تاجر سلاح وممنوعات يحمل عادات وتقاليد وأصول الى حد كبير، والدته تطل بالمشهد تقرأ القرآن وتصلي، منزل نموذجي، عائلة متعاضدة، شاب وسيم طيب القلب، يخدم أبناء منطقته، يفتح لهم سوق العمل، العمل بالممنوعات، تلك الممنوعات التي تقتل شباناً خارج حدود "الهيبة"، فتعاطي المخدرات يؤدي الى مشاكل نفسيه وإدمانا قاتل.

هو نموذج عن شخصية "روبن هود"، هكذا يظهر في مسلسل "الهيبة" الممثل السوري تيم حسن، رجل قادر على كسر هيبة الدولة متى يشاء، بينما على المقلب الآخر عاشق ولهان متيم بقلب طفل، رب أسرة عادل، وزعيم عشيرة منصف ومبدأي.

في "أسود" روبن هود آخر، الممثل باسم مغنية يخطف المجرمين، يطلب منهم فدية مالية ليعود ويوزعها على الفقراء، ويساعد الاطفال الذين يتكفل بتربيتهم والأطفال الذين تعرضوا للتحرش، مشهدية خيالية، سياقها مشوق لكن مقارنتها بالواقع ضرب من الخيال.

مشهدا الإنفصام في مسلسلين رمضانيين، يبرران الجريمة بدون أي منطق، يجعلان من تاجر الممنوعات بطلاً ومن الخاطف مخلصاً، مشهدية فيها الكثير من الإزدواجية.. فماذا يحصل؟

المشكلة ليست بالسياق الدرامي المشوق الذي يحقق نسب مشاهدة عالية هنا، المشكلة في مكان آخر، هي في تبرير الجريمة وتهشيم الدولة، الخطف والتجارة بالممنوعات جريمة، لأي داعٍ كان، هنا مسؤولية الدولة، الدولة التي تتهشم.

في الحقيقة توجد نماذج واقعية من "جبل شيخ الجبل" و"أسود" تعيش بيننا، فمن هم مثلهم في الواقع يعيشون حياتهم هاربين من الدولة، هؤلاء وإن دخلت بيوتهم ونفوسهم ليسوا بنظافة "جبل ولا أسود" في بيوتهم ويومياتهم وعائلاتهم، هؤلاء مجرمون يستفيدون من التجارة بالممنوعات، من الفديات المالية، لدواعي شخصية وليست لخدمة المجتمع هم ضحايا في مكان ما لكنهم لم يرتضوا البقاء ضحية فتحولوا الى مجرمين يولدون ضحايا، هؤلاء يستفيدون من المسلسلين بدون مبرر، هما بمثابة وجبة لنتقبلهم فيها، لنسقط على المجرمين طيبة جبل وأسود، لنبرر الجريمة بدون منطق، بينما نجد في المسلسلات العالمية والمصرية المماثلة نهايات منطقية أكثر، حيث يضطر البطل أن يغادر مكان جريمته ويعيش طوال حياته منفياً، ولا يتقبله أحد فهو مجرم، وليس مخلصاً.

في المفهوم، تشتمل الدراما على تصوير الواقع ونقله للمشاهد وإعطاء عبرة أو رسالة له من العمل، كي يتجنب ما قد يواجهه من مواقف مماثلة، لكن تلك العبرة غير موجودة في العملين، على الرغم من أننا كشفنا في وقت سابق عبر موقع الفن أن اتفاقاً حصل بين الشركة المنتجة لمسلسل "الهيبة" وأحد القيادات الأمنية الرفيعة على أن شخصية "جبل" ستموت في آخر جزء من "الهيبة"، لتنتصر الدولة.