شربل زيادة ممثل لبناني صاحب مسيرة فنية لأكثر من 25 عاماً، ما بين المسرح والسينما والدراما، أدوار عديدة وشخصيات مختلفة قدمها بحرفية وإتقان في أعمال ناجحة نذكر منها "نص يوم"، "جريمة شغف"، "الغالبون"، "جذور"، "بنت الشهبندر" وغيرها.

لم يحصر عمله الفني في التمثيل فحسب، بل نوّع عمله وموهبته ما بين الإذاعة والتلفزيون كتقديم البرامج، إلى أن أسس شركة إنتاج خاصة به.

ومؤخراً، خلال الموسم الرمضاني الفائت، أطلّ من خلال مسلسل "إنتي مين"، فماذا عن تجربته هذه؟ وما أضافته له؟ ومواضيع اخرى، تجدون الإجابة عليها في هذه المقابلة.

كيف كانت تجربتك في مسلسل "إنتي مين"؟

تجربة جميلة جداً، ولم اتردد لحظة في خوضها، وعندما إلتقيت بالمخرج إيلي حبيب للحديث عن الشخصية طلبت منه أن أتحدث باللهجة الجبلية كي تكون الشخصية أكثر قرباً وإقناعاً للناس، خاصة ان إبن المدينة اليوم يعكس صورة الشخص الذي يبحث أكثر عن الكماليات، ومع العلم ان القائمين على العمل عارضوا أولاً لكنني أصريت على تقديم الشخصية بهذه اللهجة وكان قراري في محله، حيث خرجت النتيجة بطريقة جميلة جداً وأنا سعيد بها.

وإضافة إلى ذلك، والذي شجعني اكثر لكي أكون معهم في هذا العمل هي لائحة الممثلين، فعندما علمت بأنني سأكون مع الممثل نقولا دانيال الذي كان أستاذي في الجامعة وأكنّ له الكثير من المحبة والإحترام، وأيضاً الممثلة جوليا قصار التي تجمعني بها صداقة وكذلك الممثلة عايدة صبرا، والممثلة أنجو ريحان التي أعرف تاريخها بالكوميديا والممثلين عمار شلق وأسعد رشدان طبعاً، وافقت من دون أي تفكير.

هل تعتقد أن الدراما اللبنانية تعتمد مؤخراً بشكل خاطئ على "الفخفخة"؟

هذا يعود إلى القصة، فإن كان هذا الأمر ضرورياً فليس خطأً، ولكن لا أن تعتمد عليها دائماً وبما لا يخدم سياق العمل.

برأيك ماذا أثبت "إنتي مين" بالنسبة للدراما اللبنانية؟

انا لا أريد أن أضع أي مسلسل بوارد المنافسة مع أي مسلسل آخر، في النهاية نحن نعمل جميعاً في المجال ذاته وأي نجاح لأي مسلسل ينعكس على الجميع.

وبرأيي نجاح "إنتي مين" يعود إلى ثلاثة امور، أولاً القصة المتينة جداً والتي تحكي عن فترة من فترات الحرب اللبنانية التي يتذكرها كل اللبنانيين، وثانياً النص كطريقة الكتابة وقربه من الناس، وثالثاً الممثلون الذين إستطاعوا تجسيد هذه الشخصيات لدرجة أن الناس صدقتها.

وطبعاً هناك عناصر أخرى، كالمخرج وإضافة إلى أنه لبناني 100% وهذا شجع الجمهور اللبناني للتعلق به أكثر.

مع العلم انه هناك مسلسلات لبنانية 100% لم تنجح كما نجح مسلسل "إنتي مين"، فالأمر بالنسبة لي لا يتوقف فقط على أنه لبناني، بل بسبب قربه من الناس، ووضع يده على جرحهم ما دفعهم إلى التفاعل معه.

فلا أريد ان أقول إن هناك مسلسلاً آخر لأن فيه ممثلين سوريين أو أجانب لم يحبه الناس، بالعكس الناس تتابع، فمثلاً الممثل السوري معتصم النهار أصبح نجماً في لبنان أكثر من أي نجم آخر ومنهم أنا رغم مرور 25 عاماً على مسيرتي الفنية.

وأريد ان أضيف إلى قصة العنصرية التي يزرعونها بين الممثلين، فأنا أفهم ان يكون لدى الشخص قومية، لكنها لا تترجم في الفن بل تترجم أكثر في الأمور العملانية كالسياسة والإقتصاد.

فالفن طبعاً له هوية، تعبّر عن المجتمع لكنه في الوقت نفسه يتخطى كل الحدود وإلا لا يصبح فناً.

إنطلاقاً من هذا الموضوع، لماذا برأيك قد ينزعج ممثل لبناني من أن ممثلاً من جنسية اخرى يأخذ حيزاً اكثر منه في بلده؟

أنا لا استطيع ان أضع نفسي مكان الممثل طوني عيسى عندما تكلم هكذا، مع العلم أنني أخلاقياً أعرفه جيداً وهو اكبر من ذلك بكثير، وبالنسبة لي أرى أنه من حق أي احد أن تكون له مساحته وخصوصاً في بلده.

ولدي مأخذ على القصص التي تطرح، فمن الممكن ان يقوم بها ممثل لبناني وليس من الضرورة ان يكون ممثلاً أجنبي، ومن هنا فإنه يحق لأي أحد أن يطالب بأن يكون الأول في بلده والاولية له، مع العلم ان هذا الأمر لا يمنع بأن يكون هناك إختلاط لأنه أحياناً نحن نعمل في مصر وسوريا ودبي ولا نجد هذه العنصرية.

لكن الجوّ السياسي المشحون والجو الإقتصادي وعبء النازحين الذي يشكلونه على البلد، كلها امور تساعد في تأجيج هذا الموضوع.

برأيك وإنطلاقاً من خبرتك في مجال الإنتاج، هل المشكلة تقع على المنتج بإختيار الممثل إن كان لبنانياً أو عربياً، كونه يبحث عن الربح المادي فقط؟

إن أردت التفكير كمنتج وكيف يتم التحضير لأي عمل، فطبعاً أبحث عن الربح المادي، ولكن هذا الأمر أحياناً يضرب فكرة الـCasting الصحيح، فلا يكفي ان يأتي المنتج بأحد لديه عدد كبير من المتابعين الذين اكثريتهم هم غير حقيقيين Fake ،فأحياناً يكون الشخص غير مناسب للدور.

تعتقد أنه هناك تكتلات معينة تفرض نفسها على شركات الإنتاج؟

هناك شيء من الحقيقة والواقع في ما خص هذا الموضوع، ولا أعلم كم هو صحي، فدائماً ما يكون هناك توقيع لعقود من ممثلين مع شركات إنتاج معينة وهذا أمر طبيعي وموجود عالمياً، هو امر مؤسف ولكنه أصبح في الوقت نفسه أمراً ضرورياً حيث من الضروري أن يكون للممثل أناس يطالبون به، فإن لم يبق الممثل على علاقة بالمنتجين ويتواصل معهم دائماً ويذكرهم به قد لا يجد عملاً، مع العلم انني لا اعرف كيف أفعل هذا الأمر.

ماذا أضاف مسلسل "إنتي مين" لك؟

هذا المسلسل وهذا الدور الذي قدمته، هو بداية نضوجي كفنان وكممثل وأقصد هنا كتفكير مع العلم أنني تأخرت في ما خصّ هذا الموضوع.

فكل الفنانين لديهم هوس بشكلهم، كيف سيظهرون على الكاميرا لأن هذا الأمر يكسبهم مزيداً من الجمهور والمتابعين، وفي هذا الموضوع تحديداً بدأت التفكير بطريقة ثانية، أي انني أريد في كل مرّة ان أقدم شيئاً مختلفاً عن ما سبقه ولا يشبهه، على اساس انني أقوم بهذه المهنة كي أستمتع لا كي أظهر على الشاشة كعارض أزياء.

ما سبب صعوبة إنتشار الدراما اللبنانية على غرار الدراما المصرية والسورية وغيرهما؟

أولاً غياب الدراما اللبنانية عن الساحة لفترة طويلة خلال الحرب، حيث أنها تركت المجال حينها لغيرها، ففي فترة الستينات كانت الدراما اللبنانية هي الوحيدة في الدول العربية المنتشرة، بعدها أتت فترة الدوبلاج التي أخذت مكان الدراما اللبنانية مما دفع بالناس إلى نسيانها أكثر.

وفي النهاية كل شيء له وقته، فتقريباً منذ عشر سنوات وإلى اليوم عاد المشاهد اللبناني يؤمن بالدراما، وإضافة إلى الأزمة السورية التي إنعكست إيجاباً على الدراما اللبنانية.

برأيك الأزمة السورية إنعكست فقط إيجاباً على الدراما اللبنانية؟

إنعكست إيجابا في مكان ما لكنها عادت وإرتدت سلباً مؤخراً.

كيف؟

ساعدت إيجاباً لناحية أنها شجعت السوريين بالقدوم إلى لبنان للتصوير وإختيار ممثلين لبنانيين، إلى أن أصبح الإنتاج يأخذ مكاننا، وأقصد طاقم عمل الإنتاج لم يعد لبنانياً.

تحدثت مؤخراً عن الفرق بين النجم والممثل، ماذا تقصد؟

حديثي إجتُزئ، فأنا لم أكن أقصد أن النجوم صعدوا على حساب الممثلين، فهناك ممثلون حقيقيون هم نجوم بكل معنى الكلمة، وهناك نجوم ليسوا ممثلين، وأنا لم أقصد أن كل النجوم هم ليسوا ممثلين.

أعطني إسم نجم ليس ممثلاً.

لا أريد أن أدخل بهذه المتاهات ولكن استطيع أن أقول لك أنهم كثر.

مع العلم أن هناك أشخاصاً يفاجئونك، فتعتقد أنهم لا يملكون شيئاً، مثلاً الممثلة اللبنانية ستيفاني صليبا بمسلسل "دقيقة صمت" حيث أنها فاجأتني، فكنت أعتقد ان هناك أحداً ما يؤمّن لها الإنتاج ويدعمها لتحظى بهذا الدور، لكن كان العكس وأسكتتني.

من هنا، فهناك أشخاص نظلمهم لأنه احياناً نأخذ عليهم أحكاماً مسبقة وبالنهاية لا يستمر إلا من يستحق ولماذا انا من سأحدد.

بعد مسيرة طويلة في مجال التمثيل، ودورك في "إنتي مين" ونضوجك، هل وصل شربل زيادة لمرحلة المطالبة بالبطولة المطلقة؟

صراحةً نعم أنا دائماً أطرح هذا السؤال وطرحته على اكثر من منتج أو مخرج، وللأسف عندنا هنا تفكير يقول إنه إن لم تأخذ دور البطولة في عمر الـ20 إلى الـ30 لن تستطيع اخذه لاحقاً، مع العلم أنه في هذه المرحلة من عمري لم يكن هناك إنتاج.

وهذا بالنسبة لي أمر خاطئ جداً، وهناك شيء من السذاجة في الموضوع وكيف يتم التفكير به.

سافرت سابقاً لحوالى الـ16 عاماً وإبتعدت عن المجال، هل تفكر في السفر مجدداً؟

كلا، فسابقاً سافرت بداعي الدراسة وكنت انوي البقاء هناك، ولكن نحن لدينا مرض هو هذا البلد، الذي نبقى دائماً نفكر به، وأنا واحد من هؤلاء الأشخاص الذين لا يستطيعون الإبتعاد عن لبنان.

بالنسبة لتجربتيك في الإذاعة وتقديم البرامج التلفزيونية، هل ستعيد الكرّة؟

بالإذاعة كانت تجربة جميلة وإن كنت سأعيدها فسيكون بغير الإذاعة اللبنانية.

لماذا؟

لأن الإذاعة اللبنانية هي صورة مصغرة عن لبنان وهو الأمر الذي أقوله للمرة الأولى، حيث أن فيها محسوبيات وكل كلمة تريد ان تقولها عليك أن تحسب حساب ان لا يزعل هذا الشخص او ذاك، فأنت لا تملك الحرية.

أما بالنسبة لتقديم البرامج، كانت تجربة جميلة أيضاً وكان برنامجي "يا عمري" منتشراً عربياً والرقم واحد، لكن إن أردت العودة فليس في هذا الإطار والمحتوى، لأنه للأسف اليوم أصبحت البرامج الفنية معتمدة على الفضائح والتدخل في الحياة الخاصة للناس بشكل سيئ جداً وأنا لا أستيطع ان اكون هكذا.

أين الحب في حياة شربل زيادة؟ خاصة انك قلت مؤخراً أنك لن تعيد الزواج مجدداً لأنك لا تحبذ ان تكون مقيداً.

"عالرفّ"، لأنه في عمر معين تصبح حرية الشخص غالية جداً عليه، وأنا اتعلم من تجارب من هم حولي، وهو احياناً قد يكون خطأً ولا ينطبق على الكل، ولكن إلى اليوم لم ار علاقات زواج نجحت بالمعنى الذي أفكر فيه.

ماذا عن جديدك؟

أصور حالياً مسلسل "راحوا" من كتابة كلوديا مرشليان وإخراج نديم مهنا، وأحضر لفيلم قصير بعنوان "Valence" للمخرج اللبناني-الأميركي مازن عكر والذي سنبدأ تصويره في الـ19 من الشهر الحالي في منطقة الصرفند، هو فيلم باللغة الإنكليزية وسيشارك في العديد من المهرجانات.