ضمن إطار اجتماعي كوميدي، تتطرّق مسرحية "فيلا 24" إلى أسلوب التعامل الراقي بين الأسر العربية المقيمة في قطر، إلى جانب حفنة من المواضيع والمفارقات الإجتماعية التي تستحق التوقف عندها وتسليط الضوء عليها.

وتزامناً مع إقامة الدورة الرابعة والعشرين من كأس الخليج في كرة القدم، والتي تستضيفها دولة قطر، جاءت فكرة تقديم هذا العمل المسرحي الكوميدي الغنائي الضخم.

وقُبيل بدء العروض الجماهيرية للمسرحية الليلة، شهدت خشبة مسرح قطر الوطني عرضاً تجريبياً لمقتطفات من العمل المسرحي أمام حشد من ممثلي وسائل الإعلام، وبمشاركة نجوم العمل. ومن ثم، إنطلقت الجلسة الحوارية على وقع تصفيق الحاضرين، والتي أدارها مؤلف المسرحية الإعلامي تيسير عبدالله بحنكته المعروفة وبراعته المعهودة، فجال بين النجوم المشاركين واختطف منهم كلمات سريعة تختصر مشاركتهم وتجسّد تطلّعاتهم، وذلك بعد أن أطلع الحاضرين على مسار العمل منذ انطلاقته، مبدياً سعادته بتزامن المسرحية مع الحدث الرياضي الكبير، الأمر الذي سيتيح الفرصة لمشاهدتها من قبل جمهور البطولة. وبعد شرح مسهب عن التفاصيل، أشاد عبدالله بحرص وزارة الثقافة القطرية على متابعة مجريات العمل.

بدوره، أشاد الفنان صلاح الملا، مدير مركز شؤون المسرح، بالمسرحية قائلاً: "إن هذا العمل يأتي في إطار التأكيد على تغيّر بوصلة المسرح القطري نحو تعميق الصلة بالجمهور من خلال مناقشة الموضوعات التي تتواءم مع المجتمع". وأضاف: "بدأنا نجني ثمار عملنا خلال الأعوام الثلاث الماضية".

وأثناء تحدث المخرج سعد بورشيد عن هذه التجربة، وأن 90% من المشاركين في المسرحية جمعهم العمل الأخير للفنان الراحل عبد العزيز جاسم، لم يتمالك نفسه وأجهش بالبكاء.

وفي تعليقه على مشاركته في المسرحية، أعرب الفنان الكويتي شهاب حاجيه عن بالغ سعادته بالمشاركة في هذا العمل الجامع لنجوم خليجيين وعرب، وأنها بمثابة انطلاقة فنية له على خشبة المسرح القطري، ولفت إلى أنه وافق على المشاركة فوراً على الرغم من انشغاله في أعمال أخرى، وأكد حرصه على تلبية دعوة الفنانين المحليين في كل وقت وحين.

من جهته، أكد الفنان القطري سعد بخيت مدى حاجة المسرح القطري لهذه الأعمال التي تطرح قضايا المجتمع القطري خاصة والخليجي بشكل عام في إطار كوميدي يفضّله الكثيرون من جمهور المسرح القطري. أما الفنان السوداني محمد السني فوصف العمل بالوجبة الدرامية الدسمة المليئة بالكوميديا البعيدة كل البعد عن أي إسفاف، ولفت إلى أن الثقافة والرياضة والفنون هي التي تأتي بالجمهور وتجمعه تحت مظلة واحدة من رفض التشظي والتشرذم، وأضاف ضاحكاً:"اللافت في المسرحية أنها تجمع ثلاثة ممثلين يعانون من الزهايمر، وهم أنا وسعد بخيت وشخص ثالث".

وعلى هامش المؤتمر، إلتقى موقع "الفن" الممثلة السورية سوزان سكاف، التي تشارك للمرة الأولى في عمل مسرحي خليجي، فعلّقت على مشاركتها مع نجوم خليجيين بالقول: "لا شك بأن الدراما السورية متابعة بشكل كبير من قبل الجمهور الخليجي، وللأسف بعد الظروف القاسية التي مررنا بها في سوريا ضعف الإنتاج ولم تعد الأعمال السورية مطلوبة كسابق عهدها. وعلى صعيد المسرح، كانت لي أعمال مسرحية عدة في بلدي لكنها لم تخرج إلى الجمهور العربي، لذلك أعتبر مشاركتي في هذا العمل فرصة كبيرة لي سواء على الصعيد المهني والفني أو من ناحية الانتشار عربياً، وليتعرّف إليّ الجمهور الخليجي أكثر، وأنا متأكدة أنه سيشكّل إضافة إلى مسيرتي الفنية". وتابعت بالقول: "أعاني حالياً من حالة رعب بسبب عدم اعتلائي خشبة المسرح منذ 19 عاماً، كما أنني أجهل كيفية التعامل مع هذا الجمهور الذي لم أختبره سابقاً ولا أعلم ما الذي يضحكه ويشدّ انتباهه، لكنّ اللافت أن دوري واضح إذ أؤدي شخصية المرأة القوية (القارحة) أي تلك الشبيهة ببعض شخصيات مسلسل "باب الحارة" المحبوبة".

بدورها، تحدثت الفنانة العراقية رحمة رياض إلى "الفن" عن تجربتها المسرحية الأولى، مشيرة إلى أنها أبدت موافقتها فوراً بعد استلامها النص من كاتبه، وأكدت بالقول: "هذه المسرحية تمنحنا تفاؤلاً بالمستقبل، وتشدد على كوننا أخوة وعلينا وضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض، ومساندة واحدنا الآخر". وعن دورها "زمرة"، قالت رحمة: "أؤدي دور فنانة، وبالتالي لم أخرج من شخصيتي الحقيقية، وهذا ما شجعني أكثر على خوض التجربة كونها تتضمّن عدداً من الأغنيات إلى جانب الفكاهة والكوميديا. نجوم العمل هم من خيرة وكبار المسرحيين الذين لا يبخلون بتقديم النصائح وتقديم الدعم والتشجيع، وروح التعاون الموجودة هنا أجدها نادرة في الفن حالياً، لكنها متوفّرة لدى الفنانين القطريين والشعب القطري الذين يحبّون الجميع". وعن كيفية تمكنها من القيام بالتزاماتها الفنية أمام ضغط العمل اليومي في المسرح، أكدت رحمة رياض أنها، ومنذ البداية، اتفقت مع السيد حمد عبدالرضا، رئيس فرقة قطر المسرحية المنتجة للعمل، على تنسيق مواعيد العروض والحفلات والأعراس لئلا تتضارب في ما بينها، وهذا ما حدث بالفعل. ولفتت إلى أن "العمل اليومي شاق والالتزام مسؤولية كبيرة، فأنا معتادة على إجراء الحفلات بفترة متقطعة وليس بشكل يومي لذلك شعرت بالتعب في البداية لكنني بدأت الاعتياد على الأمر وأتحرّق شوقاً لبدء العروض المباشرة ولقاء الجمهور".

لقاؤنا الأخير كان مع مخرج المسرحية الممثل المبدع سعد بورشيد الذي اعتبر هذا العمل استمرارية لمساهمة كل فنان في تطوير الحركة المسرحية القطرية. ونوّه بورشيد بتزامن عرض المسرحية مع دورة كأس الخليج التي عادت إلى قطر بعد 15 عاماً، مشيراً إلى أنه قام بإخراج العمل المسرحي الذي عرض عام 2004 للمناسبة نفسها، وكان من بطولة الممثل الكويتي الراحل عبدالحسين عبدالرضا. وعن قيادته لأداء الممثلين الذين يصل عددهم إلى 27 ممثل وممثلة، يتوزّعون ما بين أصحاب خبرة مسرحية وآخرين يخوضون تجربتهم الأولى، قال بورشيد: "هذهالمسرحية تضيف إلى خبرتي نظراً إلى عدد المشاركين فيها، وأدوارهم المختلفة والمتميزة. رحمة رياض ستكون إحدى مفاجآت العرض، فعلى الرغم من كونها مطربة تتمتع بصوت جميل ولديها شعبية كبيرة ومتابعين كثر لكنها على خشبة المسرح فاجأتني وصدمتني. عندما وجدنا لديها القدرة على التمثيل والمساحة الجيدة في تأدية الشخصية، قمنا بتطوير دورها وأصبحت إحدى بطلات العرض".

والجدير بالذكر أن مسرحية "فيلا 24" من تأليف تيسير عبدالله، إخراج سعد بورشيد، إنتاج فرقة قطر المسرحية، وتشارك فيها كوكبة من الفنانين وهم: سعد بخيت، شهاب حاجيه (الكويت)، محمد السني (السودان)، رحمة رياض (العراق)، سوزان سكاف (سوريا)، محمد أنور، فيصل رشيد، مريم فهد، سوار، يلدز، عبدالله العسم، شيماء، أسرار محمد، ، وأحمد الرواني، وعبدالرحمن العتيبي، وحسن عاطف، علي حسين وغيرهم.

تصوير محمد العبيدلي.