عماد فريد مذيع وممثل تلفزيوني ومسرحي من الرعيل الأول والذي أرسى قواعد الإلقاء الإذاعي وشكّل مدرسة في التمثيل من خلال أدواره التي جسدها وأغلبها كانت مباشرة.


ابن الإذاعة الذي كان يرى الميكروفون صديقاً وخصماً في آن، نال جائزة أجمل صوت إذاعي عام 1971. وأحد أبرز مؤسسي الدراما التلفزيونية المحلية، قدم ما يوازي 1500 ساعة تلفزيونية في مسيرته الطويلة. كانت البداية مع أديب حداد (أبو ملحم) حين أسند إليه دور ملحم، وتنوّعت بين الاجتماعي والتاريخي، لعلّ أشهرها: "مذكرات ممرضة"، "النهر"، "حتى نلتقي"، "الجوّال"، "الوادي"، "الوادي الكبير"، "زنوبيا ملكة تدمر" مع نضال الأشقر، "قطار عام 2000"، "مرّت الأيام"، "شجرة الدر" و"دائرة الضوء". إضافة إلى مشاركته في "رئيس الجمهورية"، "لا أمس بعد اليوم" و"قريش"، فضلاً عن مسلسل "رماد وملح" للشاعر جوزيف حرب قبل سنوات قليلة. لم يكن حضوره في السينما ساطعاً، كما في التلفزيون والإذاعة. مع ذلك، دعّم تجربته السينمائية عبر دراسة كتابة السيناريو في باريس، وانتسابه إلى المعهد السينمائي في مصر، وحلوله في المرتبة الثالثة بين طلّابه. من أفلامه: "معرض الحب" للمخرج عاطف سالم، "قلبها نار" للمخرج أحمد الدسوقي، "غارو" للمخرج غاري غارابيديان، و"الممر الأخير" ليوسف شرف الدين. كما شارك عام 2005، في فيلم "النمر والثلج" للمخرج الإيطالي روبرتو بينيني.

نشأته
ولد عماد فريد واسمه الحقيقي راجح راجح في بلدة مرجعيون عام 1930. عاش طفولة متنقلة بسبب طبيعة عمل والده في سلك الدرك، وقال عن هذا الأمر إنه كان يتعرف على أشخاص جدد من سنه، ومن ثم عندما كبر وأصبح في سن الشباب أيضاً اكتسب معارف جديدة، استقر في بيروت مع العائلة وبدأ في العمل في سن السادسة عشرة بأحد المصارف، والتحق بين عامي 1946 و 1950 بالمعهد الفني "الكونسرفاتوار" وتتلمذ على يد سليم الحلو في الموسيقى وجورج تلحمي في التمثيل.

تجربته في الكونسرفاتوار مع سليم الحلو وحكاية إسمه الفني
درس الموشحات وهي الصولفاج العربي، ثم تعلم النوتة والغناء ، وكان بال سليم الحلو طويلاً ولديه ليونة وكان عماد فريد من المحبوبين عنده، وكان له دور في أن يصبح راجح راجح عماد فريد، وروى أنه أراد دخول الفن وبدأ بالتفكير بالأمر، وتحدث إلى الأستاذ سليم فطلب منه تغيير اسمه وضحك وسأله عن السبب فقال له :"راجح ليس فيه سوى حرف الـ"ر"، وأريد شيئاً من السلم الموسيقي"، وسأله أستاذه ما إذا كان والده سيعارض، فأجابه راجح بأنه خياره هو، وابتدع سليم الحلو اسم عماد فريد معتبراً أنه يجمع النوتات: "دو ري مي فا"، وأعجب راجح بهذا الإسم الفني.
ولم يكتف عماد فريد بالدراسة في المعهد الوطني بل درس عبر المراسلة مع معهد السينما ،بمصر ومعهد السينما في باريس، لأن كل ما يتعلق بالسيناريو وبالسينما تلقاه من هذه الدراسة وذلك لأنه لم يكن هناك تلفزيون في ذاك الوقت، لذلك كان يعلم ما يتطلبه الراديو والتلفزيون والسينما، وكلما قرأ سيناريو كان يدرك أن هذا العمل له، وكان المخرجون في لبنان آنذاك قليلين مثل محمد سلمان وجورج قاعي، وأحمد الطوخي تواجد في ذلك الوقت في مصر .

بداياته
بدأ عماد فريد في عام 1952 العمل في إذاعة الشرق الأدنى والتي أصبحت في ما بعد الإذاعة اللبنانية والتي كانت مصنعاً للممثلين، والإذاعة بالنسبة لعماد فريد وخصوصاً التمثيل الإذاعي "يجمع المسرح والسينما وحتى التلفزيون، كما أمتعنا بمسلسلات كرتونية كبيرة مثل "ريمي و"ساسوكي"، قام بدور القائد سانادا في "ساسوكي"، وأدى دور التحري الذي كشف هوية "فيتالس" بعد موته في "ريمي".
وفي أحد البرامج لعام 2006 قال عماد فريد :"الفن ينبوع ، يتفجر دائماً، لأنه يحدث عطشاً عند الجمهور الذي يريد أن يشرب، العلاقة بين الروح والينبوع الداخلي هذه هي الحياة، وكان "لدي هدف واضطررت أن أتعب كثيراً حتى وصلت.
يضيف في المقابلة :"كنت من الأوائل في المدرسة وأول ما شدني إلى التمثيل هي شحيم، وكان هناك صحافي راحل إسمه سعيد ملكي وكنا لا زلنا تلامذة صغاراً فطلب مني أن أشترك معه في تمثيل مسرحية عن فلسطين في بلدة شحيم، واستغربت سائلاً كيف ستتم الأمور وطمأنني إلى أنه لا يجب أن أقلق، فهو سيدبر الأمور وذهبت معه وجسدت دور الشاب الثائر لماذا يقتل الصهاينة الفلسطينيين، فأحببت المسرح وعندها صممت لماذا يجب أن أكون ضابطاً أو رئيس دائرة في "وزارة من الوزارات لا، أريد أن أمتهن الفن.
ويقول عن الأداء الصوتي في المقابلة نفسها :" الميكروفون هذا زميلك يجب أن توشوشه أو أن لا "تتخلق عليه" ويجب أن تكون هناك مسافة بينك وبينه، بشكل لا يؤذي الأذن وكذلك عندما يكون هناك إثنان على المسرح يقتربان ويقومان بمواجهة هي نفس الحركة في الاستوديو وحتى "السينما يجب أن تمشي وتتحرك وكله محصور على الميكروفون.

إذاعة ثم تلفزيون وذكريات لا تنسى
إنتقل من الإذاعة إلى التلفزيون ولعب دور ملحم ابن أبو ملحم في الإذاعة، ثم جسد الشخصية نفسها في المسلسل التلفزيوني أبو ملحم، وكان يلعب أيضاً شخصيات أخرى، قال عنه المخرج اللبناني محمد كريّم :"تميز عماد فريد بالخلق والالتزام والصوت الرخيم، لأنني خلال فترة طويلة من العمل معه تلمس أخلاقه العالية والتزامه بمواعيده وباحترامه لعمله ونفسه والآخرين"، وأضاف محمد كريم إنه: "استمر تميزه بصوت رخيم ومريح وبقية الممثلين لديهم أصوات مختلفة إنما عماد كانت خامة صوته رخيمة مريحة وكنا نعهد له دور الرامي والمذيع".
أما عماد فريد فقال: "لا أنسى محمد كريّم فنحن بدأنا سوياً وكان المخرج في التمثيليات المسرحية وفي فورة الستينيات في الإذاعة الخاصة، وكنا نتنقل من استوديو إلى آخر واستفدنا منه"، واستفاد عماد فريد أيضاً من المخرج الكبير الراحل نزار ميقاتي وصبحي أبو لغد. أحب
تجربة التمثيل المباشر، ويقول عماد فريد عن الأمر:"كان التصوير يستمر ساعة أوساعة ونصف الساعة على الهواء بشكل متواصل من دون توقف، من يقوم بهذا الأمر اليوم؟ وهذا خلق فينا تنشيطاً في الذاكرة كي نستطيع أن نحفظ"، وكان عماد فريد يحفظ بسرعة ويروي في إحدى المقابلات موقفاً حصل معه :"كان لدي مشهد من 14 صفحة مع سمير شمص، ولا "أستطيع أن أتوقف فيه ولو حتى للحظة.

قدّم عماد فريد تمثيليات تاريخية ولعب دور البطولة في بعض الحلقات وكان المخرج غاري غرابيديان والياس متى يتقاسمان العمل في تلفزيون لبنان، وحين بدأ تلفزيون الحازمية بالعمل اصبح هناك "كاست" للمذيعين وبرز ايلي سعادة وانطوان ريمي، وهناك أصبحت المسلسلات التاريخية تباع للبلدان العربية إن من الجزائر أو تونس أوالخليج الذين كانوا يطلبون أن تكون اللهجة المستخدمة هي اللغة الفصحى، وفق ما قال.
وأضاف: "مادونا غازي لي مسلسلان معها: في "النهر" كان اسمها أمينة، وفي "رياح الخريف كانت زوجتي في المسلسل ونتبنى ابنة هي سميرة بارودي وأنا لعبت دور الدكتور عادل، وتوفيت بحادث سير في الأردن حيث كنا هناك وبقيت أنا أربع سنوات، تميّزت رحمها الله بشخصية صعبة التقليد، شخصية من إطار ألماسي وكانت تبرق بشغلها وعطائها وإحساسها "المتدفق، وحزنت كثيراً عليها.
وعن تفاصيل الحادث الذي أودى بحياتها يروي عماد فريد القصة قائلاً :"كان معها اثنان من أصدقائها في فرنسا واصطحبتهما لتريهما العقبة، وراحوا وعادوا في الليل ونفذ البنزين من سيارتها فاضطرت للوقوف على الطريق تنتظر أية شاحنة تأخذ منها قليلاً من البنزين وحدث ما "حدث.
وعن تجربته المسرحية قال: "تجربتي المسرحية اقتصرت على مسرحيتين، وكان لدي العمل الإذاعي والتلفزيوني ولم يعد هناك مجال للمسرح، وهناك بعض الزملاء استمروا في المسرح ولم يكن لديهم ذاك الزخم الذي كنت أعطيه .
ومثل ما ينجح الممثل في التلفزيون ينجح في المسرح وفي السينما، لكن عامل الوقت هو الذي يتحكم به، وأنا مذيع أخبار يكون لدي عمل في الليل في إذاعة لبنان فهذا وقت المسرح، وأنتهي مبكراً وأذهب إلى التلفزيون.

وفاته
رحل عماد فريد في 13 أيلول/سبتمبر عام 2007، ومنحته نقابة الفنانين المحترفين لقب عميد الممثلين اللبنانين قبل ساعات من وفاته، قبيل صلاة الجنازة عليه أعلن المسؤول الإعلامي في القصر الجمهوري الأستاذ رفيق شلالا إأن رئيس الجمهورية آنذاك الرئيس العماد إميل لحود، منح عماد فريد وسام الإستحقاق اللبناني الفضي ذا السعف تقديراً لعطاءاته.