"ألو يا همبكة" و"يا آه يا آه" و"أحلى من الشرف مفيش" و"صلاة النبي أحسن" و"انتباه يا دانس" وغيرها من الأفيهات التي اشتهر بها الممثل المصري توفيق الدقن ، "جوكر" أدوار الشر، والذي إشتهر بتقديم شخصيات شريرة لكن بخفة دم، فمزج بين الشر والكوميديا وابتعد عن النمط التقليدي للشرير صاحب الدم الثقيل، ليصبح واحداً من أهم نجوم الكوميديا في زمن الفن الجميل.

من السكة الحديد للتمثيل

ولد توفيق محمد أمين الدقن يوم 3 أيار/مايو عام 1924، بقرية هورين في مركز بركة السبع - محافظة المنوفية، وكان والده قد تزوج أكثر من مرة حتى أنه كان له ابن اسماه توفيق ولكنه توفي وهو بعمر الثلاث سنوات فأسماه توفيق على اسمه ولم يستخرج له شهادة ميلاد إذ كان يستخدم شهادة ميلاد شقيقه، وكان يقول عن هذا الموقف ممازحاً "أنا عايش حياتي بدل فاقد".

وبعد إختلاف والده على الميراث مع أشقائه انتقل بأسرته إلى محافظة المنيا التي عاش بها، فقضى توفيق الدقن فترة شبابه هناك مع أشقائه وهم 5 بنات و3 أولاد.

ومع كتّاب القرية في المنيا حفظ القرآن الكريم، وكان صاحب صوت مميز في التلاوة قبل أن يتحول إلى الرياضة وكان يرغب في امتهان الفن، لكن والده الأزهري كان رافضاً للأمر، فعمل توفيق الدقن في بدايته موظفاً في هيئة سكة الحديد، فإلتحق بدارسة المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1950 من دون أن يخبر والده، على عكس والدته التي كانت ترحب في امتهانه الفن بشرط أن يكون مثل محمود المليجي، وقد التحق بعدها بالمسرح الحر لمدة سبع سنوات قبل أن يلتحق بالمسرح القومي والذي ظل عضواً به قبل أن يحال على التقاعد.

رفض الإنضمام لنادي الزمالك

أثناء وجوده في المنيا إنضم لجمعية الشبان المسلمين ونادي المنيا، وفي إحدى الحفلات قبل عرض المسرحية كانت تقام مباراة بين فريق المنيا وفرقة كبيرة وكانت يومها فرقة الزمالك فأحرز هدفاً، وأراد الزمالك أو "نادي فاروق" بحسب تسميته القديمة أن يضم توفيق الدقن له، لكن الأخير رفض وقال إن السبب هو شعره حيث كان يتمتع بشعر جميل، فقال عن الموقف إن من ينضم لهم يدخل الجيش ستة أشهر ويحلق شعره وهو كان يعتز بشعره كثيراً، فلولا اعتزازه بشعره لكان لاعب كرة مشهور.

أعماله

شارك توفيق الدقن لأول مرة عام 1938 في فيلم "حياة وآلام السيد المسيح"، وبعدها في عام 1950 قدم فيلم "أمير الإنتقام" وبعدها بعام قدم "السبع أفندي" وبعدها انطلق بدور أكبر في فيلم "ظهور الإسلام" عام 1951 ، ومن أعماله أيضاً "أموال اليتامى وأنا وحبيبي والستات ميعرفوش يكدبوا والسعد وعد وشاطئ الذكريات وودعت حبك وبورسعيد وأرض الأحلام وابن حميدو والطريق المسدود وسلطان وخالد بن الوليد وأحبك يا حسن وغلطة حبيبي واحترسي من الحب وساحر النساء وقاطع الطريق وسر طاقية الإخفاء ونهاية الطريق ومال ونساء ونداء العشاق وخلخال حبيبي وفي بيتنا رجل والحسناء والطلبة والناصر صلاح الدين وفتاة شاذة وأدهم الشرقاوي وأمير الدهاء وشادية الجبل ومن أجل حنفي وطريد الفردوس والعقل والمال وخان الخليلي وآخر العنقود ومراتي مدير عام والسيد البلطي وابن الحتة و7 أيام في الجنة وشنبو في المصيدة".

وفي السبعينيات قدّم توفيق الدقن أعمالاً أيضاً مثل "نهاية الشياطين وحرامي الورقة والغشاش ورجال في المصيدة والغفران ورمال من دهب وبنات في الجامعة ورحلة عذاب ورغبات ممنوعة والخطافين وولدي وأزمة سكن ووكر الأشرار والمخادعون والبحث عن فضيحة وذات الوجهين وشيء من الحب ومدرسة المشاغبين وأبو ربيع وفي الصيف لازم نحب وقاع المدينة وبائعة الحب واحترسي من الرجال يا ماما وفيفا زالاطا وألف بوسة وبوسة".

وفي الثمانينيات بدأ في تقديم أدوار بمرحلة عمرية مختلفة منها فيلم "الخبز المر وعلى باب الوزير والشيطان يعظ وحسن بيه الغلبان وحدوتة مصرية".

ويعتبر توفيق الدقن من الممثلين الذين أجادوا الوقوف على خشبة المسرح فقدم أعمالاً مسرحية مهمة في مشواره مثل "سكة السلامة" و"الفرافير" و"المحروسة" و"البلدوزر" و"انتهى الدرس يا غبي"، ومن مسلسلاته "ألف ليلة وليلة" و"نهاية العالم ليست غداً" و"الوريث" و"أحلام الفتى الطائر".

وفي عام 1988قبل وفاته قدم فيلم "المجنون"، الذي يعتبر آخر أعماله الفنية وآخر ظهور على الشاشة.

غضب لإستبعاده من فيلم الرسالة

في عام 1977 رُشح الممثل توفيق الحكيم لكي يشارك في فيلم "الرسالة" للمخرج السوري مصطفى العقّاد، ولكن تم استبعاده مما أثار غضبه الشديد، وبعد عرض الفيلم كان حاضراً لسهرة شارك فيها مخرج الفيلم، فذهب له وسأله عن سبب استبعاده فقال له العقاد إن الفيلم ديني وأن كل أدواره التي قدمها تنحصر في السكير والبلطجي واللعوب واللص، فأجابه توفيق الدقن إنه كان من الممكن أن يرشحه لشخصية أحد الكفّار إذا كان خائفاً على سمعة الإسلام منه.

شائعات وفاة والدته غضباً من أدواره

تقديم توفيق الدقن لشخصيات شريرة وأحياناً إجرامية، جعل البعض يشيع بأن والدته توفيت بعد أن وصفه أحد الأشخاص وهو بجوارها في السيارة بأنه سكي، فتوفيت قهراً بعد أن وجدت أن ابنها يتم وصفه بهذه الصفات، خصوصاً أنه ابنها الوحيد، إلا ان إبنه نفى أن تكون جدته توفيت غاضبة على إبنها، وبأنها كانت تتمنى لإبنها أن يصبح ممثلاً مثل محمود المليجي.

وهذا الموقف ليس الوحيد، فتوفيق الدقن حينما سكن في العباسية ذهب ليشتري لحماً من جزارة تحت منزله، لكن الجزار طرده بالساطور، وقال إنه لا يسمح للصوص بدخول محله، وظل ينظر إليه شهراً عند دخوله وخروجه من منزله.

جوائز وأوسمة

خلال مشواره الفني حصل توفيق الدقن على العديد من الجوائز والأوسمة، ومنها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1956 وشهادة الجدارة في عيد الفن عام 1978 ودرع المسرح القومي وجائزة إتحاد الإذاعة والتلفزيون وجائزة جمعية كتاب ونقاد السينما، وجوائز عديدة عن أدواره مثل "في بيتنا رجل" و"صراع في المينا" و"القاهرة "30 و"ليل وقضبان".

زواجه وابناؤه

تزوج توفيق الدقن من السيدة نوال الرخاوي، وأنجب منها "ماضي" والذي يعمل محامياً على الرغم من دراسته الموسيقى، و"هالة" عملت مدير عام في الرقابة على المنصفات الفنية، و"فخر" يعمل في احدى شركات الخليج في دبي.

وفاته

بعد اصابته بالفشل الكلوي، توفي توفيق الدقن في مستشفى الصفا في المهندسين، عن عمر يناهز الـ65 عاماً، وذلك في 26 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1988.