ضمن سلسلة "إسم علم" التكريمية التي تخصصها الجامعة الأنطونية لكبار الشخصيات الثقافية، إحتفلت الجامعة هذا العام بالشاعر أدونيس، حيث تم تكريمه في حرم الجامعة نهار السبت الماضي بإحتفالية مميزة شارك فيها العديد من الوجوه السياسية والثقافية والأكاديمية على رأسهم رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ممثلاً بمستشاره رفيق شلالا، رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، السفير السوري علي عبد الكريم علي، الشاعر هنري زغيب، الشاعر طلال حيدر، الشاعر حبيب يونس وعدد من الشخصيات.

بداية الحفل كانت مع كلمة رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال جلخ الذي رحب بالشاعر أدونيس وأثنى على أعماله الشعرية المميزة، وأكد أن حفل تكريمه جاء ليكون تأكيداً على أهمية هذا الشاعر في الحياة الثقافية اللبنانية.

من ثم عرضت مقابلة مع أدونيس تم تصويرها في رحاب الجامعة الأنطونية وأجراها الإعلامي بسام برّاك، تحدث فيها أدونيس عن مشواره الثقافي وعلاقته ببعض الشعراء والأدباء كالراحل يوسف الخال وأنسي الحاج اللذين شاركهما في مسيرة مجلة "شعر"، كما تحدث عن عشقه الكبير لزوجته وزواجه المدني منها، وكذلك عن اولاده، وتأثره بالراحل أنطون سعادة وعلاقته بالحزب القومي السوري الإجتماعي.

بعد المقابلة أطلت المشرفة على سلسلة "إسم علم" الدكتور بسكال لحود لتعرض أبرز ما يتضمنه الكتاب، الذي تم إعداده عن أدونيس للمناسبة، وجاء بعنوان "أدونيس جمع بصيغة المفرد" ويتضمن عدة فصول، منها بطاقة تعريفية عن المكرم وكذلك شهادات لمن عاصروا أدونيس وكذلك الأمر نقداً له من قبل بعض الأدباء.

واستكمل الحفل بفاصل موسيقي كتحية نغمية من عميد كلية الموسيقى وعالم الموسيقى نداء أبو مراد، تلحيناً وارتجالاً على الكمان وبصوت رفقا رزق.

من ثم أطل المكرم أدونيس وألقى كلمة شكر فيها الجامعة الأنطونية على تكريمه، وكذلك كانت بمثابة قراءة نقدية أو تقييمية لأدونيس نفسه وللواقع الثقافي في لبنان والعالم العربي، وكذلك السياسي حيث يؤثر هذا العامل سلباً على الثقافة.

أدونيس أبدى تخوفه من ما يحدث حيث تحول الكثير من البلدان الى ثكنات عسكرية، وتدمر البعض منها، وأدت الحروب لتدمير بعض المعالم والمتاحف والأيقونات الثقافية التاريخية بسبب حب السلطة والتفرد بها، كما وجه رسالة لزميليه في مجلة "شعر" الراحل يوسف الخال والراحل أنسي الحاج، حيث قدم من خلالها تقييماً لمشوراه وشكر من خلالها أبرز الأشخاص الذين عمل معهم خلال مسيرته. كما أكد في نهاية كلمته على دور الشاعر في خروج المنطقة من هذه المحنة، وكذلك كشف عن بارقة أمل تجاه المستقبل الثقافي في المنطقة، مثنياً على دور بيروت التي يعشقها وسيموت فيها بحسب قوله على هذا الصعيد.

موقع الفن كان حاضراً في الحفل التكريمي، وكانت لنا اللقاءات التالية:

ممثل رئيس الجمهورية ميشال عون المستشار رفيق شلالا:

وجود أدونيس اليوم في التكريم يؤكد على دور لبنان الثقافي في هذه المرحلة، أدونيس قامة فكرية أدبية لا تتكرر، ما قاله اليوم هو بمثابة محاضرة عكست الواقع الذي نعيشه، فلا يوجد شك أن لبنان والدول العربية يحتاجون لنهضة جديدة تأخذ بعين الإعتبار كل التراث الذي قدمه أدونيس ورفاقه.

وتابع شلالا: "بقراءة متمعنة ومتأنية لما قاله نجد أن كلامه سيكون بمثابة محرك يعيد إحياء القيمة الفكرية والأدبية في المنطقة".

ورداً على سؤال حول كيف سيتلقى الرئيس عون رسالة أدونيس بأن لبنان سيكون أساس النهضة اللبنانية والعربية من جديد، قال شلالا: "فخامة الرئيس يتابع كل فكر لبناني وعربي وكل ما يصدر عن كبار أدبائنا ومفكرينا، وجودي اليوم ممثلاً فخامته هي رسالة الى أدونيس وكل المنظمين وكل أهل الثقافة، أن الحداثة لا تقتصر فقط على الأدب بل تشمل السياسة أيضاً".

رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني:

تكريم أدونيس اليوم حدث مهم على المستوى الثقافي في لبنان وسعيد بوجودي في هذه المناسبة الثقافية المميزة.

ورداً على سؤال: "بعد وصف أدونيس للواقع في المنطقة على أنه ثكنات عسكرية وبلدان مدمرة، هل تجد أنك كنت على حق عندما توقفت عن العمل السياسي؟" قال الحسيني: "طبعاً، لا يمكنني أن أشارك بكل ما يحصل".

رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال جلخ:

ما حصل اليوم قراءة وجدانية لما وصلنا إليه في المنطقة وهذا أمر يحق لأدونيس، لأن كل المفكرين يسبقوننا في الحياة، هم يعيشون المستقبل ونحن نعيش القادم.

أتمنى أن تلهم القراءة التي قدمها أدونيس اليوم عقول وقلوب المسؤولين السياسيين في لبنان والعالم العربي، نحن نملك كنوزاً نطمسها ولا نستخدمها، فإذا أدونيس كان المفكر الذي سيقودنا الى الأمام فهذا الأمر يجعلنا نخرج مما نحن فيه اليوم.

وعن مسؤولية الجامعة الأنطونية بالنهضة الثقافية التي تحدث عنها أدونيس والتي ستنطلق من لبنان، قال الأب جلخ: "كل الجامعات عليها مسؤولية كبيرة، ومن المؤسف أن نرى مستوى تعليمي منخفض في بعض الجامعات، ونحن أطلقنا صرخة تجاه هذا الأمر لأنه يؤذي ما يميزنا نحن كلبنانيين، خاصة أن أدونيس وصف اليوم بيروت بأنها مرقد الثقافة، وهذه مسؤولية تقع على عاتقنا وعلى عاتق كل الجامعات وكذلك وزارة التربية التي يجب عليها أن تواكب وتدعم الجامعات".

منسقة مشروع "إسم علم" الدكتور بسكال لحود:

كتاب "أدونيس جمع بصيغة المفرد" ليس كتاباً تقييماً لتجربة أدونيس، بل إنه فتح التجربة الأدونيسية على المزيد من التساؤلات من خلال الأقلام المتعددة التي قيّمت وأعطت رأيها بأدونيس، يجب أن ننتقد لأن النقد وقود الإبداع، وهذا ما فعله أدونيس بكلمته اليوم حيث أعاد النظر بتجربته وتجرأ أن ينتقد ما لم يستطع أحد من الكبار أن ينتقده. أن تعيد النظر بمعصومية الكبار هذه شجاعة، وان كنت قارئاً جيداً لأدونيس ينبغي أن تتعلم هذه الشجاعة من قراءة أدونيس نفسه.

أظن أن الوسط الثقافي اللبناني كان بإنتظار هذه الكلمة التي ألقاها أدونيس، وأظن أن كلاماً كثيراً وحبراً كثيراً سيسيل حول هذه المحاضرة وأنا شخصياً تفاءلت بتفاؤل أدونيس.

الشاعر حبيب يونس:

ما قاله أدونيس اليوم يؤكد على دور لبنان الثقافي التاريخي ومسؤوليته الدائمة، كل المنصات العربية ساقطة بالتفرد بالسلطة والمشاكل والحروب، ويبدو لبنان وكأنه الواحة الوحيدة التي يمكن أن ينطلق منها المفكرون اللبنانيون والعرب كي نعود وننهض من جديد.

ورداً على سؤال عن تطلعات الرئيس عون الثقافية كونه من المقربين منه، اشار حبيب الى أن الرئيس عون يسعى الى تحويل لبنان الى مركز لقاء الثقافات، وفي هذا المكان وعندما نتفق مع الآخر نكون قد وصلنا الى مكان نردم فيه الفروقات، وهنا نكون قدمنا أول خطوة بالإعتراف بالآخر.

وعن توقعاته للمرحلة المقبلة، أشار يونس الى أنه لم يكن يوماً إلا متفائلاً، حتى في أيام الحروب والملاجئ.

لمشاهدة كامل ألبوم الضور إضغطهنا.