هو مسرح مختلف تماماً عن أنواع المسارح الأخرى .

هو مختلف بنصه وأدواته وأسلوبية مناقشته للموضوعات لأنه يخاطب الطفل وينقل له المعلومة من خلال فكرة التمثيل مع مراعاة الحفاظ على مشاعره ونفسيته . يقوم هذا المسرح على منهجية التربية وعلم سيكولوجيا الأطفال والتربية الأسرية، لهذا السبب تطرقنا من خلال طرح الموضوع إلى العديد من الجوانب مع ضيوف لكل منهم دوره المعني بالموضوع لنتأكد إن كان هذا المسرح يؤدي دوره بالشكل التربوي العلمي أم لا ؟ وما هي مخاطره على الطفل ؟

الناحية الفنية (جيزيل هاشم زرد ).

جيزيل هاشم زرد من رواد مسرح الطفل المختصين وفي رصيدها الفني العديد من المسرحيات، علقت على موضوعنا فقالت :"رداً على سؤالكم إن كان مسرح الطفل اليوم بمكان آمن أن المسرح طاقة نور والعمل المسرحي الكامل نصاً وديكوراً وإخراجاً وتمثيلاً يبعث في نفس الطفل إشعاعات كثيرة، فالقصة هي محور جذب انتباه الطفل وبالتالي هي مصدر المعلومة وتنمية حس الالتقاط والتركيز عنده، لأن المسرح يقدم للطفل ثقافات عديدة ويصل به إلى عملية التحليل والتفاعل، لذا العمل في مثل هذا المسرح له شروطه ومتطلباته وثقافته، فلا يمكننا أن نقدم له أي شيء بالعبث لأننا نكون بطريقة ما نؤذيه ونحمّله فوق طاقته ."

واستطردت ضيفتنا في الحديث فقالت:"عندما نكتب للطفل يجب أولاً مراعاة القيم والمبادىء والأخلاقيات لأن ذهنيته ما زالت غير قادرة على تحليل الأمور بشكل منطقي وعلينا الابتعاد عن تسخيف الحدث، لأن الطفل ناقد غير مجامل يعبر عن رأيه بمنتهى الصراحة . فأنا لا اترك قطبة مخفية في نصي المسرحي إلا وأسلّط الضوء عليها ."

وختمت زرد حديثها فقالت :"لا يمكن للمسرح أن يلغي دور القصة عند الطفل، خصوصاً وأن القراءة هي غذاء الروح، فالمسرح يشجّع الطفل على التعايش مع خياله والكتابة على الورق تبقى في مكانها بينما المسرح يعطي الحركة، والعطاء على خشبته فرحة لا يشعر بها الا من يعمل في هذا المجال ."

الناحية التربوية ( د. جورج حويللا صاحب ورئيس مجلس مدرسة سان جوزيف )

تحدث الدكتور جورج حويللا عن فكرة تحقيقنا فقال :التربية أسلوبية حساسة جداً لأن الطفل يمر بمراحل حساسة ولكل منها مناخاتها ومواقفها. الذهاب إلى مسرح الطفل عند صفوف الحضانة فيه شيء من الفرح والغبطة عند الطفل لأنه بذهنيته المتواضعة ذاهب للبحث عن شخصيات غريبة عن محيطه، وللبحث عن مغامرة شيقة مساحتها الزمنية لا تتعدى الساعة ونصف الساعة، لهذا السبب على النص المسرحي أن يحفز هذا الطفل على اكتساب المعلومة وتخزينها في رصيده المعرفي من خلال الحركة المسرحية، وهنا عدة عوامل تلعب دورها في هذا الشأن أولها القصة المشوقة، ثانيها الإضاءة والإخراج، ثالثها الشخصيات ودقة اختيارهم، ورابعها المعلومات والاكتسابات التي تضيف رصيداً للطفل ."

ختم د. حويللا حديثه قائلاً :"نحن نفتش على المسرح الهادف المغذي لذهنية الطفل قبل أن نصطحب طلابنا وبالتالي نشجع الطفل على الذهاب لمشاهدة مثل هذا النوع من المسرحيات، لأنه يحمي أولادنا عندما يكبرون من الانحراف وبالتالي يعوضهم عن الانخراط في الانترنت الذي يهدد سلامة أمنهم الفكري ."

ناحية التمثيل ( الممثل طوني نصير )

بدأ الممثل طوني نصير مشواره الفني مع التمثيل من خلال مسرح الطفل وقدم العديد من مسرحيات الأطفال مع الراحلة أماليا أبي صالح . طوني علّق قائلاً :"من أصعب حالات التمثيل هو مسرح الطفل، لأنه يشترط على الممثل أن ينزل إلى ذهنية وطبيعة الطفل، وبالتالي أن يوصل إليه المعلومة بطريقة بسيطة حتى لا ينفر منه، فالطفل ناقد خطير ويتفاعل مع الممثلين على المسرح بطريقة عصبية أحياناً ."

أضاف نصير فقال :"القصة هي الأساس الرئيسي في مسرح الطفل، إضافة إلى الشخصيات سواء أكانت وهمية أم حقيقية، إنما بالشكل العام الطفل يميل إلى عالم الحيوانات كشخصيات، لأن عاطفته لم تنضج بعد وهو عالم يحرك رأفته في هذا الشأن فالأسد يمثّل القوة عنده بينما الثعلب الخبث والسلحفاة الاجتهاد ."

الناحية السيكولوجيا ( الدكتورة زينة الوزة/علم نفس / أسري ومديرة عام مؤسسات الوزة التربوية )

علقت الدكتورة زينة الوزة على فكرة التحقيق فقالت :"علم النفس الأسري يركّز على الطفل لأنه الاساس في تكوين المجتمع، ولهذا السبب هناك خصوصية بالتواصل معه، فالطفل يشبه قطعة الاسفنج التي تمتص كل الاشياء بالطريقة نقسها، مما يخلق عدم توازن في هيكليته الذهنية. كما أن القصة المعنية بالطفل كذلك المسرح الذي ينمي فيه روح الخيال والحماس والبحث عن المعلومة الضائعة، فعندما يدخل المسرح تكون حالته النفسية مشتتة ولكن لمجرد أن يبدأ العرض تراه يتفاعل مع أدق التفاصيل في المسرحية، لهذا السبب من واجبات وزارة الثقافة دعم مسرح الطفل وتأليف لجنة رقابة مختصة لأن خطورة هذا المسرح أنه ينقل أحياناً عادات سيئة وأفكار بالية قد تخدش الحياء عند الطفل والأهم في مضمون هذا المسرح ان لا يسلط الضوء على العاهات والتشوهات بطريقة ساخرة وغير مسؤولة ."

أضافت الدكتورة الوزة قائلة :"تحتاج الكتابة لمسرح الطفل لوعي كامل وخبرة سيكولوجية تحمي أطفالنا من التشرزم والتفكك، وبالتالي تزودهم بالمعلومة المفيدة المغذية لعقولهم ."

ناحية الاخراج ( المخرج المسرحي جو مكرزل )

علق المخرج المسرحي جو مكرزل فقال :"الإخراج في مسرح الطفل يعتمد على الحركة الإيجابية ويتطلب مهارة عالية بنقل مثل هذة الحركة الى الطفل بدون ان تؤثر عليه . انا ضد مشاهد الرعب والهلع والمؤثّرات المخيفة لأن الطفل ليس مهيأ لاستقبال مثل هذه التقنيات المسرحية، بالعكس كلما ذهبنا به الى الطبيعة وعلم الحيوان كلما بعثنا الامل في نفسه و كلما كان اكثر هدوء ."

ناحية التمثيل ( الممثل طوني غطاس ).

الكاتب والمخرج طوني غطاس علق على تحقيقنا فقال :"ان مسرح الطفل ما بين الامس واليوم تغير كثيراً وطرأت عليه تبدلات سريعة , فبالأمس كان مدعوماً من جهات انتاجية تؤمن لنا السيولة لتقديم أعمال فيها إبهار وكنا نقدم المعلومة البسيطة بفكرة ساحرة أو ما شابه، فالعمل المسرحي للطفل بحاجة الى التكنولوجيا انما بالعموم هذا المسرح لا يتخلى عن مبادئه وقيمه وعبره التي يتعظ منها الطفل ."

استطرد غطاس قائلا:"هذا المسرح اليوم اصبح للاسف الشديد تجارياً لانه بلا رقيب، وكل انسان عاطل عن العمل يفكر بانتاج وكتابة مسرحية للاطفال معتقدا بأن مثل هذا النوع من المسرح ليس إلا تصفيقاً وأغنية وأزياء، علماً بأنه من اكثر المسارح خطورة لأنه يقوم على الفكر ويؤسس لجيل ناشىء واعد . نحن في عالم مسرح الطفل منذ 24 عاماً و الثبات طيلة كل هذه المدة هو شهادة على مصداقيتنا ."

تحدث عن العوائق فقال :"للاسف نحن بلا نقابة تردع وتنظم شؤون هذا المسرح، خصوصاً محاسبة الفرق المسرحية الدخيلة على هذا المجال، كما أن الوزارات المعنية لا تدعم مسرح الطفل أو توفر الامكانيات المادية له وتؤمن مسارح مجهزة تقنياً للعرض وبأسعار مخفضة ."

وتحدث ايضاً عن دور السوشيل ميديا وانعكاساتها على مسرح الطفل فقال:"انا برأيي للسوشيل ميديا حسناتها وسيئاتها، ووجود الطفل على الانترنت ولهذه الوسائل اثر على عدم نزوله للمسرح لأن المسألة كلها باتت بين يديه، وهذه الشبكة من التواصل سهلت لنا الاحتكاك به من خلال الواتس اب والفايسبوك وغيرها من الوسائل لنقدم له انتاجاتنا .

ناحية التمثيل (الممثل والكاتب عبدو حكيم ):

علق الكاتب والممثل المختص بمسرح الطفل حكيم فقال :"الجهود الخاصة بهذا االمسرح فردية وفعلاً هذا المسرح مهدد بالقرصنة من خلال الانترنت والسوشيل ميديا بالمستقبل، إنما حاليا عندنا كمية كبيرة من المسرحيات مما يخلق جواً من المنافسة ."

مسرح الطفل ( والكلام لحكيم ) ليس استعراضاً وغناء فقط بل هو تركيز وإفادة فكرية، خصوصاً المسرح الثقافي وخطورة الكتابة فيه ان تقدم المعلومة للطفل بأسلوب استعراضي ولا تعظه لأنه ينفر من المواعظ المباشرة، وللاسف عندنا دخلاء على هذا المسرح يقدمون ما يشوه اخلاقيات وعادات الطفل بأعمالهم السطحية.