وضعت نادين لبكي بصمتها على خريطة السينما العالمية واستطاعت أفلامها ان تخترق الجدار الذي رسمناه في عقولنا حول صعوبة وصول الممثل او العمل اللبناني الى هوليوود.

هي املنا في اثبات الكثير، في وضع حجر الاساس للهوية اللبنانية على مسارح الجوائز العالمية خصوصاً بعد تأهل فيلمها الى المراتب الخمس الاولى، لكن هل ستحصد الاوسكار واين ترتفع وتنخفض حظوظها لحصد هذه الجائزة المهمة؟

لعل النقطة الاهم التي جعلت الفيلم يتميز عن غيره هي فكرته وطريقة معالجته لموضوع انساني لاقى تفاعلا كبيرا خصوصا ان الممثلين ليسوا جميعهم محترفين مثل البطل الاساسي زين، وهو طفل يعمل في الشارع في ايامه العادية الا انه استطاع ان يثبت موهبته رغم صغر سنه. ولعل الأمور المؤثرة أيضا التي قد ترفع حظوظ فيلم "كفرناحوم" هي دعم النجوم العالميين للفيلم وإلقاؤهم الضوء عليه ومطالبتهم مشاهدته، منهم الاعلامية أوبرا وينفري التي كتبت عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي كم أعجبت بأداء الممثلين ونصحت بمشاهدته.
اضافة الى ذلك قد تلعب خاتمة الفيلم دورا مهما في التأثير على لجنة التحكيم اذ تعتبر من النهايات الاكثر تأثيرا على المشاهد من بين الافلام الاخرى المرشحة عن نفس الفئة. كما ان حصول الفيلم في السابق على جائزة الحكام في مهرجان "كان" سيلعب دورا مهما في اتخاذ القرار النهائي، ويرجّح أن يكون لهذا الامر تأثيرا على إختيار الافلام الخمسة الاوائل في هذه الفئة.


تعامل نادين لبكي مع شركة Sony Pictures Classics، التي لها تاريخ طويل مع جوائز الاوسكار، سيرفع من حظوظ فيلم "كفرناحوم" من الجهة التسويقية وسط التنافس الشديد مع افلام من دول أكبر مساحة وذات كثافة سكانية أكبر. من هذا المنطلق على شركة Sony ان تبذل جهودا كبيرة في دعم الفيلم.

لكن الحقيقة التي يجب ان ندركها هي ان فيلم "كفرناحوم" ينافس اليوم أفلاما مهمة ولها حظوظ مرتفعة جدا بالفوز، خصوصا فيلم "روما" من المكسيك الذي سبق ان حصد جائزة أفضل صورة من قبل 14 ناقدا، وهو رقم قياسي لفيلم اجنبي في الاوسكار، اضافة الى عدد الترشيحات التي تلقاها هذه السنة في الاوسكار، فهو مرشح لأفضل اخراج وكتابة وتصوير سينمائي، اضافة الى ترشيح الممثلين الاساسيين في وجه ليدي غاغا وبرادلي كوبر. وهناك عنصر مهم جدا قد يعطي اضافة مهمة جدا لفيلم "روما" وهو تواجد الفيلم على تطبيق Netflix اي ان المصوّتين حول العالم سيتمكنون من مشاهدة الفيلم بكل سهولة، على عكس الافلام الاخرى التي قد لا تتواجد في بلاد الحكام ومترجمة بلغتهم.

ننوه هنا بفكرة مهمة وهي أن الأكاديميين الذين يصوتون للجائزة هم من حول العالم، وكل منهم يعيش في مكان معين وسيتخذ قراره ويصوت، أي أن النتائج لن تصدر بقرار جماعي، بل بحصد أكبر عدد من الاصوات، لكن يبقى أمل فيلم "كفرناحوم" موجوداً رغم ان فيلم "روما" مرشح بقوة للفوز بهذه الجائزة، وقد حصل إستثناء شبيه بهذه الحالة عام 2006 عندما حصل فيلم Pan’s Labyrinth على 3 جوائز اوسكار ولم يحصد جائزة افضل فيلم أجنبي رغم انه كان مرشحاً أيضاً عن هذه الفئة.

فيلم Cold War قد يفاجئ الجميع ويحصد جائزة الاوسكار نظرا الى انه ايضا مرشح لنيل جوائز عن فئات اخرى في هذا الحفل، اضافة الى ان لديه شركة منتجة بارزة في التسويق. ما قد يساعد "كفرناحوم" على إبراز نفسه في وجه فيلم Cold War هو ان الاخير لم يعرض على platform عالمي مثل فيلم "روما".

فيلم Shoplifters ينافس أيضاً بقوة لنيل الاوسكار، خصوصاً بعد أن نجح في حصد جائزة Palme d’Or من مهرجان "كان" والتي كان مرشحاً عليها أربعة من الافلام المرشحة معه في الاوسكار ومنها "كفرناحوم" و Cold War.

لفيلم Never look back نقطة تشابه مع فيلم "كفرناحوم" وهي الشركة المنتجة الداعمة له "سوني" والتي لها تاريخ مع حفل الاوسكار كما ذكرنا في السابق، الا ان الامر الذي يسبب مشكلة لهذا الفيلم ويعيقه عن الربح هو ان طوله 3 ساعات و 8 دقائق اي انه طويل جدا نسبة لفيلم ضمن لائحة أفلام كثيرة.

وكان لموقع "الفن" حديث مع الاستاذة الجامعية المتخصصة بالفلسفة روز-ماري شاهين التي رأت أن فيلم "كفرناحوم" يتميّز عن غيره بالقضية التي يطرحها والتي أصبحنا نعيشها في الواقع وهي عن النازحين. اضافة الى ذلك تتمتع نادين لبكي بنظرة اخراجية مميزة واختيارها لأبطال فيلمها اكثر من رائع، فعندما تشاهدونه تتبنون "زين" من دون أن تشعروا.
أما عن حظوظها في تحقيق الاوسكار، قالت شاهين إننا لا نعرف كيف سيكون الاختيار خصوصاً ان كان سيكون هناك ضغوطات اجتماعية او سياسية على القرار النهائي في ظل وجود 5 أفلام مهمة، ولا شك أن فيلم نادين قوي ويستحق الفوز، لكن الامر يعود الى ذوق لجنة التحكيم.
لكن من ناحية أخرى رأت شاهين أن لدى لبكي حظوظا كبيرة لانها إمراة عربية، ولأنها طرحت مسألة عالمية مهمة جداً، واذا عدنا الى التصوير والكاستينغ فالفيلم يمكن ان يُشاهد أكثر من مرة من دون ان يمل منه المشاهد.
وعن تساؤلاتنا حول صعوبة الأمر في ظل منافسة فيلم "روما" و cold war المرشحين عن أكثر من فئة في الاوسكار، ردت شاهين قائلة ان ذلك ممكن ان يشكل أمراً إيجابياً لفيلم "كفرناحوم" وفكرة ترشيح الفيلمين المذكورين لأكثر من فئة هو لإبعادهما عن درب الافلام الاخرى وإعطاء الاوسكار لأكثر من فيلم.