نهلا داوود، ممثلة حفظت مكانا لها في ذاكرة المشاهد وبات المكرّمة والمفضلة لديه من خلال الادوار التي لعبتها باحتراف كبير وقدرة وعفوية.

هذه الفنانة نوّعت في خِياراتها للادوار والكاركتيرات لانها اكاديمية محترفة ومحاضرة في كلية الفنون الجميلة، ولانها شغوفة في عملها الذي يشكل بالنسبة اليها ركيزة اساسية . لهذه الفنانة ملاحظاتها حول بعض ما يدور على الساحة الفنية وتحديدا على ساحة الانتاجات الدرامية، وهذا ما سوف نكتشفه في هذا اللقاء.

هل تخطت نهلا داوود اليوم الخوف الطبيعي عند الممثل إزاء اي عمل جديد له؟
بالعكس هذا الخوف تزايد عندي بشكل كبير لانه يعتبر الميزان الحقيقي لخياراتي الفنية .أنا اليوم مسؤولة عن اي هفوة قد اقدم عليها فنيا، ومتعطشة لاي كاركتير جديد لم العبه من قبل. هذا الخوف لا يقلقني ابدا، بل اعتبره حرصا على تاريخي الفني ويجب ان يكون هذا الحرص موجودا لدى كل فنان مسؤول.

نهلا داوود، كيف طوّرت نفسها "أداءً"، حتى وصلت الى هذه المكانة من الاحتراف؟
الخبرة اولا تساعد الفنان الممثل على اكتشاف نفسه فنيا والعمل على سد الثغرات والاخطاء التي يمر بها. التطور ينتج بعد مراقبة ذاتية من الفنان نفسه لاعماله ووضع خطة تقييم لهذه الاعمال، بشرط ان يكون صادقا وصريحا مع نفسه.

هل يلعب الاحساس دورا في نجاح الفنان؟
اكيد، فالفنان الممثل المخضرم احاسيسه هي الاساس في تحديد نوعية اختياره لادواره، ومنها يولد شغفه لهذه المهنة.

لاي مدى العفوية عند الممثل هي حاجة ضرورية؟
لاقصى حد شرط ان توظف في مكانها السليم، لان العفوية الطائشة وغير المدروسة تسبب ركاكة بالنص والاداء. بصراحة الممثل الاكاديمي المحترف يعرف كيف يوظف عفويته اثناء التمثيل لتكون مادة مفيدة تخدم مصلحة العمل.

ماذا ينقصنا اليوم في الدراما اللبنانية؟
الوقت، لانه من ابرز العوامل التي تساعد على "تخمير" الدراما. فالاستعجال يؤدي الى سلق الانتاجات ويسبب ركاكة بالمعالجة الدرامية. اصبحت لدينا شركات انتاج قادرة على انتاج الاعمال البنّاءة، ولكن التسويق والتوزيع لهذه الاعمال مازالا يحتاجان الى النضج الكافي.

برأيك، هل باستطاعة الممثلين اللبنانين تحمل مسؤولية التسويق من خلال اسمائهم في الخارج؟
بالطبع.

اذا، لماذا يتم التركيز من قِبل المنتِجين اللبنانيين على الممثلين السوريين؟
"شوف"...في سوريا، الدولة تشرف على الانتاجات وبالتالي تدعمها ويركزون على الاسماء عندهم، لكن هذا لا يعني أن ممثلينا هم اقل مستوى، ولكن الانفتاح الذي حصل بسبب ثورة السوشيل ميديا جعل من العالم قرية صغيرة خصوصا اذا كان النص من الاساس يقتضي وجود هذه الخلطة.

ما هو تقييمك اليوم للتمثيل في لبنان والوطن العربي؟
بصراحة استعاد لبنان مكانته على الخريطة الدرامية عربيا وبدأ المسلسل اللبناني يحظى بالانتشار والثقة.

اما عربيا، فالوضع على حاله. كانت تحصل خلطة في العمل الواحد قديما وخصوصا في السبعينيات من القرن الماضي، ومازالت هذه الظاهرة تظهر احيانا وتختفي في احيان اخرى. ولكن العمل الكامل نصا وكاستيغ واخراجا يفرض نفسه سواء عندنا او عند غيرنا.

مسألة العرض والطلب على الساحة الفنية في التمثيل ومسألة الاجور عند الممثلين، تبقى دوما طي الكتمان، لماذا؟
لانها مسألة شخصية وكما قلت مسألة عرض وطلب وهي ترتبط بشطارة الممثل وتقدير المنتج له.

لاي مدى اتعبك دورك في مسلسل " الحب الحقيقي "؟
الشخصية في هذا العمل بحد ذاتها متعبة وتحتاج الى احتراف كبير واسلوب مُتَقَن ومقدرة فنان اكاديمي لأنها غامضة وشريرة مع طيبة ووجدان! كل التناقضات في هذا الكاركتير تضعك امام تحد كبير.

هل تتأثرين بالشخصية التي تلعبينها وتحملينها معك فترة التصوير؟
أتأثر بها اثناء الوقوف على بلاتو التصوير، لكنني قادرة على الفصل بين حياتي العادية والتصوير، خصوصا ان بعض الادوار التي نلعبها لا تشبه شخصيتنا في الواقع.

هل فكرت يوما بالكتابة للتلفزيون؟
انا قارئة تقرأ جيدا وتحلل جيدا لكنني لم اخض هذا المجال واعتبر الكتابة نعمة من نعم الله وكنت دوما اردد على مسمع نزار فرنسيس شاعرنا الحساس وكلوديا مرشيليان المبدعة بانهما صاحبا نعم سماوية وكتاباتهما هي جبهة نضال مع الذات.

ترتبطين بالذكريات والماضي؟
بصراحة احاول دوما غض الطرف عن الماضي وادرب رأسي على العمل للمستقبل.

ما الذي يجعلك متعلقة ببيتك لهذه الدرجة؟
لان هندسته قديمة جدا وهو من البيوت التي عتبتها شرحة .. فاقوم صباحا لاسقي الزهور، وهو من البيوت القديمة وقمنا بترميمه على الطراز الحديث لكننا حافظنا على شكله التراثي.

لاي مدى اجواء البيت مهمة في حياتنا؟
ليست مهمة وحسب، بل هي ميزان حياتنا وكياننا. الاجواء السعيدة القائمة على الالفة والتفاهم تدفع بنا الى حياة اجتماعية كاملة وخالية من المشاكل.

ما هي الاسس الرئيسية في بيتك؟
الديمقراطية والحوار حتى لو كان الاختلاف شديدا، لان كل شيء بالحوار يصل بنا الى بر الامان.

برأيك تربية البنت اسهل من تربية الصبي؟
نحن تربينا على مبادىء واسس جميلة، ولكن تغييرات العصر تفرض على الامهات اليوم اعتماد طريقة مختلفة عما تربين عليه خصوصا وان العالم اليوم برمته منجرف وراء ظاهرة السوشيل ميديا.

هل ابعدت ابنتيك عن الفن بقرار شخصي؟
ابنتي الاولى هي من اختارت فن الهندسة المعمارية واعتبره فنا بحد ذاته وهو من اصعب الفنون، وابنتي الثانية ترقص في فرقة كركلا ولكنها تخصصت في ادارة الاعمال ولم تجد نفسها في التمثيل.

لاي مدى قيّدتك الشهرة ؟
هل تصدق بأنها لم تقيّدني يوما لانني اعيش حياتي بشكل طبيعي بعيدا عن التصنع والادعاء. حتى عندما اكون في السوبر ماركت ويقترب المعجبون مني اتصرف معهم بطريقة ودية ناسية أنني ممثلة.