هو ليس فيلماً سينمائياً عادياً، هو نوع آخر من الأفلام تلك التي تكون أحداثها واقعية، وممثلوها يجسدون أدواراً حقيقية نراها ونشاهدها ونتعامل معها نحن المشاهدين في يومياتنا، والكاميرا التي رصدت أحداث العمل التقطت حركة الشارع وسير الحياة بشكل طبيعي، فأنتجت تلك الخلطة فيلم "غود مورنينغ".

سيناريو محكم ذكي ويفتح الكثير من الآفاق عند المشاهد استلزم إختيارا دقيقا للممثلين، فاجتمع غابريال يمين، مع الراحل عادل شاهين مفاجأة العمل الذي توفي قبل عرض الفيلم، ورودريغ سليمان ومايا داغر الذين نجحوا جميعا في إيصال العمل الى بر الأمان.

لم تشتمل أحداث العمل فقط على قصة حب مايا (غنوة) ورودريغ (سليم) ولا على مداهمة الالزهايمر لذاكرة شاهين والعجز لجسد يمين، بل تعدت كل ذلك فدارت في القهوة التي لم تغادرها كاميرا المخرج بهيج حجيج أحاديث متشعبة عن الثقافة العربية، داعش، المذهبية، الحروب، الموسيقى، الحب، شعر محمود درويش، النزوح، هدم المباني الأثرية في بيروت.. وغيرها، فكان كلما تمكن الالزهايمر من ذاكرة شاهين كلما سقط جدار من مبنى أثري في بيروت، وكلما شعر يمين بالعجز كلما ضرب إنفجار بيروت، فبدت الأحداث مركبة بذكاء شديد كخطين متوازيين يسير بمحاذاتهما المشاهد بكل سلاسة.

موقع الفن حضر العرض الخاص بالصحافيين لفيلم "غود مورنينغ" الثلاثاء الماضي في منطقة ضبية، حيث التقى بأبطال العمل وعاد بالمقابلات التالية:

الممثل غابريال يمين

بدأ حديثه عن الراحل عادل شاهين حيث اشار الى انه من الصعب عليه أن يشاهد العمل في ظل غياب شاهين الذي توفي قبل عرض العمل.

وعن العمل قال يمين: الفن يجب أن يتطرق للقضايا الإنسانية كما يحس بها الناس وليس كما يرونها، عندما نتكلم عن الالزهايمر في الحياة العادية يكون الأمر طبيعيا، خصوصا أن كل شخص منا يعرف شخصاً مصابا بهذا المرض، لكن عندما نرسم شخصية المريض بالالزهايمر، ونشرح للناس ماذا يعاني وكيف يعيش وندخل بتفاصيل تفاصيل وجعه وننقله، نكون قد صنعنا فناً، وهذا هو المهم في الفن، نحن لا ننقل الواقع فقط نحن ننقل ما هو أبعد من الواقع ننقل تفاصيل للجمهور لا يراها.

وعند سؤاله عن مدى نجاح هكذا أنواع من الأفلام في السوق اللبناني الذي اعتاد في الفترة الأخيرة على نوعية أفلام مختلفة، قال يمين: لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال، ليست لدي خبرة في السوق، وهذا لا يعني أنه اذا تم تسويق السلاح يجب على الناس أن يشتروا السلاح، من الممكن أن نسوق للجمهور أشياء يحبها ويفتقدها وهذا ما عملنا عليه في هذا الفيلم.

وأشار يمين الى انه عندما نرى ما يُعرض في السوق هذا لا يعني ان هذه الأعمال تعدّ معياراً.

الممثل رودريغ سليمان

من المهم دائما أن تقدم شيئاً جديداً، فيلمنا اليوم يحكي الواقع على طريقته الخاصة من خلال الأحاديث وكل تفصيل يحصل في المقهى.

وعن المسؤولية الكبيرة التي وُضعت على عاتقه بسبب مشاركته في العمل الى جانب ممثلين محترفين كغبريال يمين وعادل شاهين، كشف سليمان أن مخرج العمل بهيج حجيج كان أستاذه في الجامعة، والراحل عادل شاهين كان رئيس قسم المسرح في الجامعة، وقال: كانت مسؤولية كبيرة خاصة أنني أقف امام اساتذتي ويجب أن أكون على نفس مستواهم، مع الوقت تصبح هناك علاقة صداقة تريح الممثل أكثر، كما أنني أعمل وأحضر كثيراً لأدواري لكي أكون بالمستوى المطلوب اضافة الى أنني أملك خبرة أكاديمية لثماني سنوات.

ونصح سليمان الجمهور أن يشاهد العمل لأنه يشمل ثلاثة أجيال، ويصيب كل شرائح المجتمع ويطرح أسئلتهم وهواجسهم، وأضاف: "هنا لا بد من الإشارة الى ان الفيلم يوجد به منحى ثقافي حيث يتضمن تلميحات وحوارات تطرح أفق جديدة للمشاهد".

الممثلة مايا داغر

كانت على عاتقي مسؤولية كبيرة في هذا العمل لأنني أظهر أمام ممثلين محترفين، تحمست كثيرا للعمل لأنني اعلم هدف المخرج بهيج حجيج ونوعية أفلامه وخطها السينمائي.

وعن مدى نجاح العمل عند فئة الشباب، اشارت داغر الى ان العمل يصور بجزء منه الهموم والمشاكل التي يعاني منها الشباب في لبنان من الطائفية الى الزواج الى الوضع السياسي والأمني المتأزم والذي ينعكس إحباطاً على الشباب وخوفهم على مستقبلهم.

المخرج بهيج حجيج

كانت الصعوبة الكبيرة بالنسبة لي في العمل اختيار ممثلين كبار بالسن يصنعون هذا الإنسجام في السيناريو، وهذا استغرق وقتاً طويلاً. فكرت بالكثير من الممثلين، لكن معظمهم رأيتهم قد قدموا الكثير من هذه الأدوار وأنا بحاجة لممثل خام في هذه النوعية من الأدوار، لم يسبق أن قدمها "فتوفقنا بالممثل غابريال يمين والراحل عادل شاهين".

وعن السيناريو، وجّه حجيج شكره الكبير للكاتب رشيد الضعيف الذي كتب حواراً مقتضبا ولكنه يصيب الهدف، وقال: "الفيلم تم تصويره في مكان مقفل لذا كان يجب أن يصيب الحوار الهدف، وليس أن يكون الحوار لمجرد الحوار، وهذا خياري وخيار الكاتب، والجمهور سيتقبل هذا العمل لأننا نلقي الضوء على الكثير من الأمور التي يعيشها، وعلى امور يتوجب على الجمهور ان يلاحقه ويتعمق فيه أكثر.

وعند سؤاله هل سيعيش الفيلم لفترات طويلة كونه يشتمل على الواقع؟ كشف حجيج أنه في كل الأعمال التي قدمها كان هدفه أن ينتمي الى المدرسة الجدية والتي تبقى وتؤسس لتراث سينمائي لبناني "لذا أقول ان الأفلام التي تنتجها هذه المدرسة ستعيش في ذاكرة السينما".

وأكد حجيج أن تصوير العمل في مكان واحد أمر يُعتبر "سهل ممتنع" اذ يظن المشاهد انه امر سهل "ولكن بالفعل الإخراج يكون صعباً جداً لأن علينا أن نعمل كثيراً على التقطيع وعلى الإضاءة وغيرها من الأمور الإخراجية، وهنا لا بد من الإشارة الى ان ما يشاهده الجمهور خارج المقهى هو مشاهد مركبة لكننا نُظهرها إخراجياً للمشاهد وكأنها واقعية، والفيلم كله تم تركيبه خلال سير الحياة بشكل عام".

وختم حجيج حديثه لموقع الفن بدعوة للجمهور لمشاهدة العمل الذي سيبدأ عرضه رسمياً في 25 الشهر الحالي.