عايدة صبرا مخرجة وممثلة وكاتبة لبنانية، أبدعت بموهبتها التمثيلية الفريدة من نوعها في خدمة قضايا الناس بالدرجة الأولى، سواءً في المسرح أو السينما والتلفزيون أيضاً.


شخصيتها الكوميدية طغت على أكثر أعمالها وإنطبعت في ذهن المشاهد ليرتبط إسمها بإسم إحدى أشهر شخصياتها "مرت عمي نجاح".
مسيرة طويلة من النجاحات، أكملتها عايدة صبرا اليوم من خلال دور "نجوى" في مسلسل "إنتي مين" الذي عرض ضمن الموسم الرمضاني الفائت والذي لعبت فيه دوراً حساساً ومؤثراً لم يخلُ من الكوميديا.
هذه التجربة وغيرها من المواضيع تناولناها في هذه المقابلة مع الممثلة عايدة صبرا:

عدت للتلفزيون بعد فترة من الغياب من خلال مسلسل "إنتي مين"، ماذا شجعك للعودة هذه؟
شجعني النص بدايةً، وطبعاً العمل مع المخرج إيلي ف. حبيب والذي هو ثالث عمل لي معه لأنه مخرج محترف جداً ومحترم ومبدع، فتشعر أنك في أيادٍ أمينة تستطيع أن تتناقش معه، وهو أيضاً حريص دائماً أن يخرج من الممثل أحسن ما لديه.
هذا إضافة إلى المجموعة المشاركة في العمل، والتي بالمبدأ شكّلها هو والممثلة وكاتبة العمل كارين رزق الله.

ماذا لفتك أكثر بنص كارين رزق الله؟
تناول المواضيع التي نعاني منها كل يوم في مجتمعنا، منها مثلاً قصة الموظف، وهذا ما نطالب فيه أصلاً. وهذه المواضيع انادي بها منذ زمن، بأننا نريد قصصاً من واقعنا وبيئتنا.
والناس ملّت من "السيلكون" و"حبك حبيني"، وهذه كانت أغلبية التعليقات عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

كيف رأيت ثنائيتك مع الممثلة جوليا قصار في العمل؟
هذا اول عمل تلفزيوني يجمعنا، لكننا عملنا معاً سابقاً في مسرحيتين، هي فنانة راقية جداً، تضع من قلبها في ما تقوم به وهمّها أن يرتقي العمل إلى أعلى درجة من الحرفية.
العمل معها فيه الكثير من المهنية، والأهم أنها لا تحاول ان تظهر نفسها أكثر من باقي الممثلين، بل تسخّر كل طاقاتها وإبداعها للإنسجام مع الآخر ليخرج العمل بشكل جميل جداً.

عدتِ بنا من خلال شخصيتك في العمل إلى الحرب اللبنانية، برأيك هذه الحرب لم تنته إلى اليوم؟
برأيي كلا لم تنته، فالناس ما تزال بحاجة إلى علاج لكي تنتهي من آثار الحرب والتي لا تزال مستمرة إلى اليوم ولكن بأشكال مختلفة، كالفساد والحالة الإقتصادية المرّة التي يعاني منها كثير من الناس، إضافة إلى فئة كبيرة من الشعب المهمش.
فهذه الحرب تتجسد في الكثير من الأماكن، كالتعصب أيضاً الذي يعمي أعين الكثيرين.
ومن هنا، فإن أهمية هذا المسلسل أنه يلقي الضوء على كثير من الأمور، ويوصل لفكرة أن الحرب لا تؤدي إلى أية نتيجة.

هذه ليست المرة الاولى التي يتم فيها تناول هذا الموضوع أو تبعاته، هل برأيك المشاهد اللبناني قادر على إستيعابه بالشكل الصحيح والإنتباه إلى أهمية رسالته؟
أهمية هذا العمل، أنه يتناول الحرب من خلال الشخصيات وأزماتها النفسية التي تمر بها وليس بطريقة مباشرة، وهذا هو الامر المهم فيه الذي اوصلنا إلى فهم هذه الشخصيات ليتبين معنا لاحقاً أنها تعاني من ازمات متراكمة بسبب الحرب.
هذا الأمر فتّح الكثير من الجراح لدى المشاهدين، وكان ذلك واضحاً من خلال التعليقات التي أجمعت على ان الحرب لا توصل إلى مكان.

إضافة إلى الجملة التي قلتها أنا في أحد المشاهد والتي أصبحت تراند "حاربت كرمال إجري وهني ما بيسوو إجري"، والتي عبرت عن قهر تعاني منه الناس بسبب الزعماء.

ولكن، برأيي أن عملاً واحداً لا يكفي، فهو يبقى في الذاكرة لفترة معينة، ولكن يجب طوال الوقت القيام بتوعية حول هذا الموضوع.

بشكل عام، كيف هو وضع الدراما اللبنانية اليوم؟
هناك محاولات، والأكيد أن هناك طاقات وهذا ما بدا واضحاً خاصة هذه السنة في المسلسلات الرمضانية من خلال المجموعة الكبيرة من طلاب وخريجين وأساتذة ومخضرمين من الجامعة اللبنانية، التي أنا متحيّزة لها بشكل كبير، وهم أثبتوا مهارات عالية جداً في التمثيل، وهو دليل أنه إذا إعتمدنا على الجامعات وليس فقط الجامعة اللبنانية، وإخترنا إختياراً صحيحاً سيكون لدينا عنصر بشري مهم جداً. يبقى فقط العمل على النصوص والتي صراحة لم تصل لكي تكون بقوة بعضها، ويجب أن تكون جميعها على المستوى نفسه.

ومن هنا يجب أن نجوهر ونبلور اكثر قصصنا وحكاياتنا، لأن مسلسل "إنتي مين" أثبت ان ذلك ممكناً، وبرأيي أن هذا المسلسل كان درساً للمنتجين بأنه عندما تبحثون عن قصص من الواقع وتأتون بممثلين مناسبين ومخرج عليه أن يكون حساساً ليستطيع أن يضيف إلى النص من ذاته، سيكون عملاً ناجحاً.

مَن مِن الكتاب اللبنانيين من الممكن الإعتماد عليهم لتقديم نصوص تلمس الواقع اللبناني؟
الذي يريد يستطيع، ولكن الظاهر أنهم لا يريدون ولا أريد أن أسمي.

هل برأيك أنهم يبحثون عن النصوص التي تبيع أكثر؟
نعم، يبدو أنه كذلك، وانا برأيي هذه السنة فشلوا، فلماذا لا يجربون أن يعملوا على نصوص مهمة، فليس بشهر أو شهرين نكتب مسلسل، وليس من الخطأ ان نأخذ وقتاً بكتابة مسلسل أو مسلسلين في السنة.

وإن أردنا أن نسير بهذه الوتيرة السريعة في الكتابة، فلنكتب نصوصاً عميقة وقوية، فالتكرار كان واضحاً وهذا ما بدا من خلال التعليقات.

هل تقصدين إسماً معيناً؟
لا أريد ان ادخل في التسميات، لأنهم لا يتقبلون النقد، فهناك قلّة وعي في ما خص النقد عندنا، فالممثلة التي تملك طاقة فلتوظفها في المكان الصحيح.

ولنكن صريحين، ليس عندنا فن نقد صحيح، فهناك أناس راكموا خبرات معيّنة خولتهم إستخدام النقد، ولكن النقد هو دراسة معيّنة كما هو الحال في الدول الأجنبية والذي يعتمد على اسس وآلية معيّنة من ترتيب العمل إلى تطور الشخصيات ونوع الأداء والحبكة والقصة، فإن أردت أنا ان أنتقد صحّ فأقول إن لا أحد ركّب شخصية، فليسمحوا لي، هناك تكرار في الأداء من أول مسلسل قاموا به إلى اليوم.

هل تابعت مسلسلات إضافة إلى "إنتي مين" في رمضان 2019؟
أخذت فكرة، ثمّ توقفت.

هل لفتك عمل معيّن؟
اريد ان اتابع لاحقاً لأنني سمعت عنهما أصداء إيجابية هما "دقيقة صمت" و"مسافة أمان"

قلت سابقاً أنك مع الأعمال المشتركة إن تمّ إستغلالها بالطريقة الصحيحة، وإنطلاقاً من هذا الموضوع، أثير مؤخراً الحديث عن ما يسمى "الممثل اللبناني والسوري" ومن حقق نجاحاً على حساب الآخر، فما تعليقك؟

هذا كلام معيب، فالعالم أصبح منفتحاً على بعضه، وطبعاً انا مع الأعمال اللبنانية البحتة، ولكن للأسف اصبحت هناك "زيادة" في الأعمال المشتركة التي تؤمن الإنتشار ولا تؤمن تبادل الخبرات .

فأنا مع هذه الأعمال في حال كانت هناك ورش عمل وتبادل خبرات لتكون هناك نتائج، ولكن لا ان نكتب نصاً لا علاقة له بالمنطق، فمثلاً أم لبنانية وإبن مصري وأخ سوري، فليس بهذه الطريقة، فقط للبيع.

فعلينا ان لا ننسى اننا جيران وهناك روابط عائلية بيننا، وأصبح هناك حكايات في ما بيننا ولكن علينا ان نعرف أن نختار الشيء المنطقي.

والأمر الأجمل أيضاً أن يكون هناك تعاون بين مخرجين من جنسيتين مختلفتين، وهنا يأتي دور النقابات لتعمل على هذا الموضوع لكي نكسب خبرات من بعض.

نرى اليوم أنه يتمّ إعتماد أبطال المسلسل إنطلاقاً ممن يحقق أرباحاً مالية أكثر ممن يملكون الخبرة، فهل يؤثر ذلك عليكم أنتم الممثلون أصحاب المسيرة الفنية الطويلة؟
لا يمكنك ان تجملني معهم لأنني لا أمثل كل يوم في المسلسلات، والمشكلة هنا أنه ليس لدينا منتج فنان، بل المنتج الذي يريد ان يبيع يقوم بهكذا تركيبة، فلا ينظر إلى الكفاءات وإلى وضع الشخص الصح في المكان الصح.

كيف تقيّمين وضع المسرح اللبناني اليوم؟

أنا دائماً أراه جيداً، وطبعاً لديه أزماته ولكن كل عام نشهد أعمالاً مهمة جداً.

بالنسبة لشخصيتك الشهيرة "مرت عمي نجاح" لماذا لم يتم تطويرها ولم نشاهدها بأعمال جديدة؟
لأنها بحاجة إلى إنتاج وهو امر غير موجود.