أكثر من 150 صانع أفلام ومحترف وخبير سينمائي تضج بهم حالياً العاصمة القطرية الدوحة وذلك بُعيد مشاركتهم في النسخة الخامسة من ملتقى قمرة السينمائي الذي تنظمه سنوياً مؤسسة الدوحة للأفلام، والذي سيستمر لغاية 20 آذار الحالي.

اليوم الثالث من الملتقى حفل بعدة نشاطات وفعاليات كان من أبرزها جلسة جمعت نخبة من أبرز صنّاع الأفلام في العالم العربي بغية مشاركة تجاربهم وتقديم نصائحهم لصنّاع الأفلام الموهوبين والذين يخوضون تجاربهم الأولى أو الثانية في الإخراج. وتكمن أهمية هذه الجلسات في أنها ترشد المواهب الصاعدة في صناعة الأفلام، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، وتوفّر تبادلاً فعلياً بين خبراء صناعة الأفلام وصنّاع الأفلام الجدد وتمنح الشباب الطموح فرصة اكتشاف لآلئ الحكمة في هذه المهنة. وقد ضمّت قائمة مدرّبي صنّاع أفلام قمرة 2019 المخرج وكاتب السيناريو والمنتج غسان سلهب، صانع الأفلام والفنان البصري كريم عينوز، المخرجة والمنتجة تالا حديد، وصانعة الأفلام والشاعرة آن ماري جاسر الذين عمدوا إلى إلقاء الضوء على أهمية الحفاظ على الصوت الحقيقي ومبادرات التطوير مثل ملتقى قمرة لإرشاد الجيل القادم من صنّاع الأفلام.

كريم عينوز، المخرج الذي اشتهر بالعديد من الأفلام مثل "مدام ستا" (2002) و"حب للبيع" (2006)، قدّم لصنّاع الأفلام الطموحين في قمرة نصيحة تتجسد بحماية رؤيتهم وعدم التخلي عن صوتهم الحقيقي وعن الأمور التي يريدون التحدث عنها فعلياً. وقال: "عليك أن تسأل نفسك: من الذي تريد التحدث معه وما الذي تريد قوله؟ وعليك أيضاً الإجابة عن هذه الأسئلة أمام الأفراد المسؤولين عن صناعة الأفلام، والذين يجب إقناعهم بضرورة إنتاج فيلمك". وفي المحور نفسه، لفت المخرج اللبناني غسان سلهب صاحب أفلام مثل "أشباح بيروت" (1998) و"الأرض المجهولة" (2002) إلى الإضافة الحقيقية التي سيحظى بها صنّاع الأفلام الشباب في الملتقى من خلال النصائح التي سيتلقونها. وأضاف: "ويبقى خطر الشعور بالضغط في خضم كل هذه الإرشادات، لكن المهم هو عدم الضياع في أصوات الآخرين، والاستماع إلى صوتك أنت والأمور التي تريد تحقيقها، فأنت هو أهم ناقد لنفسك".بدورها، أشارت آن ماري جاسر، التي حاز فيلمها الأخير "واجب" (2017) على 18 جائزة عالمية، إلى أنه "لا يوجد الكثير من الأماكن التي يستطيع صنّاع الأفلام العرب اللجوء إليها، ولهذا يعدّ ملتقى قمرة الدافع الأساسي للمساهمة في دعم مواهب الجيل القادم من صنّاع الأفلام العرب. كنت أتمنى وجود مثل هذه المبادرة في بداية مسيرتي، لذا أنصح صنّاع الأفلام الجدد هنا بالاستفادة من فرصة التعرّف إلى الأشخاص الذين قد يساعدونهم خلال مسيرتهم الفنية". أما المخرجة المغربية تالا حديد، فأكدت أنها تستمتع بتولّي منصب مدرّبة صنّاع أفلام قمرة إذ تتسنى لها الفرصة للتعلم والتعليم، وأضافت قائلة: "كل عام يعجبني المستوى العالي للمشاريع في ملتقى قمرة. هناك العديد من الشباب الأذكياء أصحاب مشاريع جريئة ومتنوعة. وبالإضافة إلى تقديم النصائح ارتكازاً إلى تجربتي الخاصة، فإن الأعمال التي أشاهدها في قمرة وطاقة صنّاع الأفلام الشباب والأعمال والسبل الجديدة التي يستخدمونها تشعرني بالإلهام".

وعلى صعيد الجلسات النقاشية، فقد ترأس فرانكلين ليونارد، المؤسس والرئيس التنفيذي للقائمة السوداء، جلسة خاصة تحدث خلالها أمام حشد من الجماهير حول أهمية استقطاب أصوات جديدة ومتنوعة إلى هوليوود، والدور الذي لعبته شركته في هذا المجال حتى الآن فقد أسس القائمة السوداء عام 2005 لتصبح القائمة السنوية لأكثر سيناريوهات هوليوود غير المُنتجة شعبية، وسرعان ما أصبحت من أهم الشركات في قطاع السينما التي تحتفي بالكتابة السينمائية وعمليات الإنتاج العظيمة وتدعمها. منذ تأسيسها، أُنتجت الشركة أكثر من ثلث 1200 عملاً من النصوص، وحققت أكثر من 26 مليار دولار في شباك التذاكر حول العالم، كما حازت على 53 جائزة أكاديمية من أصل62 2 ترشيحاً. وأشار ليونارد إلى أن الهدف من القائمة السوداء وبكل بساطة كان إيجاد "أفلام غاية في الروعة"، وعلّق بالقول: "ما كان في البداية قائمة بريدية لسيناريوهات هوليوود المفضّلة غير المنتجة، أصبح منصة إلكترونية تتيح للكتّاب خارج "فقاعة هوليوود" أن ينشروا أعمالهم".

وعن نمو القائمة السوداء الذي ساهم في إدخال أصوات جديدة في مجال السينما السائدة، قال ليونارد: "أدركت خلال السنوات الأولى من إنتاج القائمة السوداء أنها سمحت للمرة الأولى، لصناعة السينما في هوليوود بمعالجة السؤال: ما هي الأفلام التي سيحبها الناس فعلاً، عوضاً عن الأفلام التي ستجني الكثير من الأموال؟ بشكل منهجي. وبعد أن نمت القائمة السوداء لتصبح منصة إلكترونية، عرفت أن لديها القدرة على حل مشكلة أخرى في الصناعة وهي إمكانية مساعدة الكتّاب المغمورين في نشر نصوصهم، وبشكل خاص للمقيمين خارج هوليوود".وعن دور هوليوود في رعاية المواهب، تحدث ليونارد قائلاً: "لم يتم إعداد هوليوود تقليديًا لرعاية مواهب أشخاص من خلفيات متنوّعة. أنا فخور بأن القائمة السوداء ساعدت في إطلاق وظائف للذين عادة ما يتم استبعادهم من صناعة السينما السائدة في لوس أنجلوس. آمل أن يتوسع في المستقبل نطاق القائمة السوداء، بحيث يمكن أن تدعم تقديم ومراجعة عروض الأفلام بلغات أجنبية. ففي النهاية، القصص الجيدة لا تملك حدوداً وطنية".

وسيشهد اليوم الرابع من ملتقى قمرة السينمائي عرض فيلم "طوكيو ساناتا" لخبير قمرة كيوشي كوروساوا، وستليه جلسة حوارية مع ميشيل ريلهاك بعنوان "نرحب بكم في الواقع الجديد: كيف تغير تقنية الواقع الإفتراضي عالمنا".