وسط اهتمام شديد ومتابعة مليئة بالشغف والحب، يواصل عشاق السينما وصنّاعها مواكبتهم لمجريات وفعاليات النسخة السابعة من مهرجان "أجيال" السينمائي، الذي تنظمه سنوياً مؤسسة الدوحة للأفلام، والذي رفع شعاره هذا العام تحت عنوان "إكتشف الأفلام.

.. اكتشف الحياة".
وضمن إطار دعم الأعمال المحلية، والمخرجين القطريين الواعدين والمقيمين على أرض قطر، ها هو برنامج "صنع في قطر"، الذي يعتبر منصة لعرض أعمال المواهب المحلية على نطاق عالمي،يعود هذا العام محمّلاً بأفلام قصيرة تمّ تقسيمها إلى جزئين. وقد حضرت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة الدوحة للأفلام الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، ورئيس اللجنة الأولمبية القطرية الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني، حفل السجادة الحمراءالخاصة بافتتاح هذا البرنامج، وذلك داخل الحي الثقافي كتارا وإلى جانب 23 من صنّاع الأفلام الطموحين والمشاركين في المسابقة الخاصة بهذه الفئة والذين ستتنافس أفلامهم أمام لجنة تحكيم تضم كلاً من المخرج السوداني أمجد أبو العلاء، الممثل البريطاني كريس هيتشن، والمهندسة المعمارية القطرية فاطمة السهلاوي.
وفي الجزء الأول من "صنع في قطر" تمّ عرض الأفلام التالية: "نهاية الطريق" لأحمد الشريف، "تيك توك" لعوض كرار، "الفنان: يعقوب ميسي" لطوني الغزال، "في المنتصف" لمريم الذبحاني، "أوراق متساقطة" لديميتري يوري، "ملجأ" لمهى الصيّد، "إف – 57" لعبد الناصراليافعي، "سقطرى – الجزيرة اللامرئية" لتشينغ سو هوا، "الخمار الأسود" للجوهرة آل ثاني، و"قابل للكسر" لخلود العلي.
وفي المقابل، وبعد تمكنهم من تقديم أعمال عالمية بمساهمة ودعم من مؤسسة الدوحة للأفلام، وعرضها في مهرجانات سينمائية عالمية كبرى، عرض صنّاع الأفلام والمخرجون الدوليون أمس أفلامهم في "أجيال" وهي: "ستموت في العشرين" لأمجد أبو العلاء، "زهرة بومباي" للهنديةجيتانجالي راو، و"إلى آخر أصقاع الأرض" للمخرج الياباني كيوشي كورساوا.
وفي سياق تعليقه على الفيلم وعلى أهمية العمل الجماعي، قال المخرج كورساوا: "إننا نعيش في عالم نحن مترابطون فيه، إلا أننا لا نفهم بعضنا بعضاً. لا شك في أن تجربة أفلام من بلدان وفترات زمنية ومواضيع مختلفة من شأنه أن يساعد صانعي الأفلام الطامحين على النمو، ويتحتم عليهم إدراك قيمة العمل الجماعي والتعاون مع المخرجين والمنتجين والممثلين لإنتاج فيلم عظيم". هذا، ويعتبر الفيلم تصويراً عاطفياً لشخص في بلد أجنبي يواجه صعوبة في العثور على وجهته، إذ يروي قصة شابة يابانية تدعى يوكوتواجه سلسلة من الصدمات الثقافية والمواقف التي نتجت عن سوء الفهم، وذلك عندما تسافر إلى أوزباكستان لتصوير حلقة جديدة من برنامج سياحي.
أما "زهرة مومباي"، وهو فيلم رومانسي غنائي للفنانة جيتانجالي راو، فتدور أحداثه في شوارع مومباي حيث يُروى من خلال رسوم متحركة مرسومة يدوياً وتقنيات سردية مميزة لأن راو فنانة رسوم متحركة حائزة على جوائز، وقد قامت بإنتاج وإخراج وتطوير الرسوم المتحركة بصورة مستقلة لثلاث أفلام قصيرة حائزة على جوائز دولية. وخلال لقاء مع أهل الصحافة، تحدثت راو عن واقع حال الرسوم المتحركة في السينما الهندية المعاصرة قائلة: "أمضيتست سنوات في إنتاج الفيلم، أربعة منها وأنا أحاول الحصولعلى تمويل والعثور على منتجين للمشاركة في المشروع. لطالما تخيّلت أفلامي من خلال الرسومات، وأنا أحب المرونة التي تمنحها، إذ تساعدني في بناء قصتي. أتمنى أن يحوز هذا النمط من المحتوى على ثقة المنتجين المحليين بالرسوم المتحركة كجزء من صناعة السينما الهندية".
ومن ضمن البيئة الإبداعية التي يوفّرها مهرجان أجيال في نسخته هذه، يعرض فيلم "ستموت في العشرين" للمخرج السوداني أمجد أبو العلاء والحائز على جائزة أسد المستقبل (لويجي دي لورينتيس) لأفضل أول فيلم روائي طويل بمهرجان البندقية السينمائي الدولي في نسخته 76.ويروي الفيلم قصة الشخصية الرئيسة، أي صبي صغير يدعى مزمل، يتلقى نبوءة مشؤومة في يوم احتفالية تسميته،وتتمثل في توقع وفاته في سن العشرين. وبالطبع، يعيش مزمل تحت وطأة هذه النبوءة، إلى أن يفتح مصوّر سينمائي له نافذة على عالم جديد بالكامل.
وعلى هامش عرض فيلمه في المهرجان، عقد المخرج السوداني أمجد أبو العلاء، مؤتمراً صحفياً أعرب خلاله عن سعادته بردود الأفعال الإيجابية على الرغم من أن فكرة العمل لم تكن من تلك النوعية التي يفضّلها السودانيون، لكنّ تزامن تصويره مع انطلاق الثورة السودانية أدى إلى تقبّل الجمهور للفيلم ليصبح أيقونة عن الأفكار الثورية. وتابع بالقول: "الفيلم مبني على قصة قصيرة كنت قد قرأتها وتركت أثراً في نفسي وهي من مجموعة قصصية بعنوان "النوم عند قدمي الجبل" للكاتب السوداني حمور زيادة، ودفعتني لتصوير طريقة تعامل المجتمع السوداني مع قضايا الحزن، والجهل، والتنمّربطريقة سينمائية". وعن التحديات التي واجهها الفيلم، أشار أبو العلاء إلى صعوبة تصوير وإنتاجفيلم في بلد يعاني من ندرة الإنتاج السينمائي،الأمر الذي أدّى بطبيعة الحال إلى عدم وجود ممثلين محترفين. وأضاف قائلاً: "حرصتعلى تقديم خلطة من الوجوه الجديدة والمحترفة مثل الفنانين محمود السراج وعبدالرحمن الشبلي وإسلام مباركواعتمدت على عفويتهم، واكتفيت بتوجيههم فضلاً عن استخدام الكاميرا في التصوير بدون أية أجهزة ومعدات أخرى. لقد بدأنا تصوير الفيلم في 17 ديسمبر 2018، بمدينة مدني في السودان، أي في اليوم نفسه الذي انطلقت فيه الثورة،وبالتالي قمنا بالتصوير لمدة أربعة أشهر قبل اشتعال الأحداث، فكنا نصوّر مشاهد من الفيلم ثم نعود إلى الفندق، لنتابع الثورة على التلفاز، ومن ثم سافرت إلى مصر لمتابعة مونتاج الفيلم، الذي كان مقرراً له أربعة أشهر، لكني تركته وعدت للسودان فوراً مع إعلان اعتصام 6 أبريل-وذلك على الرغم من اعتراض المنتجين- ودخلت الميدان منذ اليوم الأول وبقيت فيه".
والجدير بالذكر أن علاقة أمجد أبو العلاء بالسينما تعودإلى العام 2001، وقد قدّم خلالها 7 أفلام قصيرة كمخرج، وثمانية أفلام قصيرة كمنتج، وأحياناً ككاتب، كما قدّم وثائقيات للتلفزيون، لتكون ثمرة هذا الجهد فيلم "ستموت في العشرين".