لأول مرة في الدراما اللبنانية نشهد مسلسلاً بطعم العيد قريباً منا ومن يومياتنا ومنه تعلمنا الكثير، مسلسل "إم البنات" أطل علينا في فترة الاعياد لنشعر بالمعنى الحقيقي للعيد، لنعرف قيمة الاشياء ونبتعد عن ماديات الهدايا التي نحتار في اختيارها وشرائها، فننسى صاحب العيد وجو العيد الحقيقي.

تدور احداث القصة حول ام ارملة (كارين رزق الله) لديها 3 بنات تعيش مشاكل يومية معظمها مادية، ما جعلها تبتعد عن ايمانها بالله، تلتقي بشاب غني (جيري غزال) ويقع في حبها ويحاول ان يثبت لها ان العيد اهم من كل شيء وقد يفعل المعجزات. اجمل ما في المسلسل هو النص المتماسك البسيط الذي يوصل رسائل انسانية عديدة، ولا نتعجب من ان تستطع كلوديا مرشليان بهذا السيناريو ان تنقل اجواء العيد بأسلوب درامي كوميدي وشيق الى المشاهد. التفاصيل الصغيرة التي كتبتها كلوديا شكلت نقاط قوة، فحتى أسماء الشخصيات إختارتها بعناية، فإسم الشخصية الرئيسية "فرح" وهي تعيش حالة من التعاسة، وإسم جيري غزال في المسلسل "مايكل"، الا ان فقر فرح ومحيطها جعلاها تعطيه إسماً يليق ببيئتها فأسمته "مخايل" أو "مخول".

لعل التحدي الكبير كان للبطلين، فـ كارين رزق الله التي استغنت هذه المرة عن نصها، أثبتت انها تستطيع تجسيد اي دور درامي، فهذه اول مرة تلعب فيها كارين دور أم فقيرة إلى هذا الحد، وتشعرك بالتعاسة التي تعيشها من خلال نظراتها وتصرفاتها، فلم تمثل شخصية "فرح" بل أصبحت فعلاً فرح.

جيري غزال أثبت أنه مشروع ممثل محترف، فمن التجربة الاولى إستطاع إقناعنا بحقيقة تصرفاته.
القديرة ليليان نمري هي الاضافة المرحة السعيدة للمسلسل، الا انها ابدعت في مشاهدها الدرامية، وكم هو صعب ان يجسد الممثل دوراً مزدوجاً يضحك المشاهد تارة، وتارة اخرى يبكيه ويؤثر فيه.


أما الممثلة الكبيرة وفاء طربيه فتعابير وجهها هي دليل كافٍ على إحترافها التمثيل، وأثبتت انها ليست بحاجة الى جمل وكلمات كي توصل افكارها للمشاهدين، فهي لم تقل أية كلمة حتى بعد الحلقة 16.
ختام اللحام تظهر بشكل مختلف عن الذي عودتنا عليه في السابق، فلعبت دور المرأة الأرستقراطية الغنية التي تهمها المظاهر، والتي لازالت عالقة في ماضي زوجها الذي تركها، وكعادتها أعطت ختام الدور حقه وأكثر.
مارينال سركيس ومجدي مشموشي يجسدان الوجه الحضاري من المجتمع اللبناني، فيلعبان شخصيتي "ماري" و"أحمد" اللذين يغرمان ببعضهما ويختاران أن يكملا حياتهما معاً، رغم إختلاف ديانتيهما. لكننا نشتاق الى مجدي مشموشي المحنك الذي يلعب الادوار الصعبة، ورغم اننا احببنا إطلالته في "ام البنات"، الا انه لا يمكن ان يختلف اثنان على ان دور الشرير المحنك لا يليق الا به.
عاطف العلم نجح بدوره لدرجة ان المشاهدين كرهوه وكرهوا بخله وتصرفاته مع ليليان، وبطبيعة الحال لدوره أهمية كبيرة في تلقيننا درساً عن العطاء والمحبة.


أما البنات الصغيرات تالين ابو رجيلي ونايا شربل وماريا فخري فقد تعاملن مع الكاميرات كالممثلات المحترفات، ولفتن الأنظار، خصوصاً الطفلة الصغيرة التي دخلت القلوب ببراءتها.
المسلسل يُريك أن العيد هو أبعد من المظاهر والمال والاختلافات التي قد تكون بين البشر، أبعد من التعلق بالماديات والقشور، فمن الجميل ان يكون هناك نوع جديد من الدراما اللبنانية، فالمحطات العالمية ومنها Hallmark تخص المشاهدين بأفلام ومسلسلات ملائمة لهذه المناسبات، بعيداً عن مشاهد الخيانة والقتل التي بتنا نراها بكثرة على الشاشات.