هو الذي ننتظر عودته بشغف كبير في طفولتنا لنرى ماذا يحمل لنا معه من ما لذ وطاب ومن هدايا، وهو أيضاً الظهر الذي ينحني لنعبر عليه.

هو الذي يعمل ساعات وساعات ليؤمن لقمة عيش كريمة لأسرته، ويبذل نفسه في سبيل تأمين كل مستلزمات أولاده، من أكل وشرب وتعليم وترفيه وإستشفاء.

هو رمز التضحية، إنه الأب، والذي لازال الإحتفال بعيده في 21 حزيران من كل عام خجولاً، ولكن ما أجمل أن يُكرّم الأب في عيد العشاق، ونسبق التاريخ الرسمي المحدد للإحتفال بعيده، ولذلك دعت "دار الندوة" في الحمرا، برعاية وزارة الثقافة، إلى أمسية "الأب في حضرة الثقافة"، تكريماً للأب ولعطاءاته.

قدمت الأمسية الروائية الشاعرة هيام التوم، وشارك فيها الإعلامية الشاعرة ليلى الداهوك، الشاعر سعيد أبو الزور والشاعرة نغم أبي كرم مهنا الذين ألقوا أجمل القصائد التي كتبوها عن الأب،وشارك الفنان أمير عيسى في الأمسية من خلال عزف أغنية "ليلية بترجع يا ليل"، وتم تكريم الشاعر والممثل وليم حسواني، نقيب الشعراء جورج أبو أنطون، رئيس إتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور وجيه فانوس والفنان الباحث الياس ديب، وبحضور ممثل وزارة الثقافة الدكتور عماد الهاشم.


موقع "الفن" كان حاضراً، وعاد بهذه الكلمات الخاصة.

مدير دار الندوة جهاد الخطيب قال :"تأسست الدار في العام 1987 بعد إنتهاء ما يسمى بـ"الأزمات العسكرية" التي كانت موجودة في البلد، وكانت الدار ناشطة منذ ذلك الحين ولازالت، في إطار العمل الثقافي والإجتماعي والتربوي والأدبي، وتقدم في بعض الأحيان النشاطات ذات الطابع الفكري والسياسي، والمؤسسات الثقافية دورها فعال في المجتمع، ولكنها تمر بأزمة كبيرة، ونأمل مع تشكيل الحكومة الجديدة، أن تفعّل وزارة الثقافة دورها، وأن يكون لديها دعم ضمن الموازنة السنوية، لأنها ليست وزارة هامشية، وهي تعبير عن وضع البلد وإتجاهاته، ونحن نتواصل مع وزارة الثقافة كي نقيم دائماً هذه الأنواع من النشاطات التي نكرّم فيها مبدعين من مختلف المجالات".

الإعلامية الشاعرة ليلى الداهوك تحدثت لموقع "الفن" وقالت :"كان لدي حلم منذ سنين بأن أكرّم الأب، وهو في مجتمعنا لم يأخذ حقه أبداً، فقررت أن أقيم هذه الأمسية بعد أن كنت موجودة سابقاً في دار الندوة لتقديم حدث، وعرضت على مدير الدار الأستاذ جهاد الخطيب الفكرة، وقلت له إني أريد أن أقيم أمسية تكون خلالها كل القصائد عن الأب، فسألني إن كنت أريد أن تكون الأمسية في شهر حزيران تزامناً مع الإحتفال بعيد الأب، فأجبته بأني أريدها أن تكون في عيد العشاق لنقول للأب إنه الشخص الأول والأخير الذي نعشقه في حياتنا".

وأضافت "هذه الأمسية عزيزة جداً على قلبي لأنها تعني لي الكثير، فالأب بالنسبة لي هو كل الحياة، وفي هذه الأمسية أعلن عن القصائد التي كتبتها لوالدي وأحكي عنه، وهو هاشم علي محسن مؤسس وأمين عام حزب العمل الإشتراكي العربي، وإخترت أن يشاركني شاعران يعطيان الأب قيمة كبيرة، وهما سعيد أبو الزور ونغم أبي كرم ليكون هناك تنوع وإبداع، ولنقول للأب إننا نحبه كثيراً".

الشاعر سعيد أبو الزور قال :"مصدر الحياة الأساسي هو الأب، وأنا من خلال تجربتي الشخصية، والدي كان شاعراً للمناسبات في الضيع، إسمه علي أبو الزور، أثّر بي وجعلني أتوجه إلى الثقافة لدرجة أني أصدرت كتاباً إسمه "ملح الحكي" وأهديته إياه".

وأضاف :"هناك قلة تسليط أضواء على الأب في الثقافة، لذلك هذه الأمسية مهمة جداً، وخصوصاً أنها تقام في عيد الحب، والأب هو مصدر الحب والعطاء بالتوازي مع الأم".

الشاعرة نغم أبي كرم مهنا قالت :"كتبت كثيراً عن الأب لأن والدي هو نبض حياتي، أنا متعلقة كثيراً بوالدي الشاعر إسكندر أبي كرم منذ أن كنت صغيرة، حيث تربيت على سماع القصائد وكان والدي أيضاً يغني على المنبر، وأنا ورثت الشعر عنه، وتعاطيه معي علمني كيف يحترم الرجل المرأة، ويؤمن لها حقوقها ويحافظ عليها".

وأضافت :"الأب لديه تأثير كبير في تربية أولاده، وخصوصاً الإبنة، لأنه في عمر معيّن تتعلق الإبنة بوالدها كثيراً، وهذا الأمر يؤثر عليها، ربما في طريقة تحدثها أو رسمها أو في أي شيء آخر، حتى لو لم يتم ذكر الأب بطريقة مباشرة في القصائد أو في أي نوع من الفنون، يبقى حضوره موجوداً".

الشاعر والممثل وليم حسواني قال في حديثه إلى موقع "الفن" :"عندما يشاهدون شخصاً موهوباً في الشعر أو الرسم يقولون "طلع لـ بَيّو"، يعني أن الأب الذي هو جسر البيت، له أكبر تأثير على الأولاد، إما من خلال الجينات الموروثة، أو من خلال سلوكه في المنزل، فالأولاد يأخذون منه الكثير، الأب هو كل البيت، الأم للحنان، والأب للمسلك، للحياة".

وأضاف :"تكريم اليوم يضيف لي محبة الناس، وهذه أكبر ثروة أحتفظ بها في حياتي، وأرى أنه بقدر ما أعطيت الناس هم بدورهم يتكرمون عليّ، وهذا أمر عظيم ويعزّي الإنسان بعد هذه السنوات الطويلة التي عاشها على الأرض، فيقول "جمّعت رصيداً" وهذا هو الرصيد".

أما نقيب شعراء الزجل جورج أبو أنطون فقال :"الأب حاضر مثلما الأم حاضرة، ونحن نكرّم الأب بإستمرار في كل مقالاتنا وكل محطاتنا الزجلية، ومؤخراً أصبح هناك لفتات جميلة نحو الأب وأصبح يُعطى حقه، بعد أن كانوا يعطون الأم دوراً أكثر منه، بالرغم من أن الأب يتعب ويجاهد ويعطي، وهو أساس البيت".

وأضاف :"هذا التكريم جميل جداً ويعطيني معنويات، ويشعرني بأن هناك أشخاصاً يعملون ليعطوا أكثر، وبأن هناك إهتماماً بالأم والأب والشعر والثقافة والحضارة".

رئيس إتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور وجيه فانوس تحدث لموقعنا وقال :"هذا التكريم يعطيني فرحاً لأن الثقافة تُكرّم وأهلها لازالوا أحياء، كانت العادة أن ننتظر رحيل المثقف لنضع له نيشان على نعشه، لكن الآن لا، أصبحنا نضع له نيشان على صدره وهو بدوره يضعنا على قلبه، فكل الأحباء الموجودين معنا اليوم أصبحوا نيشاناً على صدري، وهذا نشاط جميل جداً ومميز من دار الندوة، وتساهم فيه وزارة الثقافة وهذا من أهم أعمالها، فعلى الرغم من أن لبنان يعاني من أزمات سياسية، لكن لديه إزدهاراً ثقافياً واعداً بإذن الله".

وأضاف :"مثلما الأم موجودة، كذلك الأب موجود، نحن نقول إن لدينا آباء الإستقلال، ولدينا الأب الروحي، الأب موجود في ثقافتنا وفي حياتنا إلى درجة أن الأب، في بعض الأحيان، سيطر علينا كثيراً وأصبح رمز السلطة، ولكن في الثقافة لا يعود الأب سلطة، ويصبح عطاء وإنفتاحاً وأبعاداً جديدة في حياتنا كلها، ونحن نحاول أن نعطي الأب حقه في الثقافة، فقد ظلمناه كثيراً عندما أسميناه "صاحب السلطة والمتسلط والجبار"، هو معطاء كثيراً، وهذه خطوة مهمة جداً أن يتم تكريمه في هذه الأمسية".

الفنان الباحث الياس ديب قال :"ليس لدي أولاد، ولكني أسمي كل طلابي "أولادي"، مثلاً لدي إبنة من آل حطيط، وإبنة من آل زيادة، وإبنة من آل المقدّم، وإبنة من آل الفقيه، ولدي طالب من آل النجّار، ولدي هناء عبد الخالق، وفي عيد الأب أنا أحيي أولادي الذين هم طلابي، وأتمنى أن يبقى المحور حياً، والذي هو عيد الأب".

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً إضغطهنا.

​​​​

​​​​