جميعاً نسروتو".

موقع "الفن" عاد بهذه الكلمات الخاصة.

مدير جامعة الروح القدس في زحلة الأب مروان عازار قال :"أقمنا إحتفال 24 ساعة ميلاد، وللحقيقة هي أكثر من ذلك، إفتتحناه بقداس وإحتفل بالذبيحة الإلهية قدس الأب العام نعمة الله هاشم، الرئيس العام للرهبنة اللبنانية المارونية، في كنيسة مار شربل قرب الجامعة، والهدف من إحتفال 24 ساعة الميلاد هو أن نعيش الميلاد معاً كعائلة، في إطار روحي وعائلي وثقافي وجامعي، وفي هذا النشاط هناك علم وفن وموسيقى، وهناك منتجات عرضها الناس للبيع وليستفيدوا منها من دون أي مقابل للجامعة، وبفس الوقت عرّفنا الزوار على الجامعة ورسالتها وإختصاصاتها.

أقمنا رسيتال بعد القداس أحيته جوقة "عنقود"، وكذلك كان هناك رقص باليه، واليوم مع جوقة نسروتو".

وأضاف :"البعد الروحي هو الأساس في عيد الميلاد، الله صار إنساناً وغيّر وجه الكون، وأصبح لهذه الدنيا بعد آخر، لم نعد ننظر إلى المادة بنفس الطريقة، كل واحد منا مدعو أن يصبح مثل المسيح، والميلاد هو كل واحد منا، وهذا البعد الروحي الذي يشدد عليه الأب مروان غانم، وخصوصاً من حيث إختياره هذه النصوص، والألحان التي وضعها آباء جامعة الروح القدس في الكسليك، والتي أصبحت من تراثنا، والتي تقدمها جوقة نسروتو في هذا الرسيتال".

وتابع عازار :"الميلاد اليوم ودائماً هو أن يبقى المسيح موجوداً فينا وفي قلوبنا رغم كل الظروف الصعبة، ويجب علينا أن نفكر، خصوصاً في هذه الأيام، بكل إنسان مريض وموجوع ووحيد، وأن نفكر ببعضنا وببلدنا، ومهما إختلفت إنتماءاتنا وطرق تفكيرنا وإتجاهاتنا، يجب أن يجمعنا وطننا ويحتضننا، ونحتضنه بدورنا بصدق ومحبة".

الأب مروان غانم قال :"هذا هو الرسيتال الميلادي الأساسي الذي نحييه سنوياً، كنا نحييه دائماً في كاتدرائية مار مارون في كسارة، ولكن لأن صاحب السيادة المطران جوزيف معوض كان لديه رسيتالان في زحلة برعاية نسروتو، قررنا أن نحيي هذا الرسيتال في جامعة الروح القدس، ولهذا الرسيتال أهمية كبيرة من حيث الموقع والتوقيت، فهو الرسيتال الأول لنسروتو في هذه الجامعة، وهو دعم وتشجيع لوجود الجامعة هنا، خصوصاً أن الموسيقى بدأت في جامعة الروح القدس في الكسليك منذ زمن بعيد، وما جعل هذه الجامعة أكثر شهرة هو جوقتها، ولنا الشرف في أن نحيي هذا الرسيتال هنا".

وأضاف :"حين كنت في جامعة الروح القدس في الكسليك، كنت أتلقى علومي فيها وفي نفس الوقت كنت أدير جوقة الجامعة التي تضم رهباناً، واليوم جوقة نسروتو بقيادتي وعلى مسرح هذه الجامعة، وهذا شعور جميل جداً، فأنا منذ أن كان عمري 11 عاماً عشت في جو الرهبنة، وهذا فخر كبير لي ولعلمي ولثقافتي الموسيقية، ورغم أنني أصبحت اليوم خوري أبرشي، ولكني لا أنسى فضل الرهبنة عليّ".

وعن برنامج الرسيتال قال :"هو يتضمن ألحاناً مارونية لآباء جامعة الروح القدس في الكسليك، منهم الأب يوسف الخوري الذي هو من أكبر ملحني الكنيسة المارونية، الأب يوسف الأشقر، الأب ألبير شرفان، الأب يوسف طنوس، الأب ميلاد طربيه والأب يوسف مخايل، بالإضافة إلى الترانيم والأغنيات الميلادية باللغة الإنكليزية".

وختم الأب مروان غانم حديثه معنا قائلاً :"هذا العام عيد الميلاد صعب كثيراً علينا لأن الناس يعيشون ثورة كبيرة جداً، واليوم عدد الناس الجائعين أكبر من المرتاحين، ونحن نعيش نوعاً من الإحباط، ولكن الكنيسة كانت دائماً عرضة للإضطهاد، وكانت تتغلب عليه، وعندما نفكر بطفل المغارة وبأننا أبناء الرجاء، يخلق فينا الأمل من جديد، وأتمنى أن تكون لدينا ولادة حكومة جديدة وولادة لبنان جديد، وأن يكون هذا العيد خيروبركة على كل اللبنانيين".

مديرة جوقة نسروتو المرنمة ريما سعادة الترك قالت :"أطلب من الطفل يسوع أن يدخل بقوة إلى قلوب كل الناس وينير عقولهم ويعطيهم السلام ليحبوا بعضهم بعضاً، وليحبوا وطنهم لنبني لبنان من جديد، ونعيش فيه كلنا بسلام".

وعن الترنيمة التي قدمتها للمكرم الأب بشارة أبو مراد "من زحلة عضيعة جون" قالت :"هي ترنيمة رائعة، وأثرت بي كثيراً، فأنا من زحلة وأبونا بشارة كذلك، وأنا أشكر الإعلامية هلا المر على دعمها لهذا العمل، والشاعر رياض نجمة الذي كتب كلمات الترنيمة، والفنان والمرنم نادر خوري الذي وضع اللحن، والأستاذ جو بارودجيان الذي وزع الترنيمة موسيقياً وسجلناها في الستوديو الخاص به".

وتقول كلمات الترنيمة :

من زحلة ع ضيعة جون

النعمة بلّش مشوارا

البيحب العدرا بجنون

مأكد بدوا يختارا".

وعن عدم وجود أولادها معها في عيد الميلاد نظراً لسفرهم، قالت الترك :"لست الوحيدة التي أحتفل بعيد الميلاد من دون أولادي معي، فغالبية العائلات اللبنانية تعايد منذ سنوات من دون وجود أولادها بقربها، وهناك غصة في قلب كل أم، وكل أب يحزن لبعد أولاده عنه، خصوصاً في هذا العيد، وما أوصلنا إلى ذلك هو قلة الأمان في الوطن، لذلك يجب أن نصلي ليحل السلام وتجتمع كل العائلات من جديد، ويعود المغتربون إلى لبنان".

المرنم إيلي جرمانوس قال :"أنا في جوقة نسروتو منذ حوالى الست سنوات، وأنا بدأت كعضو فيها، وتطورت وأصبحت أقدم ترنيماً منفرداً، والأب مروان يساعدنا ويجري لنا تمارين خاصة،وهو يدعمنا دائماً، والجوقة أصبحت عائلتي الثانية، وأنا أشعر بالفرح حين أرنم مع الجوقة وبقيادة الأب مروان غانم".
وعن أمنياته في العيد قال :"مع ولادة الطفل يسوع، أتمنى أن يكون هناك حلول لكل الأزمات في وطننا، وأن يعم السلام في لبنان".