خلال الشهر الفضيل تكتظ الشاشة الصغيرة بزحمة المسلسلات الدرامية التي تسعى قدر المستطاع إلى ان تحظى بنسبة عالية من المتابعة ليبقى الجمهور الحكم الاول والاخير، ونحن من اشد المحتكمين للغة هذه.

لا يختلف اثنان على اعتبار مسلسل "كل الحب كل الغرام" الرقم الصعب والاول حسب نسبة الاحصاءات، اذ يحقق النسبة الاعلى من المشاهدة خارج وداخل المنافسة الرمضانية.

هذا العمل الرائع بكل ما فيه من خلطات لم يسلم من نقد بعض الكارهين الذين يتطاولون وينقلبون ويقلبون الطاولة على المبادئ، فيجعلون من الاخلاق والشرف والوطنية في ذمة الانحطاط، ويرفعون من شأن قلة الاخلاق والتسويق للخارجين على القانون ويحولون تجار المخدرات الى أبطال.

بئس هذا الزمن من الدراما والذي يتطاول فيه البعض على نص مروان العبد الذي يحتوي على الكثير من الرقي والفخامة والاخلاق، والذي يعزز مكانة الشرف والقيم والعطاء، ويحارب الظلم والاستقواء على الضعيف وعدم المهادنة ضد اي محتل غريب او قريب منذ الاحتلال العثماني إلى الانتداب حتى يومنا هذا.

بئس الزمن الذي يتجرأ فيه بعض من الجهلة على انتقاد نجوم في العمل لهم في المهنة باع طويل من الاحتراف والمهنية والتمثيل المقنع، واقل ما يقال فيهم انهم ابطال بكل ما للكلمة من معنى.

بئس زمن تحولت فيه بعض الاعمال إلى داعشية بامتياز تسوق للارهاب المعنوي والفكري على حساب القيم في المجتمعات. فداعش لم يقتصر على ارهابيي الارض والعرض، بل ايضا امتد ليطال الدراما العربية في جانب لا يستهان به.

​​​​​​​​​​​​​​وما بات في الحسبان الحسي ان بعض المسلسلات الرمضانية الداعشية المنهج تسوق لتاجر المخدرات "قتيل القتلة" والخارج على القانون "والفاتح على حسابه دولة" لتحدي الدولة، وتجعل منه بطلاً قومياً وعربياً. ألهذه الدرجة تمكن الفكر الداعشي من التأثير في عقول بعض الناس لتعزيز غرائز الشر واللاعدالة إلى درجة احبوا فيها الابطال "الداعشية" والذين يؤثرون سلباً في مستقبل أولادنا الذين نعول عليهم بناء الاوطان في المستقبل؟

اي مستقبل هذا واولادنا يتابعون ويتأثرون ببعض الابطال والمسلسلات الداعشية التي تروج للرذيلة وقلة الادب والاستقواء على الضعيف وتسوق للانحراف وتعاطي المخدرات.

هذه حرب نفسية وعقلية تتمكن من العقل الباطني أو اللاوعي فينا، فبتنا نتعاطف مع المحكوم والفار من العدالة ونتوجه بطلاً فقط لان بعض المنتجين استقدموا نجوما على قدر من الوسامة وجعلوا منهم وسيلة للترويج لكل ما يخرج عن عادتنا، وان تواجد في بعض المجتمعات فليس من داع على الاطلاق الإضاءة عليه بهذه المنمقات العشائرية.

اي زمن هذا بات فيه نص مروان العبد المتعالي بالقيم والخارج عن طور الفجور الدرامي عرضة للنقد، فيما النصوص الفالتة التي تروج للعهر والفجور والخيانة بمراتب الشرف؟

ربما الحق يقع على العملة الخضراء التي تشتري بعضا من الممثلين ليقبلوا بهذه الادوار، او على الانتاج ظناً منهم ان الجمهور غبي احمق سيتابعهم وهم واهمون. وفي حال المتابعة المتواضعة فذلك لان البعض بحبذ القصص الكاذبة والتي تتناسب وجهله. وفي حال بلغنا هذا الدرك من الاسفاف في الدراما فالعوض بسلامتكم وبسلامة الانتاج اللبناني.

​​​​​​​لكن صدقاً الجمهور "مش كدا" ويميز جيداً بين السيئ والجيد... بدليل ارقام اهم شركات الاحصاء التي تشير الى النسب العالية لمشاهدة "كل الحب كل الغرام" الذي نتوجه الاول على كل المسلسلات.

في الختام ندعو صناع الجانب الداعشي من الدراما الى التوقف فوراً عن تقديم اعمال لا ترقى الى اخلاقنا وقيمنا ونضالنا الذي اعتقنا وحررنا من الاحتلال. ما تقدمونه تسويق للدعارة العلنية، وهدم للمجتمع، ما تفعلونه حرب فكرية للإطاحة بما تبقى لنا من شرف. الويل لامة طغى فيها الجهل على المعرفة. مروان العبد ثقافة العصر الماسي من الدراما.