ليلة إستثنائية شهدتها مهرجانات صور الدولية المقامة هذه السنة على ارض المدرجات التي استحدثت للمناسبة في قلعة الشقيف الأثرية، بصوت طربي أصيل، حمل لواء الأغنية العربية الأصيلة ولواء الأغنية الوطنية التي تحمل في طياتها قضايا العالم العربي أبرزها فلسطين وقضايا المواطن العربي اليومية.

إنه الفنان التونسي لطفي بوشناق الذي تألق في حفلته ضمن فاعليات المهرجان، مستحضراً عمالقة الفن العربي أمثال عمر بن ابي ربيعة وقيس إبن الملوح وسيد درويش والشيخ سلامة وعبد الحي ووديع الصافي.

قدم بوشناق في ليلته الإستثنائية هذه إلى الجمهور الذي ملأ المدرجات، خلطة من الإغنيات تنوعت بين الموشحات الأندلسية الشرقية التي تحكي قصة الحبيب الذي أتعبه الحب وبين المواويل والآهات.

ولم تخلُ ليلته الإستثائية هذه من الرسائل السياسية والوطنية التي تمسّ القضايا العربية وتفاصيل الحياة المعيشية الأساسية للمواطن العربي، فمن أغنية "أنا العربي" إلى أغنية "أنا الموطن"، عبّر بوشناق وبصوته الجبّار عن تمسكه وفخره بقوميته العربية وحاجته كمواطن عربي إلى الإنتماء لوطن حرّ لا تهمه المناصب والكراسي السياسية، وصولاً إلى الترانزستور الذي لا يحبه ويفضل عليه عيشة الرعاة الساخر من التكيتك المذل.

وبالطبع، لم ينسَ بوشناق التعبير عن حبّه الكبير للبنان وشعبه الطيّب والمحبّ، حيث قدّم جديده والتي هي أغنية خاصة للبنان اسمها "تحية إلى لبنان"، من كلمات الشاعر علي الورتاني، وتابع غناء جديده ومنه أغنية "أجراس العودة"، من كلمات الشاعر السوري الدكتور عماد الدين طه، وأغنية "تفاءلوا بالخير" للملحن السوري عبدالله المرتشي التي وبرغم كل المآسي يدعو بوشناق فيها الى الفرح والإيجابية والغرام ليطول العمر.

بعدها إنتقل بوشناق إلى إشعال حماس الجمهور بأدائه أغنيات على وقع الفلامنغو من الجو اللاتنيني مثل "لاموني يله غارو مني" و"سمرا ياسمرا"، كما شارك الجمهور بوشناق في طقطوقة سيد درويش "طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة".

وعلى هامش الليلة التي كنّا حاضرين فيها، كان لنا هذا اللقاء السريع مع بوشناق الذي أكد أن مشاركته هذه هي شرف كبير له، متمنياً أن يكون على قدر المسؤولية التي وضعها فيه منظمو المهرجان من خلال دعوته.

وأضاف أن هذه الحفلة ستبقى مسجلة من ذهب في تاريخه الفني، وأنه لشرف له أن يأتي إلى هذه المدينة الباسلة مترحّماً على شهدائها.

وحيّا بوشناق من هناك من على حدود فلسطين المحتلة، حيّا كل الشرفاء داعياً الله لينصرهم على أعدائهم.

وفي الحديث عن ألبومه الجديد الذي أطلقه من بيروت وبدعوة خاصة من جمعية "سمير قصير" والذي أطلق عليه عنوان "لبنان"، أشار بوشناق إلى أنه أقل ما يمكن أن يقدمه إلى جمعية "شهيد" للرمز سمير قصير والقائمين على هذه الجمعية الذين يخدمون في قضايا مهمة جداً، قائلا: تمت دعوتي لنحتفل بربيع بيروت فأقل شيء أن نقدم لهم شيئاً بكل حب وصدق.

وعن تسميّة الألبوم بإسم "لبنان"، أشار بوشناق إلى أنه ليس هو من أطلق هذا الإسم، بل الجمعية هي من إختارت وانه لشرف له، متمنياً أن يستطيع أن يحمل إسم لبنان بالطريقة الصحيحة والمشرّفة.

ونفى بوشناق ما تردد من حديث عن ضعف الحضور الإعلامي خلال إطلاق ألبومه هذا، حيث أكد أنه كانت هناك أكثر من 8 قنوات حاضرة في المناسبة.

وعن نشاطاته وحفلاته المقبلة، أشار بوشناق إلى كثرتها خلال موسم الصيف الحالي حيث ذكر لنا بعضها ومنها في دولة الإمارات وتونس والسعودية للمرّة الأولى، إضافة إلى جولاته العالمية ومنها الى كندا وإنجلترا.

يشار إلى أن الليلة حضرتها رئيسة مهرجانات صور الدولية السيدة رنده عاصي بري وحشد من الشخصيات السياسية والبلدية والتربوية والثقافية وإعلامية ورجال أعمال ومحبوا الطرب الأصيل.

وكلمة حق تقال، لا يمكننا إغفال الحديث عن أولاً التنظيم الدقيق والعالي للقائمين على المهرجان والإجراءات اللوجستية والأمنية المتخذة من لحظة الوصول إلى المغادرة.

وثانياً الموقع الجميل والإطلالة الرائعة للحفل إن كان على القلعة التي يتوسطها العلم اللبناني مرفرفاً أو على ما هو حوله من مناطق وضيع تجعل أجواء الليلة خيالية وساحرة.