ودعت السينما اللبنانية والعالمية المخرجة اللبنانية جوسلين صعب ليل أمس الاثنين في احدى مستشفيات باريس بعد صراع استمر عامين مع مرض السرطان.

ولدت جوسلين في بيروت عام 1948، إنتقلت الى باريس لإستكمال دراستها في بداية السبعينيات من القرن الماضي، وتخصصت في العلوم الاقتصادية. بعد تخرجها عملت مراسلة إخبارية لمحطات تلفزيونية أوروبية وتواجدت في ميدان الحرب العربية-الإسرائيلية في تشرين الأول/أكتوبر عام 1973. ومن بداياتها العملية أحبت الصورة وتجسيد أفكارها عبر الكاميرا، فأنجزت أفلامًا وثائقية عديدة عن هذه الحرب، وعن كردستان، وإيران والجولان ولبنان وحرب العراق.

عملها في الصحافة ورفعها صوت القضية الفلسطينية
عملت جوسلين في إذاعة لبنان حتى عام 1970 حين توقّف برنامجها «عيون المارسوبيلامي زرقاء» عن البثّ بسبب خرقها، حسب إدارة الاذاعة، المحظورات الاجتماعية. كذلك عملت في تلفزيون لبنان وكانت صوت القضية الفلسطينية، وفي إحدى المرات إمتنع التلفزيون عن بث تقرير لها بهذا الخصوص، فرفعت الصوت وتركت هذه المهنة وإنتقلت إلى كتابة السيناريو، والإخراج، والتصوير الفوتوغرافي حيث يمكنها أن تعبر عن أفكارها من دون التقيّد بأحد.

أفلامها
لصعب أفلام كثيرة "جنوب لبنان: قصة قرية تحت الحصار"، "رسالة من بيروت"، "بيروت مدينتي"، "مصر، مدينة الموتى"، "كان يا ما كان، بيروت" وما يزيد عن ثلاثين فيلم تسجيلي. أخرجت فيلم "دنيا" عام 2005 في مصر والذي لعبت بطولته الممثلة حنان ترك (قبل إرتدائها الحجاب) والفنان محمد منير، ورقصت فيه ترك على أغنية "يا عندية" التي غناها محمد منير، وأثار الفيلم ضجة كبيرة وحاز جوائز وتقدير واسع في قرطاج وميلان وساندانس ومونتريال ..

وأثناء لقاء للمخرجة الراحلة جوسلين صعب في إذاعة "الشرق"، صرحت بأن الممثلة حنان ترك إرتدت الحجاب لأسباب مادية.

من جهة أخرى نظمت صعب مهرجان أفلام المقاومة الثقافية الذي أقامته في أكثر من مدينة لبنانية بهدف نشر السينما الهادفة التي تحمل رسالة، وآمنت بالمقاومة الثقافية وعبرت عن ذلك في أكثر من مناسبة.

منعت من دخول مصر وتعرضت للتهديد بسبب فيلمها "دنيا"
تعرّضت صعب للمنع من دخول مصر لسنوات في عهد الرئيس السادات، بسبب مادّة صوّرتها مع الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم. وحين عادت الى المحروسة، تمّ إيقافها وإعتقالها في المطار.
في القاهرة أيضاً، مُنع فيلمها "دنيا" عام 2005 من العرض وتعرّضت للتهديد بسبب مشاهده الجنسية الجريئة، ورغم ذلك نزلت الى شوارع القاهرة ووزّعت المناشير والدعوات لحضور الفيلم.

رافقت ياسر عرفات ومعمر القذافي
رافقت صعب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على متن الباخرة التي أخرجته من بيروت، وأجرت معه مقابلة في عرض البحر قبل إنطلاق الرحلة، هرّبت له مسدسّه كي لا يبقى من دون سلاح.
جالت في الصحراء مع الرئيس الليبي معمّر القذافي، وصولاً الى زيارة مسقط رأسه وعائلته، حين ذهبت لتغطية «المسيرة الخضراء» التي دعا إليها القذافي عام 1973.

حياة جوسلين صعب في كتاب
عام 2015، طرح كتاب بالفرنسية عن سيرتها بعنوان "جوسلين صعب، الذاكرة الجامحة" للكاتبة ماتيلد روكسيل.
في عام 2017، عرضت جوسلين صعب مجموعة من صور إلتقطتها بعنوان «دولار واحد في اليوم». في عام 2018، كرّمها متحف "مقام" في جبيل و"دار النمر" في بيروت من خلال تنظيم معرض صور من مسيرتها ومقاطع من أعمالها.