شاركت السيدة كلودين عون روكز، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ورئيسة المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية، في حفل إطلاق جائزة مؤسسة "إيناس للجوائز الأكاديمية IAAF AWARDS تحت شعار "تجرأ تحلم " “DARE TO DREAM"، في جامعة سيدة اللويزة، عن أفضل مشروع طالبي مبتكر وريادي قابل للتطبيق، والتي تهدف إلى تشجيع وتحفيز الطلاب على الحلم والتأكيد لهم انه بإستطاعتهم تحقيق أهدافهم.

حضر الحفل الوزير السابق جان أوغاسابيان، رئيس الجامعة الأب بيار نجم، رئيسة مؤسسة "إيناس للجوائز الأكاديمية" السيدة إيناس الجرمقاني أبو عياش، مؤسس Maroun Chammas Recognation Award ورئيس مجلس إدارة Berytech السيد مارون الشماس، وعدد من رواد الاعمال والأساتذة والطلاب.

وعرضت السيدة عون روكز، أهم مراحل مسيرتها المهنيّة وأبرز التحديات التي واجهتها، فقالت :"هي المرة الأولى التي أتكلم فيها عن تجربة حياتي الشخصية.

فمنذ عمر الـ 11 عاماً، كانت لدي فكرة واضحة عن مستقبلي المهني، إذ كنت أعشق الهندسة الداخلية، وأعشق تحويل المساحات القبيحة إلى مساحات جميلة يحلو فيها العيش. وأدركت الآن أن حلمي هذا كان نتيجة الساعات والليالي والأيام التي قضيتها في الملاجئ الباردة والرطبة خلال الحرب اللبنانية. لكن الحياة اختارت نيابة عنّي وأخذتني إلى اتجاه آخر.

كنت أبلغ الـ 18 عاماً عندما نفينا إلى الخارج، وكانت السنة الدراسية قد بدأت حينها، فخسرنا سنة من حياتنا التعليمية. ولأسباب مادية أيضاً، وبسبب مصادرة كل ممتلكاتنا وأموالنا بعد النفي، لم نستطع الدخول إلى الجامعات الخاصة التي تدرّس الهندسة الداخلية. وبما أن الدولة الفرنسية أخذت على عاتقها تعليمنا، أجبرت مع شقيقتي على اختيار واحد من الاختصاصات التي تدرس في جامعة السوربون. فلم يبق لي إلا خيار التوجه إلى اختصاص الثقافة والتواصل، وحزت بعدها على ماجستير في الدراسات السمعية والبصرية. وكان هذا الأمر صعباً بالنسبة لي لأن مسار حياتي لم يكن من اختياري، وعانيت كثيراً خلال سنوات الدراسة الجامعية، ولم أكن أحب كل المواد، لكنني اليوم أدرك أهميتها والشغف الذي أعطتني إياه للسعي لكل ما هو خيّر وجميل، كما غيّرت بعض المواد نظرتي لأمور كثيرة ولمقاربتي لمختلف الأديان."

وتابعت :"وحين دخلت عالم السينما، جذبني موضوع صورة النساء في السينما الفرنسية في الخمسينات، أي بعد الحرب العالمية الثانية، حيث اضطررت لقراءة تاريخ فرنسا قبل وخلال وبعد الحرب العالمية الثانية. وهنا اكتشفت مدى الإجحاف بحق المرأة وعدم المساواة بينها وبين الرجل، وكم كان المجتمع ذكورياً، ومدى محدودية الصورة النمطية المعطاة للمرأة، والمسؤولية الكبيرة التي كانت ملقاة على عاتقها خلال الحرب.

وهنا بدأت أهتم أكثر بموضوع حقوق الإنسان، وبدأ نضالي لتحقيق العدالة الاجتماعية انطلاقاً من تجربتي الشخصية المليئة بالظلم.

بعد شهادة الماجستير، تزوجت وعدت إلى لبنان، ورزقت بثلاثة أولاد خلال ثلاث سنوات، وبقيت 7 سنوات أهتم فقط بتربية الأولاد، وهي أهم مهنة في الحياة والأقل إعترافاً من قبل الدولة والمجتمع.

فخلال هذه الفترة، عملت في مختلف المهن المعروفة، من القيام بدور الوساطة إلى محاسِبة وسائقة ومعلمة ومتخصصة في التنظيف وتزيين المنزل وتنظيم مآدب الغذاء والعشاء، ومصممة أزياء للعائلة، وعالمة نفس، وممرضة ومرشدة اجتماعية... والفرق الوحيد بيني وبين موظفي هذه الوظائف، هو أنني كنت أعمل بدون مقابل، بل بالعكس، كان المجتمع يشعرني أنني من دون فائدة (امرأة في البيت).

وبعد طلاقي، أدركت أهمية أن تكون المرأة مستقلة مادياً، لأنها لا يمكن أن تضمن مستقبلها.

ومن هنا يأتي اهتمامي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اليوم، بتمكين النساء إقتصادياً وتشجيعهن للدخول في القوى العاملة. ومن جهة أخرى ساعدتني إدارة شؤون عائلتي على إدارة شركتي التي أسستها فيما بعد.

عام 2005، عاد أبي من فرنسا واستلمت إدارة مكتبه لـ4 سنوات، وشكل هذا المنصب امتداداً لالتزامي ونشاطي السياسي. تعلمت الكثير في الحياة السياسية، وها أنا اليوم أتابع هذا الالتزام من خلال عملي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اليوم، وسعي لتعديل كافة القوانين المجحفة بحق النساء."

وأضافت:" عام 2009، وبسبب إرادتي القوية لكي أكون مستقلة مادياً وحاجة عائلتي لمدخول مادي أكبر، وبعد النجاح الذي حققته الحملة الإعلانية للانتخابات النيابية التي تطوعت لإدارتها للتيار الوطني الحر حينها ، اكتشفت قدراتي وقررت أن أستخدم ما تعلمته في فرنسا إلى جانب خبرتي في مشروع ما، فأسست شركتي الخاصة.

كانت التحديات كبيرة جداً لكي أنجح وأثبت قدرتي على العمل في شركتي مع جميع الأطراف والألوان السياسية، وأحافظ على مصداقيتي بالرغم من انتمائي لجهة سياسية معينة. وكان التحدي الأكبر، العمل بمهنية مطلقة والفصل بين شركتي الخاصة وعملي وانتمائي السياسي. وهذا ما وصلت إليه اليوم، إذ تقدم شركتي خدمات الإعلان والتواصل لأكثر من 100 شركة من مختلف الجهات والانتماءات.

بعدها، أتيحت لي فرصة تولي رئاسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، لأعبر عن قناعاتي التي كوّنتها من خلال تجربتي في الحياة التي شاركتكم بقسم منها."

وختمت:" طلابنا الأعزاء، ما زلتم اليوم في بداية الطريق، تتعلمون المهنة التي اخترتموها في الحياة، ومن الممكن أن تغيروا رأيكم وتكتشفوا أنها ليست الخيار الأمثل، كما يمكن أن تكون مسيرتكم المهنية مشابهة لمسيرتي.

فأحياناً تكون الحياة هي التي توجهكم وليس أنتم من تختارون مستقبلكم، لكن في الحالتين، هناك دائماً طريق تسلكونه لتعبروا عن أنفسكم وعن شخصيتكم. فالنضال في سبيل هدف أو قضية معينة هو خيار يتخذه الإنسان.

أدعوكم إلى العمل والكد والتعب للوصول إلى ما تطمحون إليه، فالأحلام لا تتحقق بسهولة، ولا بسرعة كما يتمنى جيل الشباب، وتبقى القناعة هي الكنز الذي لا يفنى.

استمتعوا بحياتكم ولا تخافوا الصعوبات بل واجهوها مهما كان نوعها، ولا تيأسوا مهما تعثرت مسيرتكم.

لم أقرر مجال اختصاصي ولا مكان إقامتي ولا أحداث حياتي، لكني تأقلمت مع نمط الحياة الذي فرض علّي، وأثبت نفسي وقدراتي بالرغم من كلّ شيء".

وكان الحفل الذي قدمّه الإعلامي ماجد بو هدير، قد افتتح بكلمة رئيس جامعة سيدة اللويزة الأب بيار نجم، عبّر فيها عن قلّة الثقة التي يشعر بها الطلاب اليوم بسبب تجربة الأجيال السابقة. وأكد أن الإصلاح الحقيقي يتمّ من خلال الاستثمار بجيل الشباب وإعطائهم الإمكانية والوسيلة ليفجروا طاقاتهم. وختم متوجهاً للطلاب:" أنتم مستقبل لبنان، لا تفقدوا الرجاء والأمل وابنوا المجتمع الذي تريدون".

ثمّ ألقت السيدة الجرمقاني أبو عياش كلمة قالت فيها:" أشكر جامعة سيدة اللويزة على إعطائي الفرصة لكي أتواصل مع الطلاب وأساهم في تحقيق أحلامهم. شعارنا واحد، "تجرأ تحلم". حين كنت طفلة، حلمت بتغيير العالم، لكن الأشخاص من حولي كانوا يسخرون من حلمي، فأردت أن أثبت لهم أنني أستطيع تحقيقه .... وها أنا اليوم بدأت بتحقيق هذا الحلم من خلالكم ومن خلال تحقيق أحلامكم"

وختمت: "من المؤكد أنكم ستواجهون المصاعب لكن لا تيأسوا، فهذا يعني أنكم موجودون... فكّروا في قلبكم وأجعلوا عقلكم يرسم لكم الطريق".

بعدها عرض الوزير السابق جان أوغاسابين، تفاصيل جائزة مؤسسة "إيناس للجوائز الأكاديمية" التي تطلق سنوياً في 7 جامعات في لبنان، ولا تقيّد الطلاب بموضوع أو مجال معيّن، بل هي مفتوحة لجميع الطلاب والاختصاصات. وبعد أن تختار كل جامعة أفضل 5 مشاريع لديها يتم اختيار الأفضل من قبل لجنة تحكيم، ليربح صاحبه 10000$. وختم :"يجب أن نفتخر أننا لبنانيون، للبناني طاقات كبيرة يجب استثمارها". وقدّم السيد مارون الشماس، شهادةً عن مسيرته المهنيةّ قال فيها: "متى بدأت بالعطاء، بدأت بالنجاح".

وعرض مراحل حياته وأبرز التحديات التي واجهته، ونصح الطلاب بالإيمان بأنفسهم والتخطيط والمثابرة لتحقيق الأحلام. كما تطرّق إلى نجاح شركته التي أصبحت تضمّ عدداً كبيراً من الموظفين، مؤكداً أن نجاح الشركة يتحقق بالأشخاص الناجحين".

ثمّ قدّم كل من السيد جورج عازار، والسيد شربل مارون والسيد بيار عقل، شهادات عن مسيرتهم المهنية، وهم من خرّيجي جامعة سيّدة اللويزة.