على وقع زخات المطر، إفتتحت أمس غلبون يوم 28 حزيران الجاري، مهرجاناتها السَّنوية بدورتِها الثّامنة مع عازف البيانو اللّبناني "ألف أبي سعد"، بالتّعاون مع "أوركسترا السّمفونيّة اللّبنانيّة".


بدأ العرض عند السّاعة التّاسعة والنّصف مساءً، وفقًا للتّوقيت المحدّد، لا تأخير مع ذوي الأعمال العالميّة المحترفة.

إفتتحت السّهرة بالنّشيد الوطني اللّبناني، تلاه ريبورتاج يكشف عن كواليس التحضير لليوم الأول من المهرجان، الذي يعرض فكرة فريدة من نوعها بتوقيع استديوهات الفن الثامن بعنوان" Radio at the symphony"، أي أخذ الأغنية وإعادة قولبتها بطابع عصري جديد يتناسب مع متطلبات العصر الحديث في خطوة لإعادة إحياء أعمال النّجوم الذين طبعوا في مسيرتهم الفنيّة تاريخا فنّيّا كبيرا.

عمل على هذا المشروع 80 عضوا في الفرقة الموسيقيّة من أجل عرضه في لبنان واطلاقه الى العالمية في جولة أوروبية.

انطلق الحفل رسميَّا بعد كلمات التّرحيب بالمطران ميشال عون وعدد من الشّخصيّات السّياسيّة والعسكريّة.

عند العاشرة مساء أُطفأت الأنوار، سكت الحضور وانطلق العزف بإشارة من المايسترو، أجواء رائعة حملها "ألف" بموسيقى الـelectro-symphonic والـModern Symphonic. تُرجم إحساس بأعلى درجات السفر، وإضاءة مسرح كشفت عن الامطار التي هطلت في الامسية بين الأرض والسماء.


تابعت الأمسية سحرها بديو أوبرالي جمع بين مارك حاتم ولارا رافقهما عزف البيانو والأوركسترا الرائعة بأغنية "Perfect". مفاجآت حضّرها فريق الفنّ الثّامن مارك حاتم ولارا وديا التّي أبهرت الحضور باسترجاعها لارشيف المغنية الفرنسية اديت بياف، وانغريد بواب وفرقة AMY SMACK DADDY أشعلا الحضور بأداءهما الفريد من نوعه وغير المسبوق في المهرجانات اللّبنانية فرقصت انغريد وغنت بحماسة وجعلت الحضور بأكمله يقف ويصفق بحرارة على إيقاع الموسيقى وكان التفاعل معها في الحفل مذهل.

ليكسي، ادوين وبلينغ حبسوا الأنفاس في أغنيات الراب كسروا جدار المسرح وتواصلوا مع الحضور مباشرة، تجولوا على المدرجات بخفّة ورشاقة.

أغنيات لم نعتد أن نسمعها بهذا الشكل. الأداء متميّز والإيقاع سريع وعصريّ تحوّلت أغنية بريتني سبيرز "Toxic"الى طريقة مختلفة، حيث قُدّمت على طريقة السّمفونيّة كما لم نسمعها من قبل، و لاول مرة على مسرح قرية غلبون الجبلية التي تسعى جاهدة ان تدخل خريطة المهرجانات السياحيّة رغم كل الأزمات الإقتصادية.

لم تُعِق قطرات المطر "الف" من الاستمرار في العزف فيما انسحب بعض الحضور الى خارج المسرح. قمّة الرّهبة في الحضور، انخفاض درجات الحرارة وهطول المطر على وقع الموسيقى الكلاسيكية والسيمفوني المشتعلة، أجواء خلقت مجتمعة سحرا واحساسا رائعين.

وفي وقت ازدادت فيه سرعة الايقاع ، اشتعلت اضواء المسرح، توقفت الامطار عن التساقط وعلا التّصفيق وساد الصمت الساحة.

حاول 8eme art ان يحيي ذكرى الاسطورة في إعادة تجديد اغنياته بطابع جديد وعزف مختلف، فكانت المحطة مع أغنية" Earth Song" للنجم العالمي مايكل جاكسون، أغنية تحمل في طياتها الوجع والألم من أعاصير الحياة والألم ومشاكل الإنسان في العالم والرّغبة في الحرية، الطبيعة ايضا تصغي وتتفاعل عادت الامطار للتساقط بالتزامن مع تفاعل الجمهور، الفيديو المرافق للأغنية كان مؤثرا جدًّا.
اديت بياف كانت لها أيضاً حصتها من خلال أغنية "Mon Dieu" و"La vie en rose".

رائعة هذه المجموعة المؤلفة من شبان وشابات حملتهم الجرأة لتبني كل تلك الأعمال الصارخة وتأديتها بنمط جديد" Bang bang" التي عرضت بتوزيع جديد بتوقيع ايلي عقل وديا و"Take me high" و"How deep is your love".
كوكتيل من الاغاني في قالب واحد، خرجت فيه بايقاع واداء جديدين غنى ورقص عليها الجميع خصوصا على ايقاعات المولان روج و Tim berglimg Avicii.

للهجة المصرية ايضا محطة في سيمفونية الفن الثامن، نجحت في أداء "ثلاث دقات" للفنان أبو على المسرح بصوت الفنان الشاب مارك حاتم، تساءل بعضهم "كيف ستعزف السّمفونية "3دقات"؟ الأداء غير متوقع قولبة الأغنية من اللّهجة الشعبية الى الموسيقى الكلاسيكيّة نالت تفاعلا كبيراً مع حاتم على المسرح. تلتها أغنية وردة الجزائرية "حرّمت أحبك" التي لاقت تفاعلاً كبيراً من الحضور. وهنا تجدر الإشارة الى أن التراتبية في الاغنيات كان يجدر أن تأخذ بالإعتبار أهمية الفنان وتاريخه قبل جماهيرية الأغنية ولو كانت " ٣ دقات" الاكثر شهرة اليوم.
مع استرجاع روح الفنّانة وردة، عادت سماء غلبون لتهطل امطارها بغزارة فوصفتها المسؤولة ندى عاد "بالخير والبركة على المهرجان" وكأنّ الطبيعة فعلاً تقدّر الفن وتنحني لإبداعاته.
اختُتم الحفل بأغنية راب حيث دخل المغنيان بين الحضور رقصا خارجيْنِ عن النمط التقليدي حيث يغني الفنان على المسرح والجمهور يستمع فقط، هنا خُرِقت هذه النمطية بتجدد جميل.

رئيس بلدية غلبون ايلي جبرايل
"بالرغم من بُعد المسافة عن العاصمة بيروت والاصرار على انشاء المهرجان، الارادة دفعتنا الى الاستمرار وليس بهدف انفاق الأموال بالرغم من ان غلبون هي قرية صغيرة لكنّها اقرب من مدينة بعلبك، المهرجانات هي جزء من استراتيجية البلدية لإدخال غلبون الى الخريطة السّياحيّة خصوصا أن المهرجان يستضيف فنانين عالميين".
وعن التحديات التي تواجه المهرجان هذا العام، قال: "واجهتنا مشكلة بيع البطاقات بسبب الأزمة الإقتصادية في لبنان، لكن بالرّغم من ذلك السّهرة الأولى كانت" Sold Out" وغلبون تستحق النجاح".

كلمة ندى عاد رئيسة مهرجانات غلبون
"سنة بعد سنة، نسعى أن نقدّم برنامجاً جديداً نتفاجأ بالتّفاعل الإيجابي
نشعر بمسؤولية التّجديد وتقديم الافضل. اللّيلة صُدمنا بتفاعل النّاس وما زال أمامنا ثلاثة ليال.
غلبون لا تنافس أي مهرجان آخر وهو يتميّز بهويته الفنيّة والثقافيّة الكلاسيكيّة انتقلنا الى الفنّ العالمي الكلاسيكي وسيقوم المهرجان بتكريم عمالقة من لبنان وغدًا مع ميشال فاضل سنكرم صباح وفيليمون وهبة وديع الصافي وزكي ناصيف واتفائل اليوم بعد التفاعل الكبير في السهرة الليلة".


عازف البيانو "ألف"
"هذا المشروع هو نتيجة عدّة مشاريع متراكمة مع الاوركسترا ومع الفنّ الثامن قرّرت ان اجمعها سويا وأحضّر لأغنيات الهيتز التي تعشقها الناس وأعيد تجديدها تحت عنوان " Radio at the symphony"، أغنيات بين البوب والراب والمصري والكلاسيكي. كتبنا منذ ثلاثة أشهر نوتات ٨٠ عضو في الفرقة من مختلف أنحاء العالم من إسبانيا وبريطانيا وانكلترا رومانيا وغيرها.
ومهرجانات غلبون اكثر مهرجانات دفعتنا الى الاستمرار لان المنظمين يحبون الافكار الجديدة التي تحافظ على المستوى الثقافي والفني المتميز".

ألف كشف "للفن" عن تكلفة هذا الحفل الضخم وقال :"بلغت تكلفته اكثر من ١٥٠ الف دولار اميركي". وأضاف "هذا المبلغ ليس من أجل الف وست مئة شخص حضروا الحفل اليوم وإنّما هو تحضير لانطلاقة عالمية في مهرجانات اخرى، وفي شهر أيلول المقبل ستحطّ السّيمفونية رحالها في بالي وليتشي مع السيمفونية الايطالية وفي براغ الى جانب المغنيين أنفسهم في الفنّ الثّامن.
وبرأيي ان لبنان هو افضل مساحة للانطلاق الى العالمية لان جمهوره يعشق الفن ويقدّره ويتفاعل بقوة معه".