أحب الغناء منذ طفولته، فهو الذي غنى، حين كان عمره 11 عاماً، مع الفنان وديع الصافي، ومثّل مع السيدة فيروز في مسرحية "صح النوم"، وغنى مع الفنان زياد الرحباني.

إكتسب التربية والثقافة الموسيقية من العائلة، ودرس الموسيقى بعمر 7 سنوات في جامعة الروح القدس – الكسليك، تعلم البيانو والعود والغناء الشرقي والمواد النظرية والموسيقى الكلاسيكية.

هو سيّد المسرح الفنان جورج نعمة الذي حصل مؤخراً على جائزة "موريكس دور"، والذي حل ضيفاً على موقع "الفن في هذا الحوار.

غنيت في صغرك مع الفنان وديع الصافي، ومن الصعب جداً الغناء معه، فماذا تعلمت منه؟

في الأساس كانت هناك علاقة صداقة تجمع عائلتي بالفنان وديع الصافي، وفي عمر 10 سنوات بدأ صوتي ينضج، وفي هذه الفترة كنت دائماً أغني لوديع الصافي فهو مدرسة ومعلم كبير، فتبنّاني فنّيّاً، وطبعاً ليس من السهل أبداً الغناء الى جانبه خصوصاً في عمر صغير، ولا شك أن هذا الإختبار المبكِر قد علمني ماهية المسؤولية الفنّيّة ومعنى الإنتماء الفني، وهذا التعلق بالموسيقى اللبنانيّة هو أساسي و يميزنا حين نقدّم موسيقى نفتخر بها أمام العالم، وقد وصلت أكثر الى هذه القناعة بعد أن أخرجت برنامج "إثنوفوليا، موسيقى الشعوب" الذي أعدّته وقدّمته شقيقتي عبير نعمة، حيث إستفزني كم ان هناك من شعوب جِد متطورة، ما زالت محافظة على إثنيتها وموسيقاها التقليدية. فالأشياء التي تعلمتها من هذه الثقافات و الموسيقية المختلفة اعطتني حافزاً للتمسك بلبنانيتي، ومن هنا إذا أردت الغناء او التلحين، أعيش هذه الحالة حتى أصنع موسيقى تشبهني وتشبه انتمائي.

هل لاحظت أن "الرجولة" إختفت من أصوات الفنانين اليوم، وانت تمتلك هذه "الرجولة" التي بتنا نفتقدها؟

المدراس الغنائية كثيرة ومتعددة، فمثلاً في المدرسة المصرية المعاصرة هناك مغنون مثل عمرو دياب وحكيم وغيرهما قد تكون طبيعة أصواتهم في الأصل رفيعة وطبقات صوتهم مرتفعة، أو هناك مثلاً المدرسة التركية حيث الغناء بطبقات مرتفعة، ففي الطبقات العالية قد يفقد الصوت من "العرض"، على عكس صوت وديع الصافي مثلاً، فعرض صوته في القرار هو نفسه كما في الجواب، ولطالما كانت المدرسة اللبنانية في الغناء تميل نحو الأداء الذي يبرز عرض الصوت، و طبيعة الأصوات اللبنانية الجبلية تمتلك هذا العرض.

هل هذا يعود الى طريقة الأداء أم لنوعية الصوت؟

نوعية الصوت لها تأثير جداً، وأيضاً طريقة الأداء، فمثلاً ما نشاهده اليوم من أهم الفنانين، ولن أشمل الجميع، هناك "تكنيك" خاطئ وطريقة إستعمال الصوت بطرق غريبة، مصطنعة، ولا يشبهنا.

أنت خلقت حالة وإشتهرت بإسمك من خلال غنائك لفنانين قبل أن تشتهر بأغانيك الخاصة، هل هي حالة سوشيال ميديا أم طريقة إختيار الأغاني؟

هناك عدة عوامل وللسوشيال ميديا تأثير، لا أنسب نجاحي ولا يوم فقط لنفسي، فدائماً أتحدث عن عائلتي وعن الموسيقيين والفنانين الذين أتعامل معهم، وهذا ما نفتقده في لبنان، فلا نرى أعمالاً تقّدم بفكر جماعي. الإنطلاقة كانت من خلال مشروع موسيقي محض وهو تقديم الأغاني اللبنانية القديمة بأسلوب جديد، وتطور هذا المشروع بشكل جدي حتى بدأت بتقديم أعمال خاصة. أساوم في كل شيء إلا في الموسيقى. إنني متطرف موسيقياً وبعملي عسكري جداً.

أعمل كثيراً على الطريقة التي أقدّم فيها العمل، وأرتوي من ردة فعل الناس الإيجابية، والناس هي التي أعطتني الدافع في الحفلات والمسارح قبل السوشيال ميديا، فأنا لست ناشطاً كثيراً على مواقع التواصل.

في داخلك ملحم بركات صغير.

قد يكون ذلك صحيح بمزاجيتي الموسيقية، ولكن بطريقتي وهويّتي الخاصة طبعاً.

متى لم يعودوا يقولون جورج شقيق عبير نعمة، وأصبح لديك هوية خاصة بك؟

منذ 3 سنوات بدأ الجميع يرى هويتي الخاصة، لكن هناك من يبقى يقول جورج شقيق عبير وهذا يفرحني.

لماذا لا ترحّب بالفنانين الذين يتواجدون في حفلاتك؟

أرّحب بالجميع عندما أقف على المسرح، وأرى أن المسرح هو لجميع الناس، ولا أحيي شخصاً معيناً، وهذا ليس تقليلاً من قيمته، وعندما أنتهي من الحفل أسّلم على كل الناس الموجودين، وأنا أحترم المسرح، وهو ليس مكاناً لأقوم بدعاية لشخص ما، فكل الناس سواسية في هذا المكان.

هل المسرح الغنائي أصعب من الغناء العادي؟

لكلٍّ منهما صعوبته، و لكن في المسرح الغنائي هناك مشهدية قد تساعد على جذب العين والمسرحية تشد أنظار الجمهور أكثر من فنان مع فرقة وهنا الصعوبة، فأحياناً أعيش الحالة وأمثّل الاغنية، وهذا الشيء علّقني بالمسرح أكثر، ومن أجمل اللحظات لدي هي الوقوف على خشبة المسرح.

هل تخاف من عالم الفن والمشاكل التي تنشب بين الفنانين؟

أنا بعيد جداً عن هذه الأمور، وأحب العمل أكثر من الحكي.

هل لديك عمل آخر غير الغناء؟

كان من المفترض أن أعطي دروساً بموسيقى الأفلام في الكسليك، لكن لم يكن لدي الوقت لأحضر بسبب إنشغالي بمشروع فني، واعمل على مشاريع موسيقية غير الحفلات، وانا Music Director لعروض موسيقية تقدّم ويعمل معي أكثر من 80 شخصاً، وهذا شيء مهم أن هناك حركة موسيقية وأنا أساهم فيها، وقد حوربت منذ عشر سنوات حتى اليوم عندما كنت اغني مع فرقة موسيقية على عكس الموجة السائدة آنذاك، والآن لقد أصبح هناك حركة موسيقية واضحة في لبنان، وهذا يُفرِحُني ويشعرني بالمسؤولية أكثر.

مبروك على الموريكس دور التي نلتها مؤخراً.

شكراً، هذا يعطيني معنويات، وهي قيمة ممتازة، وسعادتي كبيرة بهذه الجائزة ومحبة الناس شيء جميل وهي حافز، وكان مأخذي أن يقوم الفنان بالغناء مباشرة على المسرح وليس Playback، فهذا الحدث الكبير من الضروري أن يتم تسليط الضوء فيه على الفنانين الذين يحصدون الجوائز بصورتهم الحقيقية.

لمن تعطي الموريكس في حياتك؟

أعطيها لوالدي.

قلت لي إن والدك موسيقي.

والدي لم يعمل في الموسيقى، لكن صوته أجمل من أصواتنا في العائلة.

لماذا لم يدخل مجال الفن؟

لأنه عمل في مجال آخر وكان في الجيش، والحياة أخذته الى مكان آخر.

وهو فخور بما تقدّمه.

نعم الحمد لله، ولكن أبي ليس من الذين يمدحون، ودائماً لديه ملاحظات، وحتى أنا عندما أقدّم شيئاً جميلاً، ولو أحب الناس هذا العمل، لكني أشعر أنني لست دائماً راضياً، وأرى أن هذا سر النجاح ويجعل الفنان يتطور أكثر، وفي الفن والموسيقى ليس هناك كمال.