في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عام 1929 بمدينة طنطا، ولدتنعيمة عاكفالتي أسعدت الملايين بفنها بين التمثيل والإستعراض والرقص، وتميّزت عن الكثيرات من بنات جيلها بما قدمته من أعمال، خلّدت إسمها على الرغم من حظها القليل، بعد أن أنهى السرطان حياتها، وهي في الثلاثينات من عمرها.

علقة سخنة من والدها وملهى الكيت كات البداية
ولدت نعيمة عاكف لأسرة تعمل في السيرك، فكان والدها يقدّم عروضاً خلال ليالي الإحتفال بالسيد البدوي في طنطا، وهي في سن الرابعة لم تهتم بتعلم الرقص ولم تظهر أي استعداد مما دفع والدها لأن يلجأ لحيلة، حيث قام بتعليم شقيقتها الكبرى فغارت نعيمة وفي ايام قليلة كانت قد تعلمت بالفعل وتفوقت على شقيقتها وأصبحت هي النجمة الأولى للفرقة، وباتت تستحوذ على إعجاب الجمهور مما دفعها وهي في عمر السادسة أن تطلب من والدها راتباً، لكنه بدلاً من ذلك ضربها "علقة ساخنة"، وعلى الرغم من صغر سنها قررت الهرب في اليوم التالي ، ليراها بعض رواد السيرك فأخذوها لوالدها الذي خشي أن تكرر الهرب مرة أخرى، فخصص لها راتباً يومياً قرشان في حال كان هناك عمل وقرش واحد في الإجازات. وكانت نعيمة تتلقى هدايا في تلك الفترة أيضاً عبارة عن "عرائس" تتناسب مع مرحلتها العمرية وقام أحد الاشخاص بإهدائها لعبة "عروسة" بها خمسة مفاتيح كل مفتاح له رقصة مختلفة تعزف موسيقى شرقية، وقد أسمتها "شيكا بوم" بعد أن سمعت وقتها أن افضل راقصة في مصر هي سنية شيكا بوم.
وانتقلت بعدها مع والدتها إلى القاهرة وبالتحديد حي محمد علي بعد انفصالها عن والدها الذي تزوج بأخرى، وبدأت تعمل وقتها في الملاهي بداية من ملهى الكيت كات حيث كان الفنانون يحضرون إليه، ومنهم المخرج أحمد كامل مرسي الذي شاهد نعيمة وقدمها في فيلم "ست البيت" كراقصة .

الغيرة دفعتها لتعلم الكلاكيت والعمل مع علي الكسار وبديعة مصابني
كان الفنان علي الكسار قد سمع عن بهلوانات الشوارع، وبالفعل اتفق مع نعيمة عاكف وشقيقاتها العمل في فرقته مقابل 12 جنيهاً، لتشارك في مسرح الكسار وقتها، وبعدها عملت مع بديعة مصابني مقابل 15 جنيهاً. وفي تلك الأثناء شعرت نعيمة بالغيرة من فتاة تدعى تيشي تلقي مونولوغات وترقص كلاكيت، فقررت أن تتعلم مثلها ولكنها لم تكن تمتلك المال الكافي لتتلقى التعلم على يد مدرب رقص، فقررت أن تعلم نفسها، كما انتهزت غياب تيشي وأخذت حذاءها الذي كانت ترقص به وكانت به قطع حديدية وأعطته لعامل أحذيه ليصنع لها مثله تماماً وأعادت الحذاء إلى مكانه، وقررت أن تتعلم رقصة الكلاكيت لتبهر بديعة مصابني حينها.

إنطلاقة فنية وزواجها من حسين فوزي
رشحها المخرج حسين فوزي لتقوم ببطولة فيلم "العيش والملح"، أمام سعد عبد الوهاب، وقد حققت نجاحاً كبيراً، كما تعاقدت نعيمة عاكف مع شركته "النحاس فيلم" بعقد احتكار لتقديم العديد من الأفلام، منها "لهاليبو".
ثم تزوجت من حسين فوزي، على الرغم من فارق العمر بينهما، وانتقلت لتعيش معه في فيلا بمصر الجديدة، لتترك شارع محمد علي وتبدأ حياتها بشكل مختلف، وقررت أن تتعلم العربية والانكليزية والفرنسية، لكونها لم تتلق التعليم المناسب من قبل، كما إمتلكت وقتها سيارة وبات لها رصيد في البنك.
وقدمت مع حسين فوزي حوالى 15 فيلماً، منها "تمر حنة" و"يا حلاوة الحب" و"بلدي وخفة" و"بابا عريس" و"فتاة السيرك" و"جنة ونار" وكان آخرها "أحبك يا حسن" قبل ان يتم الطلاق والانفصال الفني أيضاً بينهما، بعد زواج دام لعشر سنوات وذلك بسبب الغيرة التي دبت في قلب الزوج.

أحسن راقصة في العالم
إستطاعت نعيمة عاكف أن تحصل على لقب أحسن راقصة في العالم، من مهرجان الشباب في موسكو عام 1958، رغم المنافسة الكبيرة لمشاركة 132 دولة في المهرجان، بعد أن قدمت رقصة "المماليك".
وفي لقاء مع إحدى المجلات بعد فوزها بالميدالية الذهبية، قالت: "عندما أعلن فوزي بالميدالية الذهبية عدت بذهني إلى سنين مضت منذ كنت طفلة عفريته تهوى الرقص والقفز، كنت أتدرب على الغناء وضرب الصاجات وأظل اتشقلب وأدب بأقدامي فوق رؤوس الجيران الذين يقطنون تحتنا، وكان هؤلاء الجيران يثورون ويغضبون إلى أن تركنا المنزل وسكنا في دور أرضي في بيت صغير، وأنا أحمد الله على أنني لم أستسلم لرجاء جيراننا وأكف عن التدريب على الرقص والقفز والدب فوق رؤوسهم" .

الزواج الثاني وابنها الوحيد وسرطان الأمعاء الذي قضى على حياتها
بعد عام من طلاقها تزوجت من المحاسب صلاح الدين عبد العليم، والذي تعرفت عليه في مكتبه وكان هو المسؤول عن ارتباطاتها المالية، وقد أنجبت منه ابنها الوحيد محمد صلاح الدين عبد العليم، فتغيرت حياتها بعد زواجها الثاني حيث كان يرفض الزوج إرتداءها بدلة الرقص.
ولكن أثناء تصويرها فيلم "بياعة الجرايد" مع ماجدة، شعرت بآلام شديدة وسافرت إلى الخارج لإجراء فحوصات، لتعلم بإصابتها بمرض سرطان الأمعاء، مما أدخلها في حالة نفسية سيئة، إلا انها حاولت أن تخرج منها من خلال مشاركتها في فيلم "أمير الدهاء"، أمام الممثل فريد شوقي عام 1964، ولكنه كان آخر عمل قدمته قبل أن تزيد آلامها، فأصيبت بنزيف في المعدة وظلت أشهر في المستشفى، ثم عادت لمنزلها.
غير أن حالتها تدهورت مرة أخرى، ولم تتمكن من السفر للعلاج في الخارج بسبب حالتها الخطرة، فتوفيت نعيمة عاكف يوم 23 نيسان/أبريل عام 1966، عن عمر ناهز الـ37 عام.