كلما تصاعد نجاح مسلسل "الهيبة العودة" من بطولة الفنان تيم حسن، كلما تصاعدت حملات الإعتراض على سيناريو وقصة المسلسل، الذي يتناول قصّة مجموعة من العائلات التي تسيطر على محيطها بقوة المال وبأس التهديد بالقتل. المسلسل لم يحدّد مكاناً تدور فيه هذه الأحداث، لكن البعض اعتبر أن وصف الموقع الجغرافي الذي تدور فيه الأحداث الخيالية طبعاً، عند الحدود بين لبنان وسورية، بأنه منطقة "البقاع"، وقد حدّدها هذا "البعض" بـ"الفهلوة" والشطارة. بناء على أن بعض الممثلين يتخاطبون باللهجة البقاعية. علماً بأن هذه اللهجة لم تكن لهجة كل المشاركين ببطولة العمل الناجح بجزئيه الأول والثاني. فأغلبهم تكلّم باللهجة السورية، والبيروتية، وبعض آخر اعتمد اللهجة البقاعية. حتى أماكن التصوير، كانت في منطقة "حمّانا"، في جبل لبنان. ولم تظهر يوماً صورة لقلعة بعلبك لتشير الى أن الأحداث تجري في البقاع. ولا توجد على الخريطة اللبنانية بلدة تدعى "الهيبة". أي أن المكان والزمان لم يحدّدهما المسلسل، كما أن الشخصيات وهمية من صنع الخيال. وهو ما ورد في التنويه قبل عرض كل حلقة من سلسلة حلقات مسلسل "الهيبة".

حظي "الهيبة – العودة" بنسبة مشاهدة عالية جداً. بل هو تفوّق على كل دراما رمضان 2018 وشكّل الفنان تيم حسن شخصية جماهيرية، تشبه شخصية "الأيدول– أي المثل الأعلى"، لعدد كبير من الشبان. ومثل هذه الأمور تحصل دائماً، عند نجاح أي فيلم سينمائي، سواء في العالم العربي، أم في جميع أنحاء العالم. فالشخصيات السينمائية، دائماً تتحوّل الى مثل أعلى لبعض الجمهور، بل لأغلب المعجبين بها. لكن الأمور في لبنان اختلفت. صارت شخصية "جبل شيخ الجبل"، داخلة في عقول بعض النافذين في مجتمعاتهم الصغيرة، لدرجة أن كل واحد اعتقد، أو ربما تمنّى أن يكون هو المقصود بشخصية "جبل". وكما في كل مرّة، لا بد أن يدخل المتطفلون على الخط، واحد يريد الظهور في صلب المشهد، وآخر يريد أن يسرق بعض الأضواء، وثالث يريد أن يبيّض سمعته، بالإيحاء بأنه غيور على سمعة المنطقة وناسها. كل واحد له أهدافه ونواياه. المتذاكي والبسيط والسطحي والإنتهازي والطفيلي، كلهم اجتمعوا وتضامنوا على مواقع التواصل الإجتماعي، علّهم ينالون من الظهور نصيب. كل المعترضين على المسلسل، الذين يصرّون على أنهم أشاوس الدفاع عن سمعة أهل "الهيبة" التي بنظرهم، هي منطقة البقاع، مجرّد أشخاص يريدون إختراع المشكلة، ليعيّنوا أنفسهم أوصياء على ناس المنطقة. علماً بأن مثل هذا الإعتراض والغيرة على سمعة أهل البقاع، لم تظهر لا في الجزء الأول من المسلسل، ولا عندما عرضت التلفزيونات اللبنانية والعربية والعالمية، وعلى مدى عقود وعقود، تحقيقات وأفلام سينمائية، مشيرة الى المنطقة بالإسم والعنوان والأسماء بأنها منطقة الخارجين على القانون، ومنطقة زراعة الحشيشة وتصدير المخدرات والخطف وسرقة السيارات. لم يبحث يومها أحد عن سمعة ولا عن مصلحة منطقته وناسها. حالة الخارجين على القانون، والمسيطرين على منطقة بعيدة ونائية، والمسلحين بالقوّة والعنف والمرتزقة موجودة في كل الدول. حتى في أوروبا مثل جنوب إيطاليا، وعند الحدود بين مختلف دول شرق أوروبا. وعند الحدود المكسيكية الأميركية. في بحر ولاية فلوريدا ومدينة ميامي وجزيرة كوبا ... كلها مناطق، وصفتها الأفلام والمسلسلات والبرامج التلفزيونية، وصوّرتها بأبشع الصور. وإذا كان البعض نسي أن فيلم "العراب" بأجزائه الثلاثة، الذي أخرجه وأنتجه فرنسيس فورد كوبولا، والذي يُعتبر أحد أهمّ أفلام السينما الأميركية، صوّر زعماء المافيا في مدينة نيويورك على أنهم من الوافدين الإيطاليين. وإذا كان البعض نسي أن فيلم "سكار فايس" الفيلم الشهير من بطولة آل باتشينو، صوّر الوافدين من كوبا والهاربين من "ظلم" نظام فيديل كاسترو، على أنهم مجرمون وقتَلة، فعلينا ألا ننسى أن السينما الأميركية لطالما صوّرت الصيني في أفلام "الكاراتيه"، أنه قاتل بلا رحمة. وأن الروسي دائماً مجرم ومتآمر على كل العالم الحرّ. وأيضاً، عانى العرب أكثر ما عانوه من تشويه صورتهم في السينما الأميركية، عندما كانت السينما الأميركية تصوّرهم، على أنهم مجرّد متخلفين لديهم الكثير من المال، ولا همّ لهم سوى اللهاث خلف النساء.

شخصية جبل شيخ الجبل، أعجبت الجمهور بشكل عام، لكنها "هسترت" البعض من المهووسين بالزعامة. من الذين حلمهم الكبير أن يكونوا "شيوخ جبلهم". فدبّت الغيرة! نعم، بدون مبالغة، دبّت الغيرة في نفوسهم، وقرروا أن يسجّلوا مواقف إعتراضية، لا على الإساءة التي لم تحصل أصلاً، لكن على هذا المسار الإيجابي، بل هذا القطار المتجه نحو عواطف ومشاعر الجمهور. وأرادوا أن يكونوا في إحدى القاطرات. سنظلّ نشهد إعتراضات على كل نجاح، وطالما ننجح في مكان ما، سنشهد بعض الذين يحبّون التشويش على النجاح، لأنهم يريدون حصّة من شيء لا علاقة لهم به. فلننتظر ونراقب، إن كانت هذه الإعتراضات ستجد صدى لدى الجمهور أو غير الجمهور. ولا يظنّن أحد أنه بمواقفه المبهمة الأهداف سيجد أي صدى أو تفاعل أو تجاوب. هي فقط مجرّد زوبعة في فنجان. وللحديث بقية!