قصص المسلسلات المقتبسة نجاح أو فشل؟ سؤال يطرح بعدة مقالات، وتحليلات كثيرة تنشر حول هذا الموضوع.

نجوم يرون أننا نعيش تحسناً وازدهاراً مع الانتاج العربي المشترك، ومنهم من يرى أن الفن وتحديداً التمثيل كان أفضل في العصر الماضي. سيظل هذا الجدل قائماً ولن ينتهي إذ أن هذا المجال مثله مثل أي نوع من الفنون، لكن النقطة التي تطرح اليوم هي "توارد الافكار الصادم " الذي وصل إلى حد الاستنساخ من المسلسلات العالمية وتحديداً التركية، حتى أصبحنا نعيش تركيبة فارغة في الدراما تتكل على ما يقدمه "الغرباء" لنضعه في قالب وسيناريو عربي ومشاهد مزيفة وأحاسسيس جافة وضمن إطار عادات وتقاليد لا تشبهنا ولا نعرفها، بل نتعرف عليها عبر هذه المسلسلات.
المضحك المبكي في الموضوع أن الدراما التركية اصبحت قريبة منا عبر القنوات المدبلجة عربياً، حتى أصبحنا نعرف منذ الحلقات الاولى لمسلسلاتنا من أي فيلم أوعمل تركي أُخذ. لا ننكر أن بعض هذه الأعمال المستوردة من الخارج نجحت بغض النظر عن هذه التفاصيل، إلا أننا نتساءل اليوم هل خلت دنيانا من الكتّاب والأفكار؟ هل انتهت مشاكلنا الاجتماعية التي لا يمكننا أن نلقي الضوء عليها؟
غريب كيف تحول مسلسل "الجسور والجميلة " إلى مسلسل "ما فيي"، وحب للإيجار" إلى "50 ألف"، وأخيراً "عروس اسطنبول" الى "عروس بيروت"، فوضعت الافكار الأساسية في قالب عربي مع تغييرات بسيطة حتى أن القيمين على مسلسلاتنا قادرون على تحويل فيلم إلى مسلسل طويل من 30 حلقة مع خلق أحداث مملة لتعبئة فراغ الهواء المخصص لها، فبغض النظر عن نجاح مسلسل "تشيللو" إلا أنه مستوحى من فيلم طوله ساعة و58 دقيقة واسمه Indecent Proposal، وهنا المشكلة أن فكرة الكاتب الأساسي لا تحتمل التمديد والتطويل وهو يدرك ذلك، لكن هل كتّابنا مدركون لذلك؟
تجربة مسلسل "البؤساء" الناجحة لقصة فيكتور هوغو والتي تحوّلت إلى مجموعة من الأعمال، بينها مسلسل لبناني بطولة أنطوان كرباج ليست عبرة أو قاعدة إلى أن كل الاعمال التي تتم ترجمتها يمكنها أن تحقق النجاح عينه، فالحبكة والأحداث والترجمة والسيناريو لا يمكن ان تنطلق من اقلام ركيكة في الأصل، بل يجب أن تنطلق من قاعدة متينة مع مخرج له نظرة وكاتب يختار عملاً ناجحاً فينقّبه من دون أن يخسر 1% من جماليته، وفي حال رأى أنه سيخفض من قيمته فالأفضل أن ينسى الفكرة.
يجب أن نستفيد بكل طاقاتنا من قدراتنا المولودة أفكارها من عمق معاناة المجتمع ومن قصص الحب التي نراها بين جيراننا وعن الروايات التي نسمع عنها في الأحياء والمدن، وحتى لو غابت هذه الافكار لماذا الابتعاد والذهاب إلى تركيا وأوروبا، فأين العيب لو استوحى كتاب السيناريوهات أفكارهم من الروايات والقصص مثلما حصل في مسلسل "طريق" المستوحى من رواية الكاتب المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب؟! في النهاية الخيار الأول لمنتجينا يجب أن يكون للقصة الشرق أوسطية البحت المحبوكة والمكتوبة والمصنوعة من بلداننا الشرق أوسطية التي نثق بقدراتها، فهل يمكن غض النظر عن نجاح مسلسلات مروان العبد مثلاً في مسلسل ياسمينا والـ7000 ساعة التي كتبها للدراما، وشكري أنيس فاخوري في "العاصفة تهب مرتين" و"نساء في العاصفة" وغيرها، والكاتبة كلوديا مارشليان وآخرها مسلسل "ثورة الفلاحين" الذي نقل معاناة أجدادنا مع الحرب والديكتاتورية التي حاربوها لنصل اليوم إلى ما نحن عليه، أو أعمال الكاتبة منى طايع التي تلقي الضوء على مجتمعنا بصورة شفافة كما في المسلسل الأخير لها "حبيبي اللدود"، أو حتى التحدي الكبير الذي قامت به الممثلة والكاتبة كارين رزق الله واختيارها لمشاكل اجتماعية كأصحاب المباني مع الاجور القديمة ومعاناة الأم الارملة وغيرها من المواضيع والمصاعب التي نمر بها، على أمل أن تصبح الدراما اللبنانية والعربية مولودة على يد أبنائها.