حواس الإنسان المتعارف عليها خمس، ولكن"حواس الفن" هي ينبوع من الجمال بحيث تجمع الكلمة الهادفة واللحن الأصيل، والوفاء للكبار، والتكريم لمن يستحقه.

بأجواء ثقافية فنية راقية، عقد مجلس "حواس الفن" جلسته الثانية، والتي تضمنت :

حاسة الكلام: الشاعر زياد عقيقي

حاسة اللون: الفنانة التشكيلية منى صايغ

مختار الحواس: تكريم رئيسة تحرير موقع "الفن" هلا المر

حاسة حرة: أوركسترا الطيور

حاسة الوفا: سلام لروح الفنان عازار حبيب

حاسة النغم: الفنان أمير عيسى.

قدم الجلسة أمناء وحراس حواس الفن المختار الفنان هادي يزبك، الشاعر والصحافي أدونيس الخطيب، الإعلامية والشاعرة ليلى الداهوك، الشاعرة والروائية هيام التوم والفنان التشكيلي سعد شيبان.

في البداية أشار الخطيب إلى أنه سيكون هناك جلسة لـ"حواس الفن" كل ثالث ثلاثاء من الشهر، وقال :"في الجلسة كلام جميل، ولون جميل، ونغم جميل، ووفاء للناس الذين رحلوا، وللناس الذين لايزالون هنا".

أما المختار الفنان هادي يزبك فقال :"أتمنى أن نفي الشعراء والفنانين والأدباء حقهم من خلال لمحة صغيرة وذكرى صغيرة".

الشاعرة والروائية هيام التوم قدمت الشاعر زياد عقيقي وقالت :"هو ملك فينيقي شد حبال القوافي والأوزان وعبر بحور الشعر، ولم يخف من الغرق، وإبتعد كثيراً ليرفع راية الكلمة على جبين الشمس، فينيقي صبغ قلوبنا بأرجوان المحبة الأحمر، ونسج من روحه قصائد دافئة مثل حضن إم، فينيقي عرف كيف يستثمر الوزنات التي أعطاه إياها الله، تاجر بالمحبة وربح الكثير من القلوب".

وأضافت :"وعندما قرر أن يصنع مملكته أعطوه جلد الحرف وظنوا أن مملكته ستكون صغيرة، لم يسمح لـ أليسار ملكة قرطاج بأن تكون أقوى منو، فاجأهم بحكمته، نسل خيطان الضوء ووسع الإنسان الذي فيه، وبنى عقياس وسع قلبو مملكة القصيدة وتربع على عرش الدهشة، سنابله مليئة بالقمح ولذلك ينحني بتواضع ويقدّر الصغار والكبار وشجرته مليئة بثمار شعر وإعلام وموسيقى وغناء وحب وأحلام..".

الشاعر زياد عقيقي الذي شكر مجلس "حواس الفن" وألقى مجموعة من القصائد المنوعة، قال في حديثه لموقع "الفن" :"طالما أن هناك قلباً يدق فإن الكلمة بخير، والإنسان يحب ويتألم ولديه قلق، فالكلمة هي جناحه، وهي التي تعبر عن هواجسه كلها، وبرأيي من الأفضل أن يبقى الشاعر بعيداً عن الأنظمة والسياسة، وأن يكتب هواجس الإنسان، ربما بذلك يكون أصدق أكثر".

وأضاف :"أرى أننا نحضر لنهضة إنسانية فنية شعرية في كل المستويات، هناك حركة أدبية ناشطة ولكن الموضوع يتطلب بعد قليلاً من الغربلة".

الفنان التشكيلي سعد شيبان قدم الفنانة التشكيلية منى صايغ قائلاً :"فنانة إنسانة بكل ما للكلمة من معنى، لوحاتها مميزة ولكل لوحة قصة ولكل قصة إحساس، جسدت المعاناة في لوحاتها، تمردت على الواقع، نادت بحرية المرأة وتحررها من قيود المجتمع، عاندت الحياة ولم تسمح للظروف أن تثنيها عن رغبتها، حتى أكملت دراستها الجامعية، كانت كسندباد من مكان إلى مكان، تأخذ إبنتها صباحاً إلى المدرسة وتعود إلى جامعتها، وبعدها إلى عملها، وتعيد إبنتها إلى البيت وتقوم كأم بكامل واجباتها، لتعود وتعمل على لوحاتها، وبعدها إلى المعهد لمتابعة تلامذتها".

وأضاف :"تعبت وعانت، وهي اليوم تحضر لنيلها الدكتوراه في الفنون التشكيلية، أخرجت لوحاتها من إطاراتها المحددة لها لتجسد مجسمات معبّرة بكل أبعادها، إنها حرية الفن الذي لا يخصع للمألوف والسائد، إنها أكثر الفنانات إبداعاً وأكثرهن عطاء وأكثرهن عملاً وأكثرهن جمالاً".

صايغ قالت في كلمتها إن الفن يعبر من خلاله الفنان عن فكره وقلبه ومشاعره في الوقت نفسه، وأضافت :"أحببت أن أوصل رسالة عن المرأة التي يتم تعنيفها في العالم العربي والتي تخسر الكثير من حقوقها، وفي حديثها الخاص مع موقع الفن" قالت صايغ :"هناك مشكلة نواجهها وهي أن غالبية الناس لا يفهمون اللوحة، فالكل يعتبر أنها تليق بالصالون أو مع الديكور، بمعنى أنهم لا يفكرون بالفن كرسالة وفكر، فهنا يجب على الإعلام أن يُثقف الناس أكثر، فأنا كأستاذة أدرّس ما هو الفن التشكيلي، أدرسّه فكرياً ليستطيع الشخص أن يفهم اللوحة ويغوص بأبعادها، وألا يعتبرها ديكور للحائط لأنها بذلك تخسر قيمتها بالكامل".

بعد عرض تقرير عن حلقتها الخاصة من برنامجها "ما بدا هلقد" التي حاورت نفسها فيها فكانت المذيعة والضيفة، وهنأها كل الحضور على حلقتها هذه، قدم الشاعر والصحافي أدونيس الخطيب رئيسة التحرير هلا المر، وقال :"هناك أسماء حين تقولها لا تكون مجرد كلمة تخرج من الفم، إنما تكون نكهة في الحياة، هناك نجوم حين تراها يخبرك قلبك قصة، وهناك أشخاص حين تقرأ سيرتهم الذاتية تعرف كم أن منسوب الحلم في دمهم مرتفع، هلا المر أهلاً بك مختارة الحواس في مجلسنا، وجودك حبة البركة للروح يا إبنة الكلمة الموزونة على بحر المحبة".

وأضاف :"يمكننا أن نفتح أي محرك بحث على الإنترنت لنعرف ماذا فعلت هلا في حياتها، ولكن لا يمكنك أن تعرف ملامح عقل وقلب هلا المر إلا إذا كنت تتمتع بمهارة الحلم والحب والتمرد، فإسمها لم يكن يوماً مجرد إسم في الصحافة والفن، إنما فعل بصمة، ولم يكن عملها مجرد حركة عمل، إنما صفة للعمل الناجح، غاصت في بحر الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، كتبت مقالات، أعدت وقدمت برامج، تسلمت مهاماً كبيرة في وسائل إعلامية عديدة، عملت على كل المستويات لأنها تعرف مستواها، من مذيعة إلى مراسلة، معدة ومقدمة برامج ومنتجة ومحررة وكاتبة ورئيسة تحرير، في كل مكان كانت هي نفسها لذلك كان النجاح رفيق طريقها وكانت هي رفيقة الجميع".

وتابع :"هلا المر إنسانة حرة، ناقدة، مفكرة لأن مخزون ثقافتها بالفن والمجتمع كبير، وجودها كان ولازال من أبجديات الصحافة المحترمة في زمن وصلت فيه الصحافة الفنية إلى مستويات مخيفة من الإنحدار".

رئيسة تحرير موقع "الفن" هلا المر قالت في كلمتها بعد تسلمها الدرع التكريمي :"أنا تربيت على محبة الشعر في منزل الشاعرة والمؤرخة مي مر، كنت أتمنى طوال حياتي أن يكتبني أحدهم قصيدة، إلى أن جاء مروان في يوم من الأيام، وهو مغوار وبطل في معركة نهر البارد، وحملني في حلم القصائد كلها وأحبني حباً حقيقياً، لذلك تزوجته رغم فارق العمر، والحب يبارك كل شيء".

وأضافت :"كنت أسأل مرشدي الروحي "أين سيتمجد إسم الله إن كنت لا أرى؟"، فكان يجيبني "إعملي فقط، فمبجرد أنك لا ترين وتستمرين بالعمل بشكل صحيح، الناس سيرون ما تفعلينه، ومن هناك الله يدبر أن يتمجد إسمه"، فأخذت على عاتقي، خلال 35 عاماً من العمل في الصحافة والإعلام، ألا أبيع فكري مقابل المال، فأنا عملت في مؤسسات إعلامية لديها سياسة عمل معينة، فأحياناً لم أكن أفعل ما يطلبونه مني، ولكني لم أكن أقوم بأي أمر غصباً عني، حتى أنهم كانوا يحسمون من راتبي بسبب ذلك".

وتابعت المر :"كنت يوماً موجودة بالقرب من جامع، وقالوا لي إنه كان كنيسة مار يوحنا المعمدان، فقررت أن أدخله وأصلي، فوضعت غطاء على رأسي ودخلت وقلت "يا مار يوحنا أنت قلت الحقيقة إلى أن قُطع رأسك، أعطني القوة دائماً لأقول الحقيقة حتى لو قُطع رأسي"، فمار يوحنا كان الواسطة بيني وبين يسوع وأعطاني القوة".

وقالت المر :"يسوع هو من مسكني بيديه، أنا لم أخجل به وهو لم يخجل بي، كنت أصل إلى أماكن كثيرة أكون محرَجة فيها، أحياناً بسبب مسيحيتي أو صراحتي، تألمت وتعذبت كثيراً وسهرت كثيراً، وأضعت من صحتي ووقتي الكثير، لكني مقتنعة كثيراً ومرتاحة جداً وسعيدة جداً، أتمنى أن أكون قدمت شيئاً فيه الكثير من الجمال، لأن الإعلام الفني الذي يعتبرونه سهلاً جداً، ليس كذلك، بل هو صعب جداً، وصعب كيف تبني فيه علاقات، والله وضع من حولي فريق عمل محب، وأنا أشكرهم وأشكر كل الناس الذين أعربوا لي عن محبتهم".

وأهدت هلا تكريمها لزوجها السيد مروان سمعان.

وبعد الحاسة الحرة التي تضمنت عرضاً لفيديو عن أوركسترا الطيور في الطبيعة، كانت حاسة الوفا: سلام لروح الفنان عازار حبيب مع المختار الفنان هادي يزبك الذي قال بعد عرض تقرير عن حبيب :"لولاكي يا ملاكي، قلبي بلا دقات، ليلي بلا سهرات، عمري صدى حكايات ما بعيش لولاكي، كلام أغنية يختصر حياة الفنان الراحل عازار حبيب، هذه النسمة الناعمة التي مرت في سماء الفن اللبناني والتي شربت من عين بلدة الحوش، هو مغني وكاتب أغاني وموسيقي ورسّام، كان في بداياته أحد أعضاء فرقة غربية، بعدها ترك الغرب وعاد إلى الأغنية اللبنانية، يتقن العزف على البزق الذي رافقه في كل حفلاته وأغانيه، كلنا نتذكر "يا رايح ع ضيعتنا"، "صيدلي"، "شو قولك"، "إنت رفيقي يا صديقي"، "عم تكبر الفرحة"، "ع جبين الليل" و"من مين بدي إسرقك".

وأشار يزبك إلى أن حبيب لحّن أغنيات للكثير من الفنانين، منهم هادي هزيم ومروان محفوظ وعفيف شيا وسالم الحاج وطوني كيوان وإليسا...وقال إن صوت عازار حبيب مختوم بعطر الإحساس، دافئ ونقي وعذب، وإن حبيب تعامل مع شعراء كثيرين، خصوصاً الشاعر الراحل الياس ناصر الذي كان توأمه الفني.

الإعلامية والشاعرة ليلى الداهوك قدمت الفنان أمير عيسى قائلة :"عندما ينكسر الضوء يحضنه بوتره النوراني الذي يقطّر إحساساً وشجناً، وحين تضمحل النجوم، يرسم باللحن أنشودة البريق، ألحانه مهيبة رقيقة شفافة تسافر معها إلى عوالم من عبق الياسمين الدمشقي، حين يراقص الأنغام يصدح الصدى ويتنصت البحر مهدهداً الموج".

وأضاف :"هو كبير معمم بالعنفوان والأصالة والكرامة، يحملهم معه من مدينته دير الزور، ومن فراتها المتدفق منذ بداية الزمان، ومن جسرها المعلق التاريخي ومن نبضات قلوب أهلها الطيبين".

الفنان أمير عيسى غازل الداهوك ببيت شعر، وعزف وغنى "شو قولك" و"صيدلي" للفنان الراحل عازار حبيب، قدود حلبية و"أنا في إنتظارك" للفنانة الراحلة أم كلثوم.

وفي حديثه إلى موقع "الفن"، قال عيسى :"أشارك بإستمرار في الأمسيات الثقافية والفنية، لأنه على الفنان أن يواكب الشعر والمسرح والرسم، فكل هذه الأمور تنبع من الإحساس والفنان هو كتلة من الأحاسيس، وهذا يعطيني دفعاً إلى الأمام، ويجلني أستطيع أن أرسم صورة لحنية عن الحالة الفنية التي نعيشها اليوم، بعيداً عن الأمور التي تقلل من مستوى الفن، فعليك أن تواكب المثقفين فنياً لتعرف أفكارهم ونظرتهم إلى الفن".

وفي ختام الجلسة تم توزيع شهادات تقدير لكل من الشاعر زياد عقيقي، الفنانة التشكيلية مني صايغ والفنان أمير عيسى.

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً،إضغط هنا.