الممثل المصري الخفيف الظلمحمود الجندي، ترك خلفه بصمة فنية جمعت التمثيل بالغناء، وأدواره بين الجد والهزل.


إسمه بالكامل محمود حسين الجندي، من مواليد 24 شباط/فبراير عام 1945، في مركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، لأسرة تضم 9 أبناء.

بداياته
درس محمود الجندي في مدرسة الصنايع، وتخرّج في قسم النسيج وعمل في أحد المصانع، ثم تقدم إلى المعهد العالي للسينما، وتخرّج عام 1967. وقد إشتهر بصوته العذب وغناء المواويل، وتقديم المقاطع الغنائية في العديد من أعماله الفنية والمسرحية.
وشكّل فرقة من هواة التمثيل بمسقط رأسه بمدينة أبو المطامير بمحافظة البحيرة، من أجل تعليمهم الفن والتمثيل ونقل خبرته اليهم، معتبراً أن ذلك جزءاً من رد الجميل للقرية التي عاش فيها.

إنضم للإخوان المسلمين
تنقّل محمود الجندي في تعليمه بين الكتاتيب والمدارس الكنسية، فكان يتلقى دروس اللغة العربية والقرآن في الكتاتيب، ودروس الحساب والعلوم في الكنيسة.
نشأته الدينية دفعته للإنضمام لجماعة الإخوان المسلمين عندما بلغ الثامنة من عمره، وإكتشف حبه للتمثيل عندما شارك في مسرحية تقدمها الجماعة بعنوان "على ضفاف اليرموك"، وتركها في ما بعد.

سلامة الطفشان
من أهم أعمالمحمود الجنديشخصية "سلامة الطفشان" في فيلم "شمس الزناتي" إلى جانب عادل إمام، الذي شاركه أيضاً في فيلم "اللعب مع الكبار" بدور علي الزهار، وإشتهرت جملة "علي الزهار مات"، التي رددها إمام وهو يندبه.
وفي التلفزيون، إشتهر في مسلسلات منها "الشهد والدموع"، "رحلة أبو العلا البشري"، "أنا وأنت وبابا في المشمش"، "دموع في عيون وقحة"، "الخواجة عبد القادر"، "هارون الرشيد"، "الأدهم"، "في إيد أمينة"، "الدالي"، "حديث الصباح والمساء"، "رقم مجهول"، "الأخت تريز"، "زواج بالإكراه"، "الخواجة عبد القادر" مع يحيى الفخراني، "ضمير أبلة حكمت" مع فاتن حمامة و"بوجي وطمطم"
كما شارك في مسلسلات دينية وتاريخية، منها "الإمام الغزالي"، "العارف بالله الإمام عبدالحليم محمود"، "الملك فاروق"، الذي أدى فيه دور أحمد ماهر باشا.
في المسرح، ألّف مسرحية "الحب بعد المداولة"، وكتب أشعاراً مسرحية "شكسبير في العتبة"، واشتهر في مسرحيات عنترة، "مولود الملك معروف"، "علشان خاطر عيونك"، البرنسيسة، و"إنها حقاً عائلة محترمة".
في السينما، شارك لأول مرة عام 1977 في فيلم "دعاء مظلوم"، وإشتهر بلعب العديد من الأدوار المساعدة في أفلام عديدة، منها "شمس الزناتي"، "اللعب مع الكبار"، "حارة الطيبين"، "ناجي العلي"، "ليلة البيبي دول"، "واحد من الناس"، "التوت والنبوت"، و"حكايات الغريب".

شغفه بالسينما كاد يعرضه للسجن
إنضم محمود الجندي إلى القوات المسلحة بعد حرب عام 1967، وخدم في صفوف القوات الجوية كضابط احتياط لمدة 7 سنوات في الفترة من العام 1967 حتى العام 1974، التى شهدت حروب النكسة والاستنزاف ونصر أكتوبر.
ولكن شغفه بالسينما كاد أن يعرضه للسجن، إذ يقول في مقابلة تلفزيونية إنه تخلف عن وظيفته في الجيش ليحضر فيلم "السيدة الجميلة"، وتم تحويله للمحاكمة العسكرية لقائد القوات الجوية حينها محمد حسني مبارك، الذي عفا عنه لأنه اعترف بذنبه واقتصر العقاب على الحرمان من الإجازة لـ 90 يوماً.

الإلحاد وتراجعه عن الإعتزال
تحدث محمود الجندي في مقابلة تلفزيونية عن تجربته مع الإلحاد، مشيراً إلى أنه في فترة الشباب كان يشعر بأنه طوال الوقت يملك المعرفة في جميع المجالات، لافتاً إلى أنه مال إلى اتخاذ طريق مختلف لم يتخذه كثيرون، رغم أن عائلته كانت ملتزمة دينياً.
وقال: "مررت بفترة تمرد على كل حاجة معروفة علشان غروري، وكنت بتوهم حاجات وبتكبر الفكرة في دماغي، وكنت بدور على وسائل تفكير تشذ عن السائد، أنا الفترة دي وقت جيت من البحيرة إلى القاهرة فالمجتمع كان مختلف".
وتابع: "وحصل أن مكتبي كانت بيتحرق وكنت في البيت مع الأسرة ونزلت قالولي المكتب تحت بيولع كل الأفلام والمجلات والتاريخ كله بيولع وجاتلي رسالة وقتها، وفقدت زوجة من زوجاتي بسبب إن كان عندها ضيق تنفس مستحملتش الدخان".

وكشفمحمود الجنديأن سبب إلحاده في السابق يرجع إلى مرحلة سماها "المراهقة الفكرية"، وكان متمرداً على ما هو مألوف، وعاش في تلك الحالة سنتين أو ثلاث.
كما قال إن نقطة التحوّل في حياته كانت وفاة زميله الممثل المصري مصطفى متولي، ثم زوجته الأولى، وانقطع عن المشاركة في الأعمال السينمائية لمدة 14 عاماً، ليعود في عام 2006 بالمشاركة في فيلم "واحد من الناس".
وتراجعمحمود الجنديعن قرار الإعتزال، بسبب لقائه بالداعية الحبيب علي الجفري، الذي قال له: "إذا كان بتعتذر عن التمثيل لإنه مش متوافق مع دينك بقى إنت كده بتؤذي كل زمايلك اللي بيشتغلوا في المهنة دلوقتي، وبتقول إنكم كلكم ماشيين غلط"، ونصحه بأن الأوفق هو أن يعود وسط زملائه الممثلين ويكون قدوة.

زوجاته الأربع
تزوّجمحمود الجنديالمرة الأولى من السيدة ضحى حسن، وأنجب منها 3 أطفال بنتين وولد إسمه أحمد الجندي يعمل مخرجاً، واستمر الزواج حتى توفيت زوجته إثر حريق في المنزل في عام 2001.
تزوّج للمرة الثانية من سيدة وأنجب منها "مريم"، وكانت تصغره سناً وقد تعاطف معها نظراً لظروفها قائلاً إن الإنسان يحتاج إلى التغيير بطبعه لكي يحسن ويعدل مسار حياته، فحدث الزواج وأنجب منها ابنته. كما تزوج للمرة الثالثة من الممثلة المصرية عبلة كامل في عام 2003 ولكنهما انفصلا.
ثم تزوج بعد ذلك للمرة الرابعة من إبنة الممثل جمال إسماعيل، وهي السيدة "هيام".

يرحل بصمت
توفيمحمود الجندييوم 11 نيسان/أبريل عام 2019، عن عمر ناهز الـ74 عاماً، بإحدى مستشفيات مدينة السادس من أكتوبر، ونُقل إليها بعد أن تعرض لأزمة صحية، وأمضى في المستشفى 10 أيام الى أن فارق الحياة.