أصرّ مسرح الـ "أوديون" هذا العام في عيد الميلاد المجيد، ورغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان أن يزرع الفرح في قلوب الأطفال، ويجعلهم يعيشون أجواء العيد بفرحه وقيمه العميقة.


وككل عام تحرص الكاتبة جيزيل هاشم زرد على زرع المحبة في ذاكرة الأطفال بطريقة ثابتة بحيث لا تهزها رياح تعصف بها في أيامهم، وهذا العام سلّطت الضوء على الدمار النفسي التي تسببه السخرية من الطفل وتعرضه للإهمال أيضاً، وما ينتج عن ذلك من تصرفات سيئة يقوم بها في المستقبل.
ويظهر العمل كيف أن المحبة التي تجسدها مريم بإمكانها أن تغير تصرفات الشخص المقابل وحياته، وتجعله يبتعد عن كل الأعمال التي تدل في رموزها على شر دفين خلّفته تصرفات الآخرين البشعة. وتوصل المسرحية رسالة عنأهمية التواصل المليء بالإحترام والحب بيننا، كما أنها تنمّي خيال الطفل.
مسرح الـ "أوديون" يعرض هذه السنة بمناسبة عيد الميلاد المجيد مسرحية غنائية، فكاهية، عائلية، غنية بالمشهدية والتشويق بعنوان "هديّة مريم" كتابة السيّدة جيزال هاشم زرد وإخراج ماريلين زرد مصابني وإنتاج مايلا مطران شركة OM2.

حكاية العمل تروي قصة شخصيّة إسمها "كوزا" بدأت حياتها بمراحل حزينة، في صغرها كانوا يتجنبونها وعندما كبرت استبعدوها، حرمت من الصداقة، تعرضت للسخرية وللإهمال وللتنمر، لم يبق إلى جانبها إلا حارسها الأمين، ليحميها من الآخرين ومن نفسها .
وحيدة لم تيأس من البحث عن الحب ... بأي ثمن كان، فسرقت هدايا العيد ... ولم تكن تعلم أن بين هديا العيد "هديّة مريم"، تتدحرج حجارة هذا البيت الحزين وتخبر مريم عن وجعها وتطلب المساعدة، كيف ستتمكن مريم من إعادة الفرح إلى قلب هذا البيت والوفاء بوعدها؟

وشارك في التمثيل في المسرحية ريتا كميد (مريم)، ليال الغصين (كوزا)، سمعان عتيق (موفق)، ماري قباني هيكل ومريم خوري بدور الراقصتين، وحسين بدران بدور القزم.
الصوت والإضاءة لأحمد عباس، الموسيقى لطوني كامل وبسام دكاش وعمر زرد، التوزيع الموسيقي لطوني كامل، الزي المسرحي لريتا هاشم وماريلين شديد، والسنوغرافيا لعمر زرد.
وتضمنت المسرحية أغانٍ جميلة وقيمة جداً بمعانيها وتفاعل معها الأطفال بحماس كما تفاعلوا مع مشاهد المسرحية.
موقعنا تواجد في عرض يوم الأحد الماضي، وكان لنا حديث مع السيّدة جيزيل هاشم زرد التي قالت عن العمل إنه جديد بكل تفاصيله، ويتضمن ديكوراً متحركاً لأن الطفل بات بحاجة للإبهار مشهدياً في المسرحيات في ظل هذا التطور الذي نعيش فيه.

وتابعت أنها اختارت قيم المسرحية لأن الله أوصانا بأن نحب بعض، وهذا معناه أن لا ننتقد الآخر أو نسخر منه، معتبرةً أن الإنسان اليوم بات يريد أن يظهر أهميته وشهرته على حساب الآخر.
وأضافت: "لم يعد هناك قيمة في مجتمعنا للقيم، المسرح يجب أن يبقى صافياً ونرد فيه القيم لأن هذا ما يتبقى بذاكرة الولد، وعلينا مسؤولية إظهار هذه القيم للأطفال."
وذكرت أنها من أجل إعلان المسرحية إختارت مقطع من أغنية تقول: "نضوي لو دخلنا غابة، نضوي بالدور الإيجابي، قبل ما نطفي ونفل"، معتبرةً أن هذا بالفعل دور كل شخص منا من خلال إصلاح ومساعدة من حولنا.
وعن الوضع الحالي في البلد قالت جيزيل إن رغم الظروف الصعبة، هناك فرح أن يكون كل اللبنانيين مجموعين، لكن يجب أن يكون هناك يقين ووعي، وأن نحافظ على المطالب المحقة التي نجتمع حولها ولا نستخدمها لأهداف أخرى.
وأضافت:"هذه المطالب إنسانية، فلم يعد لدينا كرامة حيث يجبروننا أن نشرب مياهاً غير نظيفة ونشم روائح كريهة ولا نجد وسيلة للإستشفاء حين نمرض، والرب حذرنا من السلطة والمال والسياسيون أظهروا ضعفهم أمام هذين العنصرين، عليهم أن يستفيقوا من حالتهم ويساعدوا على النهضة ويردّوا ما سرقوه، وسنظل نتأمل خيراً لأن الرب يقول إنه في النهاية هو غلب، فالخير يغلب في النهاية والشر يدمر نفسه".
واستدركت :"هذه الثورة لم توحّد لبنان فقط، بل رفعت القيم وأسقطت السلطة، وبقيت قيمة الحب بين بعضنا هي الأهم، الثورة ردت الحقيقة لجوهرها على أمل أن لا يتم استغلالها".
مخرجة العمل ماريلين زرد مصابني قالت إنه رغم الظروف الصعبة كان هناك إصرار على قيامهم بتقديم المسرحية، وهذا الإصرار بدأ منذ كانت طفلة فالبطلة هي الوالدة جيزيل هاشم زرد "التي ربتنا على هذه الفكرة فهي انطلقت بمسرحياتها في الحرب من أجل التغيير وبث الفرحة بقلوب الأطفال، ومن أجل أن تنسيهم كل ما يمر به البلد".
وأضافت :"سنبقى مستمرين ولن نفقد الأمل، لذلك استخدمنا تسميات مثل ثورة المحبة وثورة الثقافة عن المسرحية على وسائل التواصل الإجتماعي".
وقالت ماريلين أن التحضيرات للمسرحية بدأت قبل الثورة، ولم يريدوا أن يوقفوا العمل بسبب الظروف، وساهم بذلك فريق العمل أيضاً الذي كان حريصاً ومصراً على الاستمرار، مشيدةً بالتضحية الكبيرة التي قدموها من أجل ذلك.
وترى ماريلين أن هناك جملة في المسرحية هي المسرحية بحد ذاتها، وهي: "لما بتتطلع بمراية بتشوف نص الحلا، ونص الحلا التاني جايي بأعمال متل الصلاة".
وتابعت أن العمل متكامل من كل جوانبه، وفي كل عام نكبر سناً فيه يتطور معنا العمل بالنص والديكور وكل التفاصيل.
وأشادت ماريلين بدور شقيقها عمر زرد هذا العام الذي صمم ونفذ عناصر مشهدية رائعة في العمل.
وعلى صعيد الإخراج قالت ماريلين إنها كل عام تتعلم ما هو جديد، وتضيف إلى مسيرتها دروساً جديدة.

وذكرت ماريلين أنها هي من إنتقت فريق العمل في المسرحية هذا العام، وأشادت بكل الممثلين الذين يتمتع كل منهم بروح مهمة في العمل.
ومن بين الحاضرين في العرض يوم الأحد الماضي، عائلة الشهيد علاء أبو فخر، والطفلة الجميلة غايا.
المسرحية تعرض كل سبت وأحد الساعة الرابعة، وللحجز يمكنكم الاتصال على الرقمين التاليين:

03411780

04411780