إنطلق في ستينيات القرن الماضي، ولبس ثوب اللغة اللبنانية، التي عشقها وإعتمدها في كتاباته، ليصدرها إلى العالم وتترجم كتاباته إلى أكثر من لغة منها الفرنسية والإيطالية والبولونية.

لا يمكنه العيش يوماً من دون الورقة والقلم، ورغم بلوغه عامه الـ85 لازال يعطي ويبدع.

كتب الشعر والأغنيات والمسرحيات، وأبرز أعماله أنه أعاد كتابة الإنجيل المقدس "العهد الجديد" وباللغة التي يعشقها، اللغة اللبنانية، وكذلك فعل مع قصة "الأمير الصغير"، ومن أشهر دواوينه "قنديل السفر".

إنه الشاعر موريس عواد، الذي طرح عنه مؤخراً كتابان، الأول "الرؤيا – زورق الجمال – مدخل إلى شعر موريس عواد" للدكتور جورج زكي الحاج، والثاني "موريس عواد الشاعر الأسطورة" للدكتور ربيعة أبي فاضل، ولهذه المناسبة أقيم لقاء في بلدية الجديدة-السد، أدارته الدكتورة مهى الخوري، وشارك فيه المؤلفان الحاج وأبي فاضل، وكانت هناك شهادة للفنان جوزيف أبو دامس ومداخلة للشاعر موريس عواد.

الدكتوران الحاج وأبي فاضل تحدثا عن كتابيهما، وعن علاقتهما بالشاعر موريس عواد وعن أبرز أعماله، وقال الحاج "قنديل السفر كان صرخة وجع إجتماعية عاطفية وجدانية سياسية...وليس كثيراً على قنديل السفر أن يحصد جائزة سعيد عقل عام 1970، وهو محطة مهمة، وبعده كرت السبحة، وكتب في مخلتف المجالات، كتب الشعر والقصة والرواية واللاهوت والفلسفة، والإنجيل لَبنَنَهُ، وترك هذا الإرث الكبير في بلد معتّر ثقافياً، وبمنطقة معترة أكثر أيضاً".

وعن إسم كتابه "الرؤيا – زورق الجمال – مدخل إلى شعر موريس عواد"، قال الحاج إن تسمية "الرؤيا" كانت إنطلاقاً من ما كتبه عواد في عامي 1970 و1973 عن مسار ما بعد العام 1975، حين كتب عواد عن الأحداث قبل حصولها، وهذه رؤية لا تتجلى لدى السياسيين والمسؤولين وأصحاب السلطة، وتسمية "زورق الجمال" كانت إنطلاقاً من ثقة عواد بنفسه ومن إقتناعه بأنه يستطيع أن يفعل شيئاً إذا أراد أن يكتب.

أما أبي فاضل فقال :"أسميت كتابي "موريس عواد الشاعر الأسطورة"، بسبب فكرتين، الأولى هي أن الفن كان دائماً يخصّب نفسه بالأسطورة التي ساعدته ليتجدد ويعرف يتواصل مع المستقبل، والفكرة الثانية هي أن أسطورة البطل هي الوجع اللاواعي الذي يحفر في داخله، هي خيبة أحلامه وتطلعاته تجاه كينونته الجماعية وحضن أمه وتكامله وسلامه مع الحياة والوجود، وموريس حاول أن يغير الخارج من خلال الداخل، نزل إلى الساحات، كتب الأناشيد، إنفتح على الثقافة الفرنسية وعلى تراثه المسيحي والفينيقي، تسلّح بالشعر ليقاوم الموجات التي كسرت أحلامه وأيامه، لكنه كان مدركاً، مثلما أدرك دانتي، أن الأحلام الكبيرة لا تتحقق بين ليلة وضحاها".

الشاعر موريس عواد قرأ من كتاب يحضره منذ 14 عاماً، وقال :"أنتم اللبنانيون الذين ولدتم لبنانية لبنان إن لم تؤمنوا باللغة اللبنانية مثل إيمانكم بيسوع الذي إفتدى التاريخ، بكرا عظامكم في القبور ستسمع آخات أولاد أولادكم".

وأضاف :"لَبنَنَة العهد الجديد باللغة اللبنانية، أنا، ولبنانية لبنان بلغته اللبنانية على الألف الثالث، أنا، من دون لبنان سينقص شيء في المتوسط الشرقي، ومن دون اللغة اللبنانية ماذا سيبقى من لبنان؟".

أما الفنان جوزيف أبو دامس فقال :"تعلمت على يدي موريس عواد الشعر والقيم الإنسانية والأخلاقية، كلما عرفناه أكثر، نحبه، وكلما قرأنا له أكثر، نحبه أكثر، أنا قرأت له من أول كتاب إلى آخر ورقة، أراه مع كثيرين من الكبار والعظماء والخالدين".

وأضاف :"أنا مديون لك بكل ما قرأته في كتبك وتعلمت الشعر بفضلك وبفضل أساتذتي، بشعرك تخطيت الزمان والمكان، شعرك سكن في الكونية الإنسانية ويرتشف إكسير الحياة والخلود وباللبناني".

موقع "الفن" كان حاضراً، وعاد بهذه الكلمات الخاصة.

د.جورج زكي الحاج:"موريس محطة في الشعر اللبناني منذ العام 1970، مع "قنديل السفر" أصبح هناك محطة جديدة للشعر اللبناني، هو شاعر غزير جداً وترك في كل المجالات، في القصة والرواية والتاريخ والدين واللاهوت وغيرها، أنا تناولت الناحية الشعرية لديه، درست موريس بإتجاهات شعره التي كانت ثلاثة إتجاهات وهي الإتجاه الإجتماعي الإنساني، والإتجاه القومي الوطني والإتجاه الديني، إضافة إلى علاقته مع المرأة وكيف نظر إليها".

وأضاف :"علاقتي بـ موريس الشاعر هي علاقة قديمة جداً، فمنذ العام 1974 وأنا أتعامل معه بشعره، ونادراً أن ترى شاعراً يكتب عن شاعر آخر، وأنا أفتخر بأني قمت بهذه الدراسة عنه، مع العلم أن كثيرين يقولون إني شاعر وكيف اكتب عن شاعر آخر؟ ولكن إذا أراد الإنسان أن يتحدث بالأخلاق والتواضع والإخلاص للشعر يفعل هكذا".

وتابع :"موريس قدم شعره الإجتماعي والوجداني، والوطني والقومي الذي هو مهم كثيراً ويعتبر مدرسة لأن موريس عبد وطنه مثلما يعبد الإنسان ربه، وكان صوت الفقراء وصوت الإنسان الضغيف ضد تجار المال والذين تسلطوا على العالم، موريس لديه نقمة كبيرة، أنا أسميه "شاعر ناقم"، حتى أنه ناقم على نفسه وعلى مجتمعه وعلى الكل".

د.ربيعة أبي فاضل:"أسميت الكتاب "موريس عواد الأسطورة" لأني إعتبرت أنه شاعر مختلف ومميز بلغته ومواقفه وبرؤيته للمستقبل، والأسطورة التي عنيتها لا تعني فقط الماضي، لأن الفن والأدب كانا دائماً يسلتهمان الأساطير، والأساطير التي إستلهمه موريس ليس فقط من أجل التغني بالماضي، إنما من أجل رؤية مستقبلية للبنان تختلف عن رؤية كثيرين، ولكن ما جعلني أحترم هذا الرجل وأكتب عنه هو ثباته في موقف واحد رغم الصعوبات التي واجهته، وخصوصاً صعوبة كيف سيكتب هذه اللغة المحكية، وما الذي يجعله مختلفاً عن يوسف الخال وسعيد عقل بالنسبة إلى نمط هذه الكتابة، والأمر الثاني هو أنه لم ينظر إلى الخلف، سعيد عقل تحدث باللغة المحكية، ولكنه أمضى عمره وهو يكتب أيضاً بالفصحى، في حين أن موريس عواد كرس لها كل حياته، وهو قديس هذه اللغة"؟

وأضاف :"لدي مزاج أن أكرم الأدباء وأحترمهم وأعطيهم قيمتهم، ما من مناسبة إلا وتحدثت خلالها عن رئيف خوري، واليوم أتكلم عن موريس، وقبلاً كتبت عن توفيق عواد وجبران، أكتب عن الذين يعنوا لي لأنه من الصعب أن أكتب إن لم أتحرك من الداخل، هناك الكثير من الأشياء التي تجمعني بـ موريس، مثلما تجمعني بأمين نخلة وبكل الذين كتبوا عن الريف اللبناني، فأنا لدي على الأقل 20 كتاباً عن الريف والتراث وتقاليده، عدا كتب الأدب والنقد والشعر، فما يجمعني بموريس هو إرتباطنا بالأرض وبالإيمان، وثباتنا في مبدائنا وتقاليدنا وقيمنا، ليس من السهل أن تأتي وتغري موريس بمئات الألوف من الدولارات ليتخلى عن فكره، طبعاً لن يتخلى عنه حتى لو أعطيته ممتلكات الأرض كلها، هذا ما جعله يستمر فقيراً ويستمد غناه من فقره".

الشاعرموريس عواد:"عندما يصبح الشاعر مثل موريس عواد عمره 85 عاماً ولازال حياً يصبح ملكاً عاماً، الكتب التي ستُكتب عني هي بعد أن أموت، هناك بعض الكتب التي صَدَرَت عني منها في لندن، وكتاب "بين الصخرة والبحر"، واليوم الدكتوران جورج زكي الحاج وربيعة أبي فاضل، نحن في لبنان وفي الشرق كله لا نتجرأ على أن نكتب مثلما نفكر، ما هو الشرق إن أردت إختصاره؟ هو قطيع بشري، 22 شعباً، وعندما أسميها شعوب المتوسط الشرقي يسألونني أين هي الشعوب؟".

وأضاف :"هناك باسيليوس بواردي في حيفا، لأني عملت الأنطولوجيا كلها باللغة اللبنانية قال إني ضد اللغة العربية وضد العرب، إذا أنا كتبت باللبناني بلغة أمي أكون ضد العرب؟ في المدرسة يعملونك القراءة والكتابة، ولكنك تتعلم اللغة في حضن أمك، إذا كل دولة من الدول الـ22 لديها حدودها وعلمها أي أن لديها إستقلالها، بمعنى أن هناك 22 أماً على المتوسط الشرقي يعلمن الأطفال الحكي، بمعنى أن هناك 22 Idioms Maternelles وAccents Toniques، وليعطبوا لهم عقلهم يعلمونهم لغة عربية لا يمكنهم إستعمالها، يتعلم لغة أمه في المنزل، وليعيش يتعلم الإنكليزية والألمانية وغيرهما، اللغة العربية أصبحت لغة فولكلور، تعيش أمسها.

وتابع عواد :"الوطن كله يزول، عام 1900 كان لدينا حرف سرياني ولغة سريانية، ونحن أولاد الآرامية والسومر والكنعان هؤلاء أجدادنا، العرب هم في الإتجاه المعاكس لإتجاهنا، جاؤوا وإحتلونا في العام 1900، واليهود ساعدوهم ليدمروا المارونية في الشمال، سلبونا لغتنا وحرفنا، أفرغونا من أمسنا وأصبحنا عرباً، ما علاقتنا بالعروبة؟ هناك 50 أو 60 مليون على المتوسط الشرقي ليسوا عرباً، هذا الخلط دمّر البشر والحرية وكرامة الناس وأفرغهم من أمسهم، هذا الإقطاع والتيوقراطية الرهيبة، هؤلاء سيكبّون إسرائيل في البحر؟".

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً إضغطهنا.