لا تستطيع أن تستمع الى صوته من دون أن يحرك شيئاً في داخلك أو تصاب بالقشعريرة، أغنياته لم تجل في فرنسا وبلجيكا بل خرقت حدود أوروبا، لتصل الى العالم كله.


نتوقف عند المحطة الرومانسية في هذه الخبريات لنبحر في حياة قامة فنية عريقة في الموسيقى الفرنسية الرومانسية، وأحد أبرز أعمدتها منذ فترة الثمانينيات حتى اليوم، كلود بارزوتي.

بداية كلود بارزوتي
ولد كلود بارزوتي يوم 23 تموز/يوليو عام 1953 واسمه الحقيقي فرانشيسكو بارزوتي، إلى جانب قدراته في الغناء وصوته الجميل إستطاع أيضاً أن يبدع في الجيمناستيك، وحلّ في المرتبة الثانية في بلجيكا.
هو فنان بلجيكي من أصول إيطالية عرف الشهرة في أوائل الثمانينيات من خلال أول أغنية أطلقها عام 1981 "Le Rital" التي تشير الى جذوره الإيطالية.
بارزوتي البلجيكي ولد وترعرع في إيطاليا، لكنه عاد الى بلجيكا في سن الـ 18 عاماً، وبدأ رحلته مع الموسيقى عام 1981 وعرف شهرة واسعة، وحقق مبيعات عالية أيضاً في أغنية "Madame".
عام 1990 عاد ليحقق نجاحاً أكبر في أغنية "Aimes moi" وأثبت نفسه في هذه الأغنية، وأصبح العديد من عشاق الأغنية الفرنسية يؤمنون بموهبته الإستثنائية، ولطالما أكد كلود بارزوتي الى أنه يسعى الى نشر الحب لا الحرب.

إدمانه على الكحول دمّره
حصل كلود بارزوتي على فرص كثيرة في حياته، واعتبر أن موهبته وحدها لا تكفي، عندما كان في سن الثامنة عشرة، كان مدرس موسيقى مختصاً في السولفاج والقيثارة الكلاسيكية، درّس لمدة سنة، وبعدها قرر التفرغ للفن كمغنٍ من أجل كسب لقمة عيشه، اضطرّ للعمل في طلاء العمارات، وعمل أيضاً كميكانيكي وبناء، وعندما بلغ الـ 22 سنة، عُيّن مديراً فنياً لدار الأسطوانات الأكثر شهرة في أوروبا "Vogue"، وهناك تعرّف وتعامل مع كبار الفنانين.
في سنة 1981 أصدر أغنية "Madame"، لكنها لم تحقق النجاح في البداية لأنه كان يبلغ الـ 21 عاماً، وأكد في عدّة مقابلات صحفية وإعترف: "صحيح أنني لست شارل أزنفور ولا أريد أن أقارن نفسي مع هؤلاء العمالقة، ولكن لو لم يكن لدي إدمان على الكحول لكنت قد نافست الكثيرين وحققت نجاحات أكبر في مسيرتي، الكحول لازمني طيلة 20 سنة وكاد يقضي علي، وأخّر كثيرا مسيرتي الفنية".

كلود بارزوتي في زيارته الى لبنان
أول مرّة زار فيهاكلود بارزوتيلبنان كان في العام 1990، ويقول دائماً شعاراً واحداً في لبنان، "وهو أنه بلد الوفاء والروعة".
رغم الظروف الإقليمية السيئة المحيطة فيه، وقال أيضاً: "أحب لبنان كثيراً وهذا هو المهم بالنسبة لي ولا أكترث للظروف".
وتابع في مقابلة حصرية لموقع "الفن": "يذكرني جداً بإيطاليا وأهلها، الذين على الرغم من الفوضى التي يعيشون فيها، فهم دائماً قادرون على الوقوف على أقدامهم".

بارزوتي كلية واحدة
تعرض كلود بارزوتي لوعكة صحية ألزمته الفراش، كانت مرحلة صعبة خاصة أنه اضطرّ إلى دخول المستشفى، فهو يعيش بكلية واحدة بعد أن تم نزع كليته المريضة، كما أن كليته تحمل بعض الحجارة التي تسبب له آلاماً كثيرة، وهذا ما يلزمه إجراء فحوصات طبية كل 15 يوماً.

فلسفة كلود بارزوتي في الحياة
يقول كلود بارزوتي عن نجاح أغنياته والقصص التي يرويها من خلاله: "نجاحي كان بالنظر إلى صوتي المميز، أنا أكتب الأغاني وكل أغنية ستجد من ورائها قصة، واقعيتي كانت من أهم عناصر النجاح لأنها تتصل مباشرة بالجمهور وتنقل له الأحاسيس كما هي، مثلاً أغنية "سيدتي" كتبتها عندما بلغت سنّ الـ 20 عاماً، كنت في كافتيرا، حينها لمحت امرأة أربعينية وأغرمت بها، ومن ثم كتبت الأغنية وغنيتها لأعبّر عن مشاعري لهذه المرأة التي لم ألمسها يوماً في حياتي وكنت أراها من بعيد. كذلك بالنسبة لأغنية "لو ريتال"، أي بمعنى الإيطالي، كتبتها لأعبر عن فخري بانتمائي لايطاليا عندما كان يقول لي رب العمل، أنت ايطالي ولست فرنسياً، والأمر نفسه بالنسبة لأغنية "الجزائر"، كتبتها عندما زرت هذا البلد وأحببت شعبه. في اعتقادي هذا هو سر النجاح، إضافة إلى التواضع".
وأكد بارزوتي أن الموسيقى هي التي ساعدته على الخروج من مشكلة أضاع بسببها 20 عاماً من عمره، وهو الشيء الوحيد الذي يندم عليه في مشواره الفني. "طيلة السنوات الماضية عانيت ولا أزال أعاني من مشكلة الإدمان على الكحول، وخضعت لجلسات علاج مستمرة وصلت إلى 13 جلسة، لكني اليوم توقفت عن استهلاك الكحول وأشعر بأني في حال جيد". وقد جاء ألبوم "أعود من سفر" ليروي رحلته الشاقة وبلوغه "الجحيم" قبل العثور على يد منقذة.

حياة بارزوتي الرومانسية الملهمة
عبّر كلود بارزوتي عدّة مرات أنه معجب بالنساء اللبنانيات لأنهن جميلات. أما أول حب في حياته كان لجارته وكان عمره حينها تسع سنوات وكان ينتظرها طويلاً ليراها، وعندما يلتقي بها ويمسك بيدها يشعر بفرحة كبيرة. يرفض أن تشبّه أغنياته بالأغنيات التي يؤديها خوليو إغليسياس، وما تتضمنه من إثارة حب فقط بل بارزوتي يغني المشاعر والأحاسيس والحب التي يشعر بها كل الإنسان، الرجل المرأة والطفل وككل أفراد المجتمع.
ويستوحي بارزوتي قصص أغانيه من الحياة الواقعية وتجاربه الغرامية مما يجعل أغنياته قريبة من الناس، وخصوصاً النساء وفضل البقاء عازباً لأنه لا يحب فكرة أن يعود الى المنزل وهناك إمرأة تنتظره، يحب أن يعود الى بيته ويعيش بهدوء وبمزاجيته. ولايزال يحتفظ بحريته، ولم يتزوج طيلة حياته، لكن لديه ابنتان وأصبح لديه أحفاد.

السرّ خلف رائعة صوت كلود بارزوتي
تجري العادة في إيطاليا أنه حين تضع حبل سرّة الطفل على الشوك يصبح صوته رائعاً، وينتهي به الأمر في الغناء على خشبة مسرح La Scala أو Olympia. وهذا ما فعله أنطونيو والد كلود حين ولد لأنه أراد أن يصبح إبنه فناناً، ولم تفوّت والدته أنّا وخاله مارينو الفرصة في صغره لدفعه نحو الموسيقى وجعله يؤدي أهم الأغنيات الإيطالية وتعليمه العزف على آلة الأكورديون في سن الـ 6 سنوات حيث أظهر تقدماً سريعاً في تعلّمه عليها وبعد عامين انتقل الى عزف الموسيقى الكلاسيكية على الغيتار، حتى أصبح مراهقاً يغني في فرقة موسيقية وبدأ يكتب أولى أغنياته الرومانسية. وأكد أنه لم ينفق أمواله التي حصدها من النجاحات وأنه لطالما حافظ على ثبات قدميه على الأرض من دون أن يسكر في شهرته بل حافظ على طابعه كقروي.
أبرز أغنياته "Le Rital" ، "Madame"، "je ne t’ecrirai plus"، "elle me tue" وغيرها من الأغنيات التي كسرت جدار أوروبا وانتشرت حول العالم.