مشهديّة مؤثّرة قدمها الممثل اللبناني جورج خباز بمسرحيته الغنائية الأخيرة "إلا إذا" يوم الجمعة في الـ10 من الشهر الجاري ضمن فعاليات مهرجانات بعلبك الدولية.

لا تعرف إن كنت تريد أن تبكي على واقع بلد يغرق فيه الإنسان بتخبطات المشاكل السياسية والإجتماعية والإقتصادية والطائفية، أم تريد أن تضحك على هذا الواقع المرير.

هذا بإختصار، إن كان بالامكان القول، عنوان المسرحية العريض، أما تفاصيلها فهي تتناول قصة مجموعة من الجيران الذين يسكنون في المبنى ذاته، يمثلون شرائح المجتمع اللبناني بطوائفه المختلفة، يختلفون في ما بينهم على أحقيّة الأول من الأخير في وطنه وحقوقه في هذا الوطن.

وفي خضّم إختلافهم هذا الذي يعمي بصرهم، فإنهم ينسون، من دون قصد، إجتماعهم على المصائب ذاتها، منها الوضع الإقتصادي والمعيشي الصعب، والأهم أن مبناهم مهدد بالسقوط ولا أحد من السياسيين يلتفت إليهم لمساعدتهم.

إلى أن تأتي إحدى الصحافيات لتسجيل فيلم وثائقي قصير عن وضعهم المأساوي وإلقاء الضوء على مشكلتهم، لكنها تتفاجأ بتعصبّهم الطائفي الذي يعمي قلوبهم عن مشكلتهم الأساسية التي يتوحدون عليها.

ختام المسرحية كان رسالة جداً معبّرة أتت من منطلق الجذور والأصل، فتبين بعد أخذ الصحافية عيّنات DNA من كل فرد منهم لمعرفة أصله، أن كل واحد أصله مغاير لما هو عليه اليوم ولاسيما طائفته، لنرى أنهم تحولوا من مدافعين عن طائفتهم التي كانوا يعتقدون أنهم منها إلى طائفتهم الجديدة التي تمّ كشفها من خلال الفحص.

هنا تصوّر لنا هذه المشهدية التعصّب الأعمى الذي يعمي اللبنانيين عن قضاياهم الأساسية ويشغلهم في الزواريب الطائفية والسياسية.

الجميل واللافت في الأداء الرائع للممثلين هو الجوّ المرح والضحكة التي رافقت الحضور الذي ملأ المدرجات وكانت تعلو بين الحين والآخر، فالمسرحية لا تخلو من المواقف الطريفة والعبارات الضاحكة التي تحاول إيضاح الصورة بجو بسيط وجميل.

وبالطبع لا يمكننا التغاضي عن ذكر دور الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي التي رافقت أجواء المسرحية، فأضفت جواً من السحر والرهبة والذي ليس بغريب عن تألق ورهبة قلعة بعلبك.

وللوقوف على رأيه بعد عرض مسرحيته، كان لنا لقاء مع جورج خباز، حيث أشار أولاً إلى فخره وسعادته التي لا توصف بوقوفه على أدراج قلعة بعلبك وتقديمه عمله المسرحي هذا أمام هذا الجمهور العريض الذي فاق الـ3 آلاف شخص.

وعند سؤالنا له عن موضوع المسرحية الذي لا يتناوله للمرّة الأولى، ولكن هذه المرّة تناوله بقالب مختلف، وإن كان يرى أن ذلك يحدث فرقا لدى المتلقي ويأتي بنتيجة، أشار إلى أنه لا ينتظر الفرق بالتحديد، فهو مؤمن بقضيته ولن يستسلم وكما قال في المسرحية، فإن نقطة ماء قد تحدث خرقاً في الجدار.

أما عن أعماله المقبلة، فهو بصدد التحضير حالياً لمسرحية جديدة وكتابة الفكرة، مشيراً إلى أنها ستتضمن الأبطال نفسهم.

وأضاف أنه أيضاً بصدد التحضير لفيلمه الجديد الذي سيكون بعنوان "الواوي" حيث سيبدأ التصوير مع مطلع فصل الربيع المقبل، مشيراً إلى أنه لم يتم تحديد الأبطال بعد.

يشار إلى أن المسرحية من بطولة لورا خبّار، سينتيا كرم، جوزف آصاف، غسان عطية، مي سحاب، عمر ميقاتي، وسيم التوم، بطرس فرح، جوزف سلامة، جوزف ساسين وأسبيد خاتشادوريان.