حمل هموم المؤلفين والملحنين، فناضل من أجل تحصيل حقوقهم، وأسس جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى في لبنان، وعدّل قانون الملكية الفكرية حين تم إلغاؤه في لبنان في سبعينيات القرن الماضي، فأرسل مكتوباً لمدير ساسيم باريس، الذي بدوره أرسل كتاباً إلى الرئيس الفرنسي شارل ديغول، الذي طلب لقاء رئيس الجمهورية اللبنانية حينها شارل حلو، وتم تعديل قانون الملكية الفكرية بمعنى عدم المس بحقوق المبدعين والمؤلفين والملحنين.

إنه فرانسوا تابت، الذي كرمه مجلس المؤلفين والملحنين في لبنان C.A.C.L، والذي حل مكان جمعية Sacem Liban بعد إنتهاء التعاون بينها وبين SACEM فرنسا، فكانت لفتة جميلة فيها الكثير من الوفاء، لهذا الإنسان الذي جلب الحقوق لأصحابها من مؤلفين وملحنين في لبنان.

موقع "الفن" كان حاضراً في حفل التكريم، وكانت لنا هذه الكلمات الخاصة.

المهندس غبريال تابت، شقيق المكرّم:"في العام 1940 سأل شخص فرنسي إن كان فرنسوا يريد أن يعمل، فأجابه فرنسوا "نعم"، فأخذ هذا الشخص فرنسوا إلى مدير "السيكيستر" أي الحجز على أملاك العدو، فأعطوا فرنسوا سيارة، وحينها كان هناك delegation france libre وdelegation francaise، ووقعت حرب، وهيمن الأشخاص الذين كانوا يخصون الرئيس شارل ديغول، وإلتقى فرانسوا بالكومندان ميشيل ليفي خلال الحجز على حقوق المؤلفين الفرنسيين والإيطاليين والألمان، في العام 1943 رحل الفرنسيون من لبنان، وتم تشريع مرسوم ألغى حقوق المؤلفين والملحنين في لبنان، وظل فرنسوا يحصل حقوق المؤلفين والملحنين، وحينها كانوا مرتبطين بمصر، وإستمرت هذه الحالة لغاية العام 1953، حين أصبح فرنسوا يرسلني إلى صالات السينما والكباريهات لأحصل منهم الحقوق، وهو كان يعمل رئيساً لدائرة السيارات في طرابلس".

وأضاف :"بعد إقفال إذاعة الشرق الأدنى حضر المؤلفون والملحنون إلى ساسيم بيروت، وعلى رأسهم منصور الرحباني وتوفيق الباشا، وحينها السيدة زلفا، زوجة الرئيس الراحل كميل شمعون، طلبتهم ليحيوا أول حفل في مهرجانات بعلبك، وبعد تغيير النظام المصري تغيرت الأمور في مصر، فتجمعنا أخي فرنسوا وأنا والفنانين زكي ناصيف، عم زوجتي، توفيق الباشا، سلام فاخوري، وديع الصافي، وإتصلنا بفرنسا ليدعمونا، عام 1964 حضر الفرنسيون إلى لبنان وإستاجروا لنا مكتباً هنا ووضعوا لنا سكرتيرة، وأنشأنا ساسيم بيروت".

رئيس مجلس المؤلفين والملحنين المنتج أسامة الرحباني:"أصعب شيء هو أن يقنع الإنسان أشخاصاً عقولهم مقفلة، وبعيدين كل البعد عن حقوق الناس، وكل شخص يعتبر أنه يحق له أن يفعل ما يريد، ولكنك تراه في الخارج يمشي على النظام. لا شك أن النضال الذي قام به فرنسوا، وهو أنه رسّخ فكرة ما يسمى بحقوق المؤلف والملحن، وهذا الأمر كان مهماً جداً للعالم العربي، ولكن على الرغم من الإنفتاح وكل الإعمار في دول الخليج، مع إحترامي لهذه الدول، لا زالت حقوق الملكية الفكرية فيها من دون قانون وغير مطبقة".

وأضاف :"الوعي حقه تقليد، والتقاليد أساسية لدى الناس لتتوارثها وتعرف كيف تحترم غيرها من الناس، وإلا لا يكون هناك نوع من التطور، وأذكر المسؤولين في لبنان بأن حقوق الملكية الفكرية هي أهم حق لأي إنسان، فالأعمال الفنية هي التي بقيت عبر التاريخ، فأنا لا أتذكر أي سياسي في زمن أعمال بيتهوفن أو موزار، وأقول للمسؤولين إن أغنية واحدة من فيروز ترد الناس بينما قرار منهم يهجّر الناس، والأخوان الرحباني زرعا وطناً، ومع منصور في الـ 23 عاماً التي أكملها بعد رحيل عاصي، وهما الدعامة الأساسية للساسيم في لبنان والعالم العربي وفرنسا".

وختم الرحباني :"أحيي فرنسوا الذي أذكره في كل جلساتي، ومع والدي وعمي عاصي وعمي الياس، ومع كل الذين عشنا معهم، ونحن نجمع الحقوق لفرنسا أكثر من البلدان العربية مجتمعة، ربما تسبقنا الجزائر في هذا الأمر، ولكنها لا ترسل شيئاً لفرنسا".

المستشار القانوني وممثل ساسيم فرنسا في لبنان المحامي سمير تابت:"عرفت فرنسوا جيداً ودرست في كتبه، وتعلمنا من الجهود التي بذلها على مدى خمسين عاماً، فرانسوا أسس لحماية حقوق المؤلفين والملحنين في لبنان، بحيث أن لبنان، وعلى الرغم من وضعه الإقتصادي، هو أفضل حال من معظم الدول العربية، إن لم يكن كلها، لأنه مبني على أساس وعلى مؤسسة جدية، ونظامها أجنبي، كل شيء لديها مدروس ومخطط له، على الرغم من كل الصعوبات التي نواجهها في لبنان، لأن الإهتمام يذهب إلى أمور أخرى، في حين أن الإبداع الفني هو الأساس".

وأضاف :"هناك الكثير من المشاريع التي عرضها مجلس المؤلفين والملحنين، وسيعرضها مجدداً على وزارة الثقافة، أسوة بكل دول العالم المتحضر، بطريقة يكون فيها مدخول لوزارة الثقافة وللمؤلفين والملحنين والمنتجين، وللدولة اللبنانية ككل".

نائب رئيس مجلس المؤلفين والملحنين ومندوب لبنان في باريس ومندوب باريس في لبنان الفنان جبران نجم:"تابت كان إنساناً صادقاً ويحب أن يجمع الكل، ولم يكن يفضل شخصاً على آخر، وكان يعطي لكل شخص قيمته، كان يحترم الجميع والكل كان يحترمه، وكانت رسالته أن يحفظ حق المؤلف والملحن والناشر، وبداية تعامل فرنسا معنا كان من خلاله لأنهم عرفوا أن هناك مصدر ثقة ممكن أن يتعاملوا معه، وهو فرنسوا تابت".

أمين سر مجلس المؤلفين والملحنين الشاعر عصام مشموشي:"كانت علاقتنا بـ فرنسوا علاقة صداقة وأخوة ومحبة، وهو كان من الرجال القلائل الذين تجد لديهم إندفاع ويعمل ليجلب لك حقوقك، وبما أنني شاعر منذ خمسين عاماً، كتبت له قصيدة "منبع الإخلاص" والتي تحكي عن إخلاص تابت ووفائه وإنجازاته".