هو الأب والأخ والصديق، حمل هموم الناس وخصوصاً المساجين والمدمنين والمدمنات على المخدرات، فتكفل بتخفيف عبء المساجين، وبإعادة تأهيل المدمنين والمدمنات على المخدرات، فهو الأب الحاضر لكل المؤمنين، والأخ الذي يقف إلى جانب كل محتاج، والصديق الذي يعرف كيف يُبلسم الجراح.

هو أيضاً قائد جوقة "نسروتو-الأناشيد" والمؤلف الموسيقي، الذي أعطى الكنيسة أجمل الألحان.

إنه الأب مروان غانم رئيس جمعية "نسروتو-أخوية السجون في لبنان-علية إبن الإنسان" الذي يحل ضيفاً على صفحات "الفن" بعد أن أطلق الشهر الماضي إسم "دار ريتا" على مركز إستقبال وتأهيل المدمنات في "علية إبن الإنسان".

كيف إتخذت قرار تسمية "دار ريتا"؟

ريتا هي إبنة رعيتي في وادي العرائش، وكانت تسكن في منطقة عين الذوق، وكانت وزوجها، رحمهما الله، ملتزمين جداً كنسياً، ريتا درست علم النفس، ولكن شاءت الظروف أن تموت، والدتها وخالتها تعملان معنا في جمعية "نسروتو"، وأولاد ريتا هم من تلامذة مدرسة الموسيقى في "نسروتو"، وبناء على ذلك ووفاء منا لـ ريتا التي كانت تريد أن تُجري فترة الستاج علم النفس في "نسروتو"، أسمينا مركز إستقبل تأهيل الفتيات على إسمها.

هذه ربما المرة الأولى التي يطلق فيها إسم على قسم من دون هدف مادي، بل لهدف معنوي.

نعم، الهدف ليس مادياً، بل هو معنوي لتبقى ذكرى ريتا موجودة، فريتا كانت تطمح أن تكون موجودة معنا في "علية إبن الإنسان" لتساعد النساء المعنَّفات والمدمنات على المخدرات، ريتا ليست موجودة معنا اليوم بالجسد، ولكنها موجودة معنا بالروح.

لماذا تم وضع عبارة "يا يسوع إني أثق بك" بالذات على اللوحة التي تم تصميمها لتخليد ذكرى ريتا؟

لأنها كانت آخر عبارة موجودة على هاتف ريتا قبل مقتلها.

من خلال معرفتك بريتا، كيف كانت تفكر تجاه النساء المعنَّفات والمدمنات على المخدرات؟

ريتا كانت ضد كل ما هو عنف وظلم، وهذا كان واضحاً من خلال نظرتها المسيحية للحياة التي كانت تعيشها، ولا يمكننا القول إلا أنها إبنة الكنيسة وتخاف ربها.

هل إعادة تأهيل المدمنات على المخدرات أصعب من إعادة تأهيل المدمنين؟

طبعاً هي أصعب، فالبنت المدمنة يكون لديها مشاكل ثانية منافية للأخلاق والحشمة، فالعمل على إعادة تأهيل الفتاة يجب أن يكون على كافة الأصعدة، والمجتمع اللبناني لا يتقبل أن تكون الفتاة بمركز تأهيل، لذلك لا نجد الكثير من البنات في مراكز التأهيل لأنهن يبقين في منازلهن، وقليلات جداً يذهبن إلى مراكز تأهيل بعد أن يكون قد تم توقيفهن أو يكنّ قد تبهدلنَ.

بحسب خبرتك مع المدمنات على المخدرات، ما هي الأسباب التي تجعل الفتيات يدمنّ على المخدرات؟

تكون لديهن مشاكل عائلية منها طلاقهن أو طلاق أهلهن، مشاكل زوجية ومشاكل بسبب الإنحراف، وهنّ يأتين إلى العلية كي لا يبقينَ متوقفات في السجون، ولكن في المقابل هناك الكثير من البنات المدمنات اللواتي يهمهنّ أن يبقين على الطرقات وبحياة الإدمان.

كيف تمضي المدمنات على المخدرات أوقاتهن في علية إبن الإنسان في جمعية نسروتو، وما الذي تتضمنه إعادة تأهيلهن؟

لديهن أعمال يدوية يقمن بها، وهناك دروس إجتماعية، وقراءة سياسية للوضع الذي نعيشه في لبنان، وهناك محو أمية لغير المتعلمات، وموسيقى وصلاة، وعلاج نفسي وإجتماعي، ولدينا نظام EMDR العلاج من خلال العيون، وأنوه بأننا لا نعطي أدوية لإعادة التأهيل، ربما يكون هناك أدوية قد وصفها لهن الطبيب ولكن لا علاقة لها بالتعافي من الإدمان.

كم رأيت من مواهب لدى المدمنات على المخدرات؟

لديهن مواهب عديدة، ونسبة عالية من الذكاء، وللأسف أنهن إستعملن ذكاءهن في السابق للأمور غير الجيدة.

هل المدمنات يستمعن إلى الموسيقى في العلية؟ وكونك موسيقي ماذا عن العلاج بالموسيقى؟

نعم هن يستمعن إلى الموسيقى، وأحياناً نصطحبهن إلى جوقة نسروتو-الأناشيد ليصلين ويغنين، وبالنسبة للعلاج بالموسيقى فهو يتطلب الوقت والإلتزام.

كيف تمولون علية إبن الإنسان في جمعية نسروتو، خصوصاً أن المدمنات والمدمنين على المخدرات يتواجدون فيها 24 ساعة على 24؟

نحن نتكل على مساعدات الناس، ولأننا لا نتقاضى الأموال مقابل إعادة تأهيل المدمنين والمدمنات على المخدرات، لا منهم ولا من أهاليهم ولا من المسؤولين عنهم، نمر بصعوبات كثيرة خلال أيام السنة، نحن نطلب الدعم والمساعدة بإستمرار، وليس فقط مادياً، يمكن أن تكون المساعدة من خلال الأطعمة والمواد الأولية والملابس وتسديد بعض الفواتير.

أقامت جمعية نسروتو مؤخراً محاضرة توعوية حول مرض Fibromyalgia، متى ستكون مواعيد المحاضرات المقبلة؟

الهدف من المحاضرات الطبية هو تثقيف الناس ليعرفوا متى عليهم أن يتوجهوا إلى الطبيب، ولكي لا يتناولوا أدوية لا يجب عليهم تناولها من دون وصفة طبيب، وكل فترة سنقدم محاضرة من نوع معيّن مع أهل الإختصاص.

الإعلامي جو معلوف أجرى لقاء مع أحد الأولاد الموجودين في إصلاحية "علية إبن الإنسان"، هل تختلف معاملة المدمنين على المخدرات عن معاملة الأولاد المحكومين بجرائم؟ وهل تستدعي سرقة كلب توقيف ولد؟

العمل الجرمي هو السرقة، بغض النظر إن كان سرقة كلب أو سرقة سيارة أو غيرهما، وقضاء الأحداث، من حيث المبدأ وما نراه، هو منصف، نوعاً ما، بحق الأولاد، فالولد الذي يرتكب جرم السرقة، بدلاً من إرساله إلى السجن، يتم وضعه في مركز إصلاح ليتم العمل عليه، وقاضية الأحداث في جبل لبنان جويل أبي حيدر تتعامل مع الأحداث، وخصوصاً الحدث الذي ملأ الشاشات ومواقع التواصل، بشكل جميل جداً ومميز، وهي تساعده كثيراً.

ما هي المشاريع الجديدة التي تعملون عليها حالياً في جمعية نسروتو؟

نعمل على برنامج "رحلة السجين" في سجن رومية وفي السجون اللبنانية، ونعمل على تفعيل مدرسة الموسيقى وجوقة نسروتو، وكذلك نعمل على مركز إصلاح الأحداث بحيث أصبحت مسؤوليتنا تكبر، فنحن نحرس الأحداث ونرافقهم إلى الجلسات القضائية، لأننا نحاول قدر المستطاع ألا نجعل الأحداث يشعرون بأنهم في سجن، بل هم في مركز إصلاح.