لاقت أعماله رواجاً كبيراً في كافة البلدان العربية لما تميزت فيه من خفة ظل، ومن معالجة لمواضيع كوميدية بسيطة قريبة من هموم الناس في كل مكان.


هو مخرج مبدع وإنسان حقيقي متصالح مع نفسه، محترف بعمله وصريح إلى أقصى الحدود، وهو أبو الكوميديا السورية الحديثة.
لُقب بـ"شيخ الكار" وهو والد المخرجة رشا شربتجي ومدير التصوير والإضاءة يزن شربتجي، إنه المخرج السوريهشام شربتجيالذي ولد في دمشق يوم 2 آذار/مارس عام 1948، ويعد من مؤسسي نهضة الدراما السورية في الخمس والعشرين سنة الأخيرة.

دوره البارز في الدراما
من الصعب المرور بتاريخ الدراما السورية من دون ذكر إسمه ودوره البارز في نقلتها النوعية، ووصولها إلى ما هي عليه الآن، بعدما قدم أعمالاً متنوعة اتصفت بأهميتها الدرامية الكبيرة على الساحة الفنية.
تنوعت الأعمال التي أخرجهاهشام شربتجي، وكانت له بصمته الواضحة في الأعمال الكوميدية، التي لاقت نجاحاً لافتاً.
حاز الشهادة الثانوية وسافر إلى مصر ليدرس في "معهد إمبابا للطيران"، إلى جانب انتسابه إلى أكاديمية الفنون، لكن النكسة دمّرت المعهد، وصارت دراسة الطيران صعبة جداً في ذلك الوقت. هكذا لم يعد أمامه سوى التفرغ للفنون، ودراسة الأدب المقارن، ثم شاءت المصادفات أن يتجه نحو الإخراج، بعدما عين مخرجاً في إذاعة دمشق.
بدأهشام شربتجيمشواره الفني مخرجاً في إذاعة دمشق، بمشاركة الإعلامي نذير عقيل، وأسس شكلاً جديداً من أشكال الدراما الإذاعية الناقدة، فأصبح اسماً معروفاً رغم عمله في غرفة الكونترول.
وكانت له البصمة الأكبر عندما أطلق مع الممثل السوري ياسر العظمة سلسلة المسلسلات السورية الكوميدية الشهيرة "مرايا"، ابتداء من "مرايا 84" ثم "مرايا 86" ثم "مرايا 88"، وابتعد عنها نهائياً في حين تابعها ياسر العظمة بمفرده مع مخرجين آخرين، إلا أنه عاد وأخرج نسختها عام 2006.
ومن أعماله أيضاً "شوفوا الناس" عام 1991 و "البناء 22" عام 1992 و"عيلة خمس نجوم" عام 1994 و"يوميات مدير عام" عام 1995 و"أحلام أبو الهنا" و"مدير بالصدفة" عام 1996 و"عيلة 6 نجوم" و"يوميات جميل وهناء" و"عيلة 7 نجوم" عام 1997 و"عيلة 8 نجوم" عام 1989 و"بطل من هذا الزمن" عام 1999 و"أنت عمري" و"أسرار المدينة" عام 2000 و"مبروك" عام 2001 و"صراع الزمن" و"قلة ذوق وكترة غلبة" عام 2002 و"أيامنا الحلوة" و"بنات أكريكوز" عام 2003 و"مرزوق على جميع الجهات" و"رجال تحت الطربوش" عام 2004 و"بقعة ضوء5" عام 2005 و"جرن الشاويش" عام 2007 و"رياح الخماسين" عام 2008 و"طاش ما طاش" عام 2009 و"آخر خبر" عام 2011 و"المفتاح" عام 2012 و"أزمة عائلية" و"مذكرات عشيقة سابقة" عام 2017.

في أحد لقاءاته تحدث هشام شربتجي عن مسلسلات البيئة الشامية، فقال: "فخر لنا أن يكون في الدراما السورية سحر البيت الدمشقي، ورائحة الياسمين، التي كنا نقرأ عنها في قصائد نزار قباني، لكن ما يقدم ليس له علاقة حقيقية بذاك السحر العريق، بل له علاقة باجترار مفردات حنين مصطنع، ولهذا فليس مبرراً أن تصنع كل هذه الأعمال والمسلسلات فقط من أجل أن تقول "سقى الله" إلا إذا كان صناع هذه الأعمال يريدون أن يدخلوا موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لأنه بقدرة قادر أصبح "باب الحارة" الأكثر مشاهدة في دمشق وسورية والوطن العربي وفي المغتربات ونيويورك وول ستريت! كفانا كذباً على الناس وعلى الماضي في هذه الأعمال.. وهذه مجموعة أعمال أنا شاركت في صنع أحدها، لكنها أرجعت الدراما السورية سنوات إلى الوراء، ولكن حين شاركت فيها كنت المربع الضعيف، وليس المخرج المنتج الذي يتحكم بالعمل ويجتر جزءاً وراء آخر، رغم أن لديه خيارات أخرى".

وفي لقاء آخر علّق: "من المعروف أن البيئة الشامية جميلة والجمهور أحب مسلسلاتها خصوصاً أولئك الناس الموجودون في الخارج، حيث ذكّرتهم هذه المسلسلات بالبيت الشامي وبشجرة النارنج، المهم هنا ما الصيغة التي تقدم بها هذه الأعمال هل هو استسهال أو فبركة أو تشويه لمرحلة اجتماعية لا يجوز تشويهها، عندما قلت سابقاً إن باب الحارة بتكرار الأجزاء أساء حوربت، ولذلك حَرّمْت أن أقول ذلك، في الأجزاء الأولى منه كان المسلسل جميلاً، لكن أن تسخّر هذه الظاهرة للرجوع بأفكارنا للخلف، أمر غير مقبول، وبرأيي عندما تكون البيئة نظيفة والإنتاج نظيفاً ورأس المال نظيفاً والمصادر والأهداف نظيفة حتى لو كان تهريجاً، فلا توجد مشكلة، إذ كلما زاد الإنتاج تزداد المنافسة والعملة الجيدة تطرد العملة الرديئة".

تحدث عن دخول ابنتهرشا شربتجيمجال الإخراج فقال: "دخولها في الوسط كان بالصدفة، هي ابنة عائلة فنية، أمها مهندسة ديكور ووالدها مخرج لكنها لم تكن تفكِر في هذا الاتجاه إطلاقاً إلى أن جاءت معي، وفي يوم من الأيام حينما كثرت أسئلتها وسألتني "لماذا تفعل هكذا؟ " قلت: "علقت". هذا فيروس، وأتمنى ألا يؤثر هذا الكلام على حياتها العادية وحياتها الاجتماعية، وأن تحقق فرحها خارج الفرح الذي تحصل عليه أثناء شغلها".
وخاطب ابنته في لقاء تلفزيوني: "أحب أن أقول لك كم أنا فخور بك، ليس لأنني أنا ربيتك، لا، ليس لأنني أنا علمتك فأنا لم أُعلِمك، لا. صبرك ومحبتك والموهبة التي كانت كامنة فيك، شكراً كثيراً لك يا رشا لأنني فخور جداً حين تكتبين "رشا هشام شربتجي"، قلبي يفرح، قلبي يفرح حين أشاهد أعمالك الحلوة، وقلبي يفرح حينما أجد أناساً مثلك موهوبين ويحتاجون أن نمد يدنا لنساعدهم مثلما ساعدوني الناس كثيراً وأشعروني بأن الغد أحلى لك، أقول لك الغد أحلى".