يعتبر الفنان السوريشادي جميلمن فئة مغني الطرب العربي الأصيل، حيث يمتاز بخامة صوت مميزة ورائعة، أتقن وأبدع بغناء القدود الحلبية، كما وأنه يعتبر من عمالقة الفن والطرب في العالم العربي.

نشأ وهو يُصغي للتراتيل والقدود الحلبية، التي صار واحداً من ألمع أصواتها بأدائه البارع واختياراته الجميلة واحترامه لنفسه وسامعيه.

ولد في حلب في 22 أيلول/سبتمبر عام 1955، واسمه الحقيقي جورج جميل جبران، وقد اختارت اسمه الفني سيدة مقربة من العائلة، وانتسب إلى نقابة الفنانين في كانون الأول/ديسمبر عام 1983.

من الكنيسة

منذ نعومة أظافره نهل شادي جميل من الكنيسة أصول الغناء والتراتيل، وفي المرحلة الابتدائية اهتم كثيراً بالموشحات الأندلسية، ثم انتسب إلى المركز الثقافي في مدينة حلب، وهناك تتلمذ على يد كبار الأساتذة، منهم بهجت سليمان والشيخ نديم الدرويش، وتعلم رقصة السماح وجمع في دراسته للألحان البيزنطية وأحكام تجويد القرآن الكريم والأناشيد الصوفية، وحمل كل ذلك في صوته الرائع نحو أرجاء العالم.

وتعاون مع كبار الشعراء والملحنين الحلبيين أمثال الشعراء نظمي عبد العزيز وصفوح شغالة وعمر البابا وأنطوان مبيض والملحن فتحي الجراح، حاصداً جوائز محلية وعربية.

وفي هذا الصدد، أكد شادي جميل أن في سوريا ملحنين وشعراء، قادرين على صناعة أغنية تحمل هويتنا، لافتاً إلى أن الصوت الجميل لا يكفي لصناعة الطرب بل يجب أن يمتلك الثقافة الفنية واللغوية والخامة الصوتية وأن يكون ضليعاً بمخارج الحروف مع القدرة على الوصول إلى إحساس المستمع.

ويرى سبب نجوميته دعاء دينياً يقول: "يا رب يا عالي شوف عبدك، جبرته آه برضاك وشملته".

عن طريق الخطأ

دخل شادي جميل الفن عن طريق الخطأ، وعاد إلى بداياته حيث كان يرتل في كورال السان جورج في حلب، ثم جاء إلى لبنان وعمل في معمل نسيج وبدأ يقوم بحفلات على نطاق ضيق بين الأصدقاء.

والده كان يمتلك صوتاً جميلاً لكنه عندما طلب من أهله دخول الفن ضربوه، لأن الفن كان حينها شيئاً معيباً.

عندما اتجه للفن كان ذلك على حساب الدراسة، وعلى حساب العلم، فلم يتمكن من إكمال دراسته فحزن والده منه باعتباره وحيداً وقال له: "إذاً ستقلع شوكك بيدك".

وعند سؤاله عما إذا كان أحد من أولاده يمتلك صوتاً جميلاً يقول "كلا الحمدلله"، ولكن جيرانه يقولون إن صوت ابنته جميل حين تغني في المنزل باللغة الأجنبية، ولكنها لا تغني أمام والدها، ويمازحها قائلاً إنه يتمنى أن تصبح راهبة فترفض، ولكنه في الحقيقة يتمنى ألا تدخل الفن وتتزوج وتهتم بعائلتها "ياريت بنتي تصير راهبة لريح راسي خاصة إذا دخلت هالمجال خطير جداً".

وقال إن ابنته تحب الأغاني العصرية وتحفظها، ولكنه لا يشجعها ولا يعطيها أي شيء عن الفن.

صباح فخري

أشار شادي جميل إلى أنه قلّد في بداياته الفنان الكبير صباح فخري، الذي اعتبره مدرسة في الفن، معرباً عن فخره بأنه أحد أبناء هذه المدرسة، وكان متأثراً بمدرسة التراث الحلبي.

واعتبر أنه استطاع تقديم لونه الخاص لاحقاً لأن صباح يبقى الأول في هذا اللون، وصاحب الفضل في انتشار القدود والموشحات في العالم.

واستنكر الطريقة التي يقوم أنس فخري ابن صباح بتقديم والده بها في البرامج والحفلات، معتبراً أن أنس يسيء لتاريخ والده الكبير ويستغله بطريقة غير مقبولة، ومؤكداً أن صباح مسلوب الإرادة ولو كان بوعيه، لما رضي بذلك.

الأغنية المعاصرة

وفي حديثه عن الأغاني المعاصرة يقول شادي جميل: "أنا قدمت أغانٍ معاصرة لكني لم أنزل للأغاني الهابطة، بقيت ضمن سكة التراث. بمعنى، كل شيء قدمناه مستوحى من منهج التراث الذي ابتدأنا منه. الأغاني الهابطة تنجح ربما مثل النكتة التي حين تسمعها تضحك لها وبعد ذلك تنساها، أما الأُغنية التي فيها كلمة غير مطروقة تظل راسخة في ذهن الناس وأنا أبحث عنها.

أصعب اللحظات

تحدث شادي جميل عن أصعب اللحظات التي مر بها في حياته، منها لحظات حادث السيارة منذ سنوات حين كان آتياً من حلب نحو لبنان، وقتل الطرف الآخر وكان هو المخطئ، وقد نجا شادي ومن معه في السيارة بأعجوبة كبيرة.

أما الحدث الثاني فهو المرض الذي أصابه في كبده، وشفي منه مما فاجأ الأطباء في تورنتو.

اعتزال

علّق شادي جميل على الفنانين الذين تركوا الفن من أجل العبادة، بقول "نيالون"، وتابع :" بدي اعتزل أنا وبصحتي وأقدر أخدم البيت اللي أنا طلعت منو (أي الكنيسة) لو بدي مسّح درج".

من الأصوات النادرة

في مداخلة خلال أحد البرامج، قالت الإعلامية هلا المر عن شادي جميل: "لا يمكننا أن نختصره بكلمتين لأنه من عصر العظماء، من مدرسة حلب التي كان الكبير من الفنانين يمر من هذه المدرسة، إذا رضوا عليه وهذا يعني أنهم قرروا أنه فنان. هو من الأصوات النادرة جداً في كل الشرق الأوسط رغم أنه لم ينل حقه إعلامياً. في هذه المدرسة ربما أكثر من اشتهر هو صباح فخري. لكن شادي لم يأخذ النكهة الإعلامية نفسها، حدث أنه انطلق في وقتٍ كان فيه الكثير من الحروب، وفي سوريا لم تنطلق كثيراً هذه الأسماء. في سوريا ربما يعدّون على الأصابع الناس الذين انطلقوا كثيراً. شادي وصل إلى نسبة إعلامية مُعتدلة، ليست كثيرة لكنها أيضاً ليست قليلة".

وأضافت: "الذي يفهم في الأصوات يعرِف كم في إمكان صوت شادي جميل أن يؤدّي. الآن كم هو شادي جميل "جينتلمان" في تعامله مع الناس، في نفسيته، في أخلاقه، في تربيته لعائلته، هذا الفنان الذي لم تأخذه الأضواء ونسي عائلته وسيعود كل ليلة إلى عائِلته وإلى بيته ويصون لهم أخلاقهم وكرامتهم ويجعل هذا الجو العائلي عنده في البيت".

وأكدت أن شادي جميل من الذين حفظوا العديد والعديد من القصائِد التي لم نعد نجدها اليوم، من الذين يعرفون الطرب الأصيل، وليس كائن من كان يُقال له يؤدي طرباً أصيلاً. يمكننا أن نقول ونحن واضعين أيدينا في مياه باردة إن شادي يعرِف الطرب الأصيل ويعرِف كيف يُعيدنا إلى ماضٍ جميل جداً لأناس يحبون أن يسمعوا.

معلومات قد لا تعرفونها عن شادي جميل

يرفض الزواج المدني متمنياً أن يتزوج أولاده في الكنيسة كما فعل هو بمباركة الله.

يرى أن الفائز في برامج الهواة ينتحر فنياً كونها تقدم الشهرة في البداية، ولكنها لا تضمن له الاستمرار الذي يحتاج من جهد وتضحية.

انتقد كل الفنانين الذين يغنون "بلاي باك".

ليس من محبذي تصوير الفيديو كليب.

يعتبر إنسان يحب البيت ويحب العائلة ويكرس كل وقته لبيته ولعائلته.

تعاون مع عدد كبير من المؤلفين من أمثال صفوح شغالة ومحمد البابا، وميشال جحا. أما الملحنون فمنهم جوزيف جحا، فتحي الجراح، جورج مردبسيان وإيلي شويري.