ولد في زحلة عام 1919، تلقى علومه في معهد الكلية الشرقية في زحلة، نال شهادة البكالوريا اللبنانية عام 1937، فكان الأول بين الطلاب اللبنانيين الذين نجحوا في إمتحانات هذه الشهادة.

تابع دراسته العليا في جامعة Montpellier في فرنسا، بالمراسلة، درّس مادة الأدب العربي في الكلية الشرقية التي تخرّج منها، وفي مدرسة القلبين الأقدسين في زحلة، في دار المعلمين والجامعة اللبنانية.

قام في أربعينيات القرن الماضي بمجهود كبير وواسع في عقد الندوات والأمسيات الشعرية، في مختلف المدن اللبنانية، وفي محطات التلفزة العربية والعالمية، ساهم في تأسيس مجلس زحلة النقابي، وكان رئيسه لأربع سنوات.

هاجر إلى أفريقيا عام 1953، وبقي في غانا حتى عام 1964.

كتب في مجلة "الحكمة"، جريدة "النهار"، جريدة "الأنوار"، مجلة "المكشوف" وغيرها، وفي الصحف الزحلية "البلد"، "الوادي"، "زحلة الفتاة"...

ترك مؤلفات نثرية وشعرية عديدة، نذكر منها "تباريج"، "هي الكتاب"، "في محراب علي"، "الفارس والأبراج"، "الموجز في تاريخ زحلة"، "دراسات جديدة في الأدب العربي"، "تاريخ زحلة"...

واجه في حياته الكثير من النكبات من رحيل حفيده، إلى رحيل أقرباء له وأحباء، كما ألمت به خسارة كبيرة عام 1981 إذ تهدم بعض الأجزاء من منزله خلال الحرب اللبنانية، فإحترقت مكتبته الضخمة، هذه القيمة الحضارية التي كانت تضم آلاف المجلدات والمخطوطات، والتي كان إختارها بعناية من أمهات الكتب في أفانين المعارف البشرية.

ترأس نادي الليونز في زحلة لمدة عام واحد، ومثل لبنان في لندن في مهرجان علي بن أبي طالب، حاز وسام الإستحقاق اللبناني من رتبة فارس من رئيس الجمهورية اللبنانية حينها الأستاذ الياس الهراوي.

توفي عام 1994 إثر عملية صعبة في القلب، وكرمه نادي الليونز في العام 2013، وأقام له النادي تمثالاً في حديقة الشعراء - المنشية في زحلة.

إنه الشاعر والكاتب خليل فرحات، الذي نستذكره في هذا اللقاء مع إبنته شيراز فرحات شبيب.

إلى أية درجة كان والدك يحب الكتابة؟

والدي لم يكن يستطيع أن يرى ورقة بيضاء إلا وكان يكتب عليها، حتى أنه كان يكتب على الجهة الخلفية لعلبة السجائر.

كيف تصفين أسلوبه في الكتابة؟

كان يستخدم لغة صعبة جداً، وأظن أنه لم يعد هناك الكثير منها في هذه الأيام، لأنه كان يستخدم المفردات العربية التي تتطلب معجماً لتفسيرها، فهو لم يكتب بالعامية.

"رِمالُ الشّط تضحكُ من بحوري

وما عتبُ الخِضَمِّ على الرِّمالِ

وإذا نزلَ المقابرَ بيتُ شعرٍ

لقامَ من المقابرِ كلُّ بالِ".

إلى أي مدى أنتِ متأثرة بـ خليل فرحات؟

كثيراً، ورثت عنه حب الأدب، أنا لا أستطيع أن أعبر عن إحساسي إلا من خلال الكتابة، وأنا حالياً أحضّر كتاباً له لكي أحيي أشعاره، فإخترت أبيات شعر مؤثرة جداً كتبها هو، ولم تتم طباعتها من قبل، والحرب لم تسمح لنا بأن نستفيد كثيراً من فكر والدي، فكان إستشهاد إبني كارلوس، وكذلك أصيب منزلنا 3 مرات بالقصف خلال الحرب، وبعدها توفي زوجي، الحزن أخذ قسماً كبيراً من حياتنا.

ماذا قال لك والدك عند إستشهاد إبنك كارلوس الذي تتحدثين عنه في كتابك "نسائم من روحي"؟

قال لي :"لا تحزني يا إبنتي، لديك أرزة من أرزات لبنان، لا تموت".

بماذا كان يوصي خليل فرحات أولاده؟

كان يوصينا بحب الوطن.

كيف كان يتعاطى مع تلاميذه؟

حين كان يعطي فرضاً لطلابه لينجزوه، كان يكتب على ورقة كل طالب الكثير من الملاحظات، فكأنه بذلك كان يعطي كل طالب ساعة من الدروس الخصوصية.

خليل فرحات من الطائفة المارونية المسيحية، كيف تفسرين أنه كتب عن الإمام علي؟

هي قصة إيمان، وثقة بربنا، ووالدي كان يقول إن الله لكل الطوائف، بحيث كل شخص يسير في إستقامة مع الله، سيجيبه الله وسيساعده ويلبي طلباته، فلو لم يعش الإمام علي في تلك الأيام، حياة كلها طاعة لله الذي يعبده، لم يصل إلى ما وصل إليه.

إلى أي مدى كان الوطن حاضراً في كتابات خليل فرحات؟

كثيراً، فهو الذي قال:

"ربيبُ لبنان لا يرضى مجالسةً

إن كان فيها لغير المجد حُضّار...

إن جُمِّد الشرقُ لبنانُ يحرِّكهُ

أو سارَ لبنانُ كلُّ الشرقِ سيّارُ...".

يعني أنه كتب الشعر خلال هجرته للعمل في أفريقيا؟

في الغربة إشتاق كثيراً للبنان ونظم الشعر، حين يبتعد الشخص عن وطنه يشعر كأنه سُلخ عن أم أو أب وحياة خاصة به، فيعطي الكثير.

هل تمت محاربة خليل؟

كل إنسان ناجح في بلده تتم محاربته، دائماً الشجرة المثمرة تُرشق بالحجارة، وإذا لم يتم ضربها فمعنى ذلك أن لا أحد يشعر بها.

هل هناك إهتمام من قبل الجهات الرسمية أو غيرها بالتراث الذي تركه والدك، خصوصاً أنه كان يمتلك مكتبة ضخمة؟

أتمنى أن تهتم به الدولة اللبنانية، هناك جامعة الروح القدس في الكسليك التي تقوم بنهضة جميلة جداً، فهم طلبوا منا أن نجمع أشعار والدي، ومكتبة خليل فرحات كانت تضم 180 ألف كتاب، وكانت فيها مخطوطات منذ أيام الصليببين، ولكن خلال الحرب تم إحراق المكتبة، فعندما عاد والدي من أفريقيا أمضى عمره بين حلب ودمشق وغيرهما من المدن، لكي يجدوا تلك المخطوطات القديمة، الجامعة اللبنانية في زحلة إشترت حينها قسماً من المكتبة، والقسم الثاني الذي تبقى إحترق أمام عيني والدي حين قصف السوريون زحلة، ومن ضمن ما تم إحراقه كانت مسودات لكتب كان يريد أن يطبعها.

في الختام، ماذا تقولين لوالدك؟

أقول له ما قاله عند رحيل أحد أصدقائه:

"نعاكَ الدجى...أم نَعَتكَ القلوبُ

على الوردِ ليسَ يجوزُ النجيبُ

تغيبُ الورودُ إذا الليلَ أهوى

ويبقى شذاها فليست تغيبُ".

"في الخالدين أمير الشوقِ منتظرٌ...

وفي دنى العالمينَ الشرقُ محترقٌ

شراعنا فرق يمِّ الشمس منطلقٌ...

ودوننا هُوّة الأعمارِ تَنفغرُ".

"زحلة الأبية...أمُّ الوقفاتِ في الأزم السّوافي...

ومُجلّى النُّور في الظلم الثِقالِ

حَلفتُ وقد تولّاني الشوقُ لأنك ذو الأواخر والأوالي...

عزيزةُ السّاحِ...ومربضُ الأبطالِ...

كانت سجاياكِ لتبقى...

مناطَ الوحي في شعر إحتفالِ...".

وفي ما يلي نعرض لكم بعضاً من كتابات خليل فرحات.

من قصيدة كتبها خليل فرحات للشام على عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الذي أعجب كثيراً بها وطلب أن تتم كتابتها بأحرف من ذهب على عمود قصر الشعب:

"زُحيلتي بردى يروي العطاشى بها

والشامُ إن عطشت من زحلتي الغُدُرُ

نهرُ هنا..وهناك النهرُ لو جُمعا

لكان بالجمع كلُّ الشرقِ يُختصرُ

غداً كتاب الوفا يا شام يُسطّرّه

لبنانُ عنكِ وفي الأكبادِ يَنسَطِرُ".

"نذرٌ من الصَّبرِ...في دُنيا الأسى طُرُقي...

لولاكَ يا شعرُ لم يُبقِ الهوى الضَّجرُ...

أنا من هنا...بكُروم زحلة مولدي...

والنعشُ من خَشَبِ الكروم مُقَصَّبُ".

كما وكتب فرحات أجمل أبيات شعر الغزل :

"أحبك يا ورد لا أطمعُ...

بغير الجوار، فهل تمنعُ؟

وأقسمُ لا أبتغيكَ لحقٍ يهوِّن أطيابهُ المخدعُ...

ولا أبتغيكَ لمحبوكةٍ تزينُ صجري أو تمتعُ...

أنا من كفاه من الورد عطرٌ...

تُفرِّقه الريحُ أو تجمعُ...

وأطيبُ ما في الهوى قُبلةٌ

تمرُّ ببالٍ ولا تُطبَعُ".

عرض تحليلي لتاريخ زحلة بقلم خليل فرحات.

"لوقينيات" زاوية كان يكتبها فرحات في جريدة "زحلة الفتاة"، وكان يكشف فيها عن بعض تصوراته.