تنظم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث "كوثر"، الدورة التدريبية الإقليمية حول "مهارات الدعوة والحوار من أجل السياسات في مجال النوع الاجتماعي والتجارة"، في إطار خطة عمل مشروع "تمكين المرأة لتحقيق المساواة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال تعميم مراعاة النوع الاجتماعي في السياسات الاقتصادية والاتفاقيات التجارية" بدعم من الوكالة السويدية للتعاون الدولي للتنمية/سيدا، وبالتنسيق مع عدد من المؤسسات والمنظمات المتخصصة والمعنية من البلدان التي يغطيها وهي الجزائر والأردن ولبنان ومصر والمغرب وتونس.

وإفتتحت الدورة بحضور السيدة كلودين عون روكز، رئيسة المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية ورئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، التي تمتد من 26 وحتى 30 آذار الجاري، وتهدف إلى تزويد المشاركين/ات بالأدوات والمعرفة اللازمة في مجال الدعوة القائمة على الأدلة نحو التغيير لتعزيز مشاركة النساء الاقتصادية وولوجهن في الأسواق التجارية وطنياً، إقليمياً ودولياً.

حضرت جلسة الإفتتاح السيدة مارتين نجم كتيلي، عضو المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية،والسيدة هادية بالحاج يوسف، مسؤولة وحدة تبادل المعلومات ومنسقة برنامج مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي في كوثر والسيدة حكمت الوزاري، المسؤولة الإدارية والمالية في كوثر، وممثلات عن "كوثر" وعن المؤسسات والمنظمات المتخصصة من البلدان الستة المشاركة.

وألقت السيدة عون روكز كلمة الافتتاح قالت فيها:" يسعدني أن أشارككم في هذا اللقاء الذي يندرج ضمن مشروع تمكين المرأة لتحقيق المساواة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال تعميم مراعاة النوع الاجتماعي في السياسات الاقتصادية والاتفاقات التجارية والذي يشارك في تطبيقه على الصعيد الإقليمي الوكالة السويدية للتعاون الدولي للتنمية/سيدا ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث/كوثر وتتعاون معهما فيلبنان، الهيئة الوطنية لشؤون المراة اللبنانية.

من ضمن عملها الرامي إلى تعزيز أوضاع المرأة في المجتمع، تعير الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أهمية مركزية لدعم مشاركة النساء في الحياة السياسية وفي الحياة الاقتصادية، ومن البديهي أن تمتع المرأة بالكرامة وبالقرار الحر يتطلب أولاً اعتراف القانون بحقوقها الإنسانية وتوفير الحماية لها، ويتطلب ثانياً تمكن المرأة من التصرف بحرية بمواردها الاقتصادية. وتمكنها من تحمل المسؤولية في الخيارات في توجيه مسارات حياتها ومسارات أسرتها كما تمكنها من المساهمة بفعالية في تطوير المجتمع الذي تنتمي إليه وفي تنمية اقتصاده."

وتابعت:" ونحن مدركون أننا في لبنان خطونا بعض المسافة على طريق توفير بعض الشروط الأولية لتمكين النساء من التمتع بالقدرة الاقتصادية، إذ إن نسبة الإناث اللواتي يتابعن التعليم الجامعي تزيد من 45% وتقارب في المحاماة ال 50% وهن بتن يشكلن 47.4% من العاملين في القطاع المصرفي. من جهة ثانية، لا تحتوي السياسات الاقتصادية أو التجارية على نصوص تمييزية ضد المرأة، ومنذ بضعة سنوات تمكنت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في إطار حملة أطلقتها لتنزيه القوانين ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي من الأحكام المجحفة بحق المرأة، من حمل المشترع على جعل الإعفاءات الضريبية على ضريبة الدخل وعلى رسم الإنتقال تطبق على المرأة أيضاً وليس على الرجل فحسب باعتباره وحده رباً للأسرة. وقد أقر المجلس النيابي مؤخراً تعديلاً قانونياً ألغى بموجبه الأحكام التي كانت تميز في قانون التجارة البرية ضد زوجة المفلس إذ كان المشرع لا يرى أن هناك فرقاً واضحاً بين الذمة المالية لكل من الزوجين، لاعتباره ان هناك قرينة بأن المرأة غير منتجة وتعتاش خلال زواجها من موارد الزوج حتى إثبات العكس. هذا علماً أن القانون اللبناني يعترف منذ العام 1994 بالأهلية التجارية الكاملة للمرأة."

وأضافت:" على صعيد آخر، أظهرت التشكيلة الأخيرة للحكومة اللبنانية اهتماماً مستجداً بمشاركة المرأة على الصعيدين السياسي والاقتصادي إذ ضمت الحكومة أربعة وزيرات منهن وزيرة للداخلية ووزيرة للطاقة ووزيرتي دولة للتنمية الإدارية وللتمكين الاقتصادي للنساء والشباب.

إلا أن نسبة النساء اللواتي يشاركن في النشاط الاقتصادي لا تزال على الصعيد الوطني دون معدل الربع وكذلك لا يتجاوز الدخل المكتسب المقدر للمرأة نسبة 25% من دخل الرجل المكتسب ولا تتجاوز النساء اللواتي يحصلن على قروض نسبة 3%. هذه المعطيات تستوجب التساؤل عن أسباب عزوف النساء على المشاركة في النشاط الاقتصادي المنظم مع العلم أن أعداداً كبيرة من النساء تقوم بنشاطات اقتصادية هامشية وبالتالي لا تستفيد من الحماية التي يؤمنها قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي، ولا تحتسب قيمة أعمالها ضمن الاقتصاد الوطني. وبما أن التجارة تمثل قطاعاً اقتصادياً هاما في الاقتصاد الوطني إذ يمثل 30% من الناتج المحلي الإجمالي، من الواجب علينا معالجة ظاهرة تدني مستويات مشاركة المرأة في هذا القطاع كما في قطاعي الصناعة والزراعة. ولنا ان نعمل جاهدين لحمل الحكومة على الإقدام على التدخلات التي من شأنها إدماج المرأة في هذه القطاعات وعلى العمل على تطوير قدرات الموارد البشرية العاملة فيها، رجالاً ونساءًا، فالتنمية الاقتصادية المستدامة لا تتم إلا بموازاة التنمية البشرية، كذلك لنا أن نسعى إلى أن يكون بعد النوع الاجتماعي حاضراً في الاتفاقيات التجارية التي يوقعها لبنان على الصعيد الإقليمي وعلى الصعيد الدولي وينبغي أن تتضمن هذا البعد السياسات التي تعتمدها الدولة. كذلك ينبغي أن نكون حريصين على أن تأتي الاتفاقيات التجارية التي تبرمها الدولة متناسبة مع حاجات العاملين الاقتصاديين نساءًا ورجالاً. لذا علينا أولاً أن ندرك خصائص واقعنا الاقتصادي وأن نتعرف على الصعوبات التي تعيق مشاركة النساء في الاقتصاد الوطني في شتى قطاعاته كما علينا أن نعمل بمنهجية لاعتماد أولويات نخطط لتحقيقها ونبرمج الخطوات التطبيقية التي يجب أن نقدم عليها. لذا نحن بحاجة إلى تكوين رؤية بالنسبة إلى التنمية المستدامة التي نريدها للبنان ونحن بحاجة إلى أن يشاركنا صانعو القرار في هذه الرؤية وأن تتكون لديهم قناعة بالنسبة للمبادرات الضرورية لإنقاذها. لذا لا بد لنا من تطوير المهارات المتوفرة لدى جميع الأفرقاء المعنيين برفع مستوى المشاركة الاقتصادية للنساء، في مجال الدعوة والحوار لكسب التأييد للسياسات الرامية إلى إدماج بعد النوع الاجتماعي في القطاعات الاقتصادية بشكل عام وفي قطاع التجارة بنوع خاص."

وختمت كلمتها بالقول :"يسرني أن افتتح معكم اليوم الدورة التدريبية الإقليمية " مهارات الدعوة والحوار من أجل السياسات في مجال النوع الاجتماعي والتجارة" وأتمنى لكم النجاح في التوصل إلى الممارسات الفضلى لتحقيق أهداف المساواة بين النساء والرجال على الصعيد الاقتصادي في منطقتنا العربية."

ثم ألقت د. فائزة بن حديد منسقة البرامج في كوثر ومسؤولة عن مراقبة الجودة ومديرة المشروع "النوع الاجتماعي والتجارة"، كلمة قالت فيها:" أود أن أنقل إليكم سلام الدكتورة سكينة بيوراوي، المديرة التنفيذية لمركز المرأة العربية للتدريب والبحوث واعتذارها لعدم تمكنها من أن نكون معكم اليوم. طلبت مني أولاً وقبل كل شيء أن أشكر الهيئة الوطنية لشؤون للمرأة اللبنانية وعلى رأسها رئيستها عن هذه الشراكة المثمرة وثانياً تشكر كل واحد/ة منكم لقبول الدعوة التي وجهت لكم من طرف اللجنة والمركز لحضور هذه الدورة التدريبية الإقليمية التي تسبق الدورات التي سوف تنظم في البدان الستة. كما إنها تتمنى كل النجاح لعملنا.

وتابعت:" يتمثل الهدف العام طويل المدى للشراكة التي تم الاتفاق عليها سنة 2017 بين سيدا ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث/كوثر في تقديم الدعم والخبرة الفنية في مجال إدماج قضايا النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان في السياسات الاقتصادية والتجارية في المنطقة، من جهة، ودعم المتابعة والتقييم لأعمال التعاون والعمل التنموي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعلاقة بالاستراتيجية النسوية في السويد وتنفيذ الاستراتيجية الإقليمية للتعاون الإنمائي السويدي مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخطة عمل كوثر الاستراتيجية وإطارها التنفيذي من جهة أخرى."

وختمت :"أتمنى أن تكون لنا الفرصة لمواصلة هذا المشوار مع بعضنا البعض ليكون للنتاج طويل المدى آثارا يضمن "تمتع مزيد من النساء بنفس الحقوق واحتمالات الحياة والفرص مع الرجال من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين بفضل تحسين الاندماج في الاقتصاد وأسواق العمل والتجارة مع كل مي يمكن أن يترتب عن ذلك من فوائد التنمية على بلداننا ومجتمعاتنا".