لم أتردد للحظة أن آخذ قرار مشاهدة فيلم A Star Is Born، على الرغم من أنني كنت خائفا من أداء بطلته النجمة ليدي غاغا التي اعتدت أن أرى جنونها الّذي تخطّى مؤخرا حدود الموهبة بأشواط.

وعلى الرغم من أنني كنت خائفا من ألا يستطيع هذا العمل في عالم تطورت فيه التقنيات، أن يقدم النتيجة عينها التي قدّمت بنسخات الفيلم الثلاث السابقات.

هذا الفيلم لا يحمل فقط قصة نجمة غنائية حولت معاناتها إلى شعلة أمل لكل شخص طموح، بل يحمل تاريخا بحد ذاته في عالم السينما.

تفاوتت الأراء مؤخرا بين المشاهدين الّذين اعتبروا أن هذا الفيلم يتناول محطة مرّت بها ليدي غاغا في بداية مسيرتها الفنية، إلا أن الحقيقة هي عكس ذلك تماما.

وقبل عرض تفاصيل نسخات هذا العمل وتحليلها، تجدر الاشارة الى ان النص ظل نفسه، فهو يتناول قصة فتاة طموحة رضخت إلى من حاولوا تحطيم أحلامها بسبب أنفها الكبير واستسلمت للانتقادات، تلك الفتاة التي عملت نادلة في أيام الأسبوع، ومغنية بسيطة في أحد النوادي الليلية في نهايته.

Janet Gaynorوفي إحدى الليالي دقّت فيها عقارب الساعة وأتى رجل الأحلام الذي آمن بموهبتها إن كان من ناحية الصوت، العزف، أو حتى كتابتها للكلمات، وهنا بدأت رحلة النجمة..

عام 1937 عرضت النسخة الأولى من العمل، الّذي كان من بطولة Janet Gaynor و Fredric March ومن إخراج William A. Wellman و Jack Conwa، ووصلت تكلفة العمل آنذاك إلى الـ 1.174 مليون دولار أميركي.

عام 1954 عرضت النسخة الثانية من هذا العمل بنفس النص، والذي كان من بطولة Judy Garland و James Mason، ومن إخراج George Cukor، ووصلت تكلفة هذه النسخة من A Star Is Born إلى الـ 5 ملايين دولار، وهنا نلاحظ أن ميزانية العمل بدأت تزيد مع الوقت.

وبعد 22 عاما، أي عام 1976 أبصر هذا العمل النور بنسخته الثالثة، والّذي كان من بطولة Barbara Streisand و Kris Kristofferson ومن إخراج Frank Pierson ، وكلّف آنذاك حوالى 6 ملايين دولار.

وبعد 42 عاما، حان الوقت كي تخوض ليدي غاغا هذه المنافسة، وتشارك بنسخة هذا العمل في العام الحالي، والذي تولّى إخراجه بطل العمل أيضا Bradley Cooper ، إلا ان اللافت فيه هو التكلفة التي أصبحت 36 مليون دولار!

هذا العمل لا يجسدّ قصة حياة غاغا، وإنما حياة أغلب النجمات اللواتي لمعن في هذه الساحة، وكأن جميع قصصهن تشبه بعضها، مثلا داليدا التي إنتحر من أجلها عدة معجبين، وغيرها من الفنانات.

النسخات كلها تدور حول القصة نفسها، ولا شكّ في أنه تم اختيار ليدي غاغا للنسخة الجديدة لأنها تمتلك مقومات الشخصية التي أدتها، وهي الفتاة صاحبة الأنف البشع، والصوت الجميل.
وتقول غاغا في تصاريح اعلامية انها تشبه بطلة هذا الفيلم، فمسيرتها الفنية لم تكن سهلة وطُلب منها عدة مرات اجراء عملية تجميل لأنفها، الا انها رفضت واستطاعت ان تجذب الجمهور الذي احبها بأغنياتها ولوكاتها اي بالامور التي ارادت هي ابرازها، لذلك لم تتناول الصحافة يوماً موضوع انفها، وهذه النقطة تشير إلى متطلبات التمثيل بإيجاد اشخاص لم يخضعوا لعمليات تجميلية.

من ناحية الاداء، لا يمكنني ان أنكر أن غاغا أبدعت في هذه النسخة، فبمجرد ان دخلت إلى صالة السينما، حتّى اندهشت بصوتها الرنّان، وبأدائها الّذي أبكاني في بعض المشاهد، كما أبكى الآلاف من المشاهدين عام 1976.

أمّا بالنسبة لأرقام التقييم "الرايتينغ" فلا يمكن مقارنتها بين الأعمال الماضية والعمل الحالي وذلك بسبب عوامل عديدة، أبرزها وجود مواقع التواصل الاجتماعي التي تساهم بالترويج لهذا العمل بطريقة داعمة، ولكن يمكننا القول إنه بالنسخات القديمة الثلاث حاز عمل 1954 على نسبة 7.8، عمل عام 1937 حاز على 7.6، أما عمل عام 1976 فحاز على نسبة 6.4.

وخلال متابعتنا للأعمال، لفتني تعليق أحد النقاد الذي قال إن هذا العمل يجب ان يصدر نسخة جديدة في عصر كل جيل جديد، وهذا بالفعل ما لاحظناه عبر التاريخ. امّا عن رأي النجمة العالمية Barbra Streisand بالنجمة ليدي غاغا، فقالت في إحدى المقابلات الإعلامية "أحببت أداء غاغا في هذا الفيلم".

الأغنيات اختلفت، فقد ازداد عددها عن السابق، ولكن طبعا مع كلمات وألحان جديدة.

بالفعل، هذا العمل جاء ليثبت من هي تلك الفتاة البسيطة التي أصبحت نجمة عالمية، تلك الفتاة التي أبكت المشاهدين في آخر هذه المحطة بصوتها النابع من صميم القلب، والتي رثت حبيبها الذي دفع بها نحو الأضواء.

وهذا الفيلم هو رسالة لكل مشاهد، أنه يجب أن نؤمن بأنفسنا، بموهبتنا، وبقدراتنا، وأن نبتعد عن الذبذبات السلبية التي يحاول الغير أن يحطم أحلامنا بواسطتها. ولا يمكنني أن أنكر أن هذا الفيلم يلامس الواقع المؤلم اليوم بحيث لا يمكن لأحد ان يلمع بسهولة إلا إذا كان هناك من يدعمه.

آمن بموهبتك، لا تحطم أحلامك بسبب الغير، ومن هنا انطلق.