عندما تجتمع الموهبة بالشغف في المهنة لا ينتج عنها إلا الإبداع والإحتراف.

منذ صغره لديه حب للتمثيل، لذا تخصص في المسرح في الجامعة اللبنانية كلية الفنون الجميلة وحاز على الدبلوم في الدراسات عليا عام 2009. وهو اليوم لديه أكاديمية خاصة لتعليم التمثيل إفتتحها منذ أكثر من تسع سنوات. ويؤمن بأن العيش في مهنة يحبها، رغم أنها لا تدر عليه المال الكافي، أفضل من التخصص في مهنة لا يحبها.
إنه الممثل رامي عطالله مواليد منطقة أدونيس جبيل الذي كان من المفترض أن يُعرض له فيلم "يربوا بعزكن" في الصالات السينمائية اللبنانية، إلا أن قطع الطرقات وانطلاق الثورة في لبنان تزامنا مع العرض الأول للفيلم، والذي لم يعرض بشكل رسمي في صالات السينما، بالإضافة الى توقف عرض مسلسل "بالقلب" لطارق سويد الذي يطل من خلاله رامي بدور بطولة. حظ رامي ليس سيئاً بإعتباره يدرّس حاليا في المدارس مادة المسرح، ويعتمد على أكاديميته للتمثيل. أما حياته العاطفية فهي خط أحمر، ولا أحد له علاقة بها.
وقد كان لنا هذا اللقاء مع الممثل رامي عطالله عبر موقع الفن.

أخبرني كيف إستعديت للدور في فيلم "يربوا بعزكن" باللهجة والحركات مجسّداً شخصية الشاب الجبلي الجردي.
أحب مهنتي الى درجة انني أتحدّى نفسي من خلال أدوار لا تشبهني، وخصوصا عندما يتعلّق الأمر باللغة واللهجة، وفي فيلم "يربوا بعزكن" الدور مختلف، حيث أن اللهجة مختلفة تعود الى شاب جردي يتصرّف بطريقة بارزة لا تشبهني، فحركاته ومشيته ونظراته مختلفة، وخصوصا حين يرى فتاة لا يجيد التصرّف ولا يعرف الأصول، وفي الوقت نفسه هناك طيبة في داخله، وحبّ لمعلّمه لم نعد نرى مثيلاً له في يومنا هذا إلا عند أهل الضيع. وهو نجار يعمل في منشرة للخشب مع صاحب المعمل (الممثل عمار شلق)، وإعتاد على التحدث مع الزبائن.

من أين إستلهمت خصائص هذه الشخصية؟
هناك العديد من الأصدقاء الذين يعيشون في الجبل ولديهم هذه اللهجة، وفي ذاكرتي العديد من الشخصيات التي أعرفها، وحاولت التدرّب على الشخصية بتأنٍ، وساعدني بذلك "آيزك" الذي كتب سيناريو الفيلم باللهجة الجردية، وأجرينا بعض التعديلات على النص ليتناسب مع شخصية الممثل.

لو إلتقيت في حياتك بالشخصية التي تجسدها في الفيلم، كيف تتصرّف معها؟
للوهلة الأولى، من الطبيعي أن تتفاجأ بهؤلاء الأشخاص لأنهم يتميّزون عن الآخرين في طريقتهم، لكن عندما تتقرّب منهم تلمس الطيبة في داخلهم ومحبتهم الصادقة، وتستطيع الإتكال عليهم، وهذا ما حاول الفيلم إظهاره. والرسالة من هذا الدور أيضاً هي أن الشخص الآخر الفقير والمختلف يجب عليك أن تتقرّب منه كي تتعرّف إليه، ومن جهة أخرى، الأغنياء هم بالنسبة للفقراء أناس لا يمكنك التحدّث معهم، والتعاطي معهم غريب، لكن هم أيضاً لديهم مشاكلهم، والهدف من الفيلم أن لا نحكم على الآخرين من النظرة الأولى، والمال لا قيمة له، إذ في أحد المشاهد يأتي الشباب الجرديون الفقراء للتبرع بالدم للممثلة باميلا الكيك، وهي المرأة الغنية، وينقذون حياتها.

شاهدنا في الفيلم إستعمال القوّة من أجل الحصول على الهدف، هل أنت مع أو ضدّ هذا المنطق؟
في مكان معيّن حين تفقد منطق التحدّث والتواصل مع الناس من المفروض أن تستخدم القوّة قليلاً كي تظهر الحقيقة. ولكنني طبعاً لست مع منطق القوّة، ومسعد في فيلم "يربوا بعزكن" وصل الى مرحلة كان فيها أطفاله بخطر، إضطر للجوء الى منطق القوة لأنه وصل الى حدّ فاصل بين الحياة والموت، وحين تعرضت والدته للسبّ من أحدهم صفعه، أما أنا فمن يشتمّ أمي ألكمه.

كان واضحاً في الفيلم التناغم بينكم أمام الكاميرا وكأنكم حقاً من الضيعة نفسها، أخبرنا عن أجواء التصوير، وكيف انعكس ذلك على الشاشة العملاقة؟
الأجواء بين الممثلين عمار شلق وباميلا اليك وغبريال يمين ورولا بقسماتي وشادي حدّاد وأنا كنا نعيش مع بعضنا طيلة فترة تصوير الفيلم، وبالنسبة لي أنجح شيء في العمل كان العلاقة بين الممثلين والتي انعكست على الشاشة بشكل طبيعي، فخلال تلك الفترة كنا حقا قريبين من بعضنا البعض.

شاركت أيضاً في مسلسل "بالقلب" للكاتب والممثل طارق سويد، ولكنّ توقف عرضه على شاشة LBCI بسبب الثورة، ما تعليقك؟
يبدو أن حظي جيّد جداً في المسلسلات (يضحك ممازحاً)، الحمد لله لدي أكاديمية لتعليم المسرح، ولكنني أديت دور بطولة في الفيلم اللبناني "يربوا بعزكن"، والفيلم الإيراني "رحلة الشام" أو "Damascus Time" شارك فيه ممثلون لبنانيون أيضاً، وأديت فيه دوراً بطولياً، وهو شخصية مخرج بلجيكي يتحدّث بالفرنسية، ولأنه كان مع داعش في سوريا، كان يتحدث معهم بالإنكليزية، فأصبحت لهجته "إنكليزية مكسّرة ع فرنسي" وهو مسؤول عن الفيديوهات الخاصة بداعش، وهو مريض نفسي يتلذذ في تصوير الناس وهي تلقى تعزيباً وتُقتل وتُذبح أمامه،ويصوّر هذه المشاهد كأنها مشهد سينمائي، وإن لم تجرِ اللقطة كما يجب، كان يطلب إعادتها، على الرغم من أنه لا ينتمي إلى داعش، ولكنه يعيش بين المجرمين من أجل تصوير هذه اللحظات. وهذا الدور المركب كان تحدياً بالنسبة لي، والفيلم حصل على عدة جوائز في إيران وكان واليابان.
وفي مسلسل "بالقلب" أؤدي دور رجل يحب فتاة بطريقة جنونية ويغار عليها كثيراً.

ما الذي أخذك إلى إيران؟
لقد كانت فرصة، كانوا هنا في لبنان، وفي إيران لا أحد يتحدّث اللغتين الفرنسية والإنكليزية معاً، واللبناني لديه هذه الميزة، بالإضافة الى أنني تقدّمت للدور الى جانب أكثر من 18 شخصاً، لكنّه وقع الإختيار عليّ.

هل تعرّضت لأثر سلبي أثناء تصوير دورك في "رحلة الشام"؟
بالعكس كنت سعيداً جداً بالدور، وكنت واثقاً أنه كلما قدّمت إجراماً وجعلت الناس يشمئزون مني، سينجح الدور، وحاولت أن أظهر بشاعة داعش وما فعلوه بالإنسانية، وكم كانوا مجرمين، وفي أداء هذا النوع من الأدوار إما تسقط أو تنجح، ما من حلّ آخر، والأصداء كانت رائعة.

كيف كان التعامل مع فريق عمل مختلف الجنسيات؟
كان التعامل صعباً جداً، إذ إن المخرج لا يتحدث سوى اللغة الفارسية، وكان التواصل مع مساعد المخرج الذي كان يتحدث اللغة الإنكليزية، لكن مع مرور جزء من مرحلة التصوير أصبحنا نفهم على بعضنا البعض بشكل تلقائي، بالإضافة الى أن فريق العمل يعمل على مستوى عالٍ من الإحتراف إلى درجة العالمية.

ما الذي يعيق الممثل اللبناني اليوم؟
مؤسف أن المنافس لنا كممثلين في السوق هو من الأشخاص غير الأكاديميين، وهناك العديد من المتخرجين في دراسة التمثيل لا يجدون فرصهم في شركات الإنتاج، والرابط بينهما مفقود، إذ يجب على شركات الإنتاج اللجوء الى الجامعات للبحث عن المواهب، كما أنه من الضروري أن توفر لهم نقابة الممثلين فرص عمل.

لديك أكاديمية لتعليم الفن المسرحي، هل يلجأ إليك ملوك وملكات الجمال ليتعلموا التمثيل؟
أحياناً نعم لأنهم يدخلون عالم التمثيل بهذه الطريقة، وبالنسبة لي كل شخص لديه موهبة وغذاها في التعليم يستطيع أن يعطي نتيجة أفضل بكثير من أي شخص فقط شكله جميل، الأساس الموهبة. وأستطيع أن أزوده بالأساليب كي يقدم شخصية حقيقية تبدو أفضل بكثير من الأدوار التي تظهر على شاشة التلفزيون.