في أي حال عدت يا عيد، والصحافة في يومها العالمي تئن من قلبها المتدحرج على أكف من ساوتهم المهنة شرف ادعائها زورا ومن انغمسوا فيها من باب العشق.


لسنا من سلبيي الصحافة في لبنان والعالم العربي، ولسنا ممن تباكوا على أطلال هذه المهنة، لكننا من أشدنا بأساً في الذود والدفاع عنها في يومها العالمي أمام تجار المهنة ممن صنعوا هيكلهم من العملة الخضراء وزينوه بحفنة من "اللقلقة" والتملق لسياسة فرّق تسد.
الصحافة في يومها العالمي كنزيف يعاني إلتهاباً جراء تعرضه لاشعة حارقة من كبح الديمقراطية.. فلطالما كنا نتغنى بديمقراطية هذا البلد منذ مئات السنين، الى ان وصلنا في عصرنا إلى سياسة القمع على بضعة حروف وكلمات من الحقيقة التي تكشف مزايا الشخصيات العامة الفنية منها والسياسية.

ولعل ما حصل ويحصل مع مقدم البرامج المثقف هشام حداد خير دليل على كلامنا، لأنه الوحيد ومن القلائل الذين يجرؤون حيث لا يجرؤ الآخرون في اظهار زيفهم ومقتهم وفسادهم وهدرهم واصلاحهم الواهم. هذه الجرأة لطالما كانت في مهب العاصفة لتعرضه لأكثر من دعوى قضائية بحجة القدح والذم والتشهير.

في زمن اللاصحافة نفتقد إلى ابطالها، إلى اصحاب المواقف الحقيقية والثابتة التي لا تتلون ولا تتماشى مع "الماشي". وكم من مرة دفعت ضريبة مضافة على قيمة مواقفي ومهنيتي. وهنا استعيد في الذاكرة حين اتخذت موقفاً شجاعاً بالوقوف إلى جانب احد النجوم ضد نجمة حرضت فانزاتها على مهاجمته لأتفاجأ بعد فترة قصيرة بمصالحتهما بعيداً عن احترام موقفي الداعم له. وكم من مرة اتخذت مواقف مع نجوم واعلاميين تعرضوا لإهانة في صميم الكرامة ويوماً أحد لم يكلف خاطراً لشكري... وفي الحقيقة لست ممن ينتظر صدقة الشكر ولا عملة ولا هدية... أعتقد وبشدة ان أكثر ما ننتظره تقدير المواقف وشجاعتها خصوصا في زمن شح فيه اصحاب المواقف بإستثناء قلة قليلة.

في اليوم العالمي للصحافة اواجه قلة من الصويحفيين الذين ما لهم من المهنة الا فجع الشهرة والنميمة والمكايد وسياسة الكيدية المستفحلة. فمعظم من يتواجد اليوم من الصويحفيين الجدد لا يجيدون العمل الإعلامي ويرتكبون الفظائع، فهم يجيدون الثرثرة في اذن النجوم لمقاطعة او محاربة زملائهم والدوس عليهم بشراسة للوصول إلى مبتغاهم. فكم من يوضاس قبلنا في الجبهة ونعرنا في الخلف بحربة... وكم من متملق دس سمه ليشوه العلاقة التي تربطنا مع الكثير من النجوم. وكم من مذيعة استغلت وسادة كبار النجوم لتحرضه علينا من دون وجه حق. هي صحافة تساوم على كل شيء من اجل كل شيء للوصول إلى كل شيء.

وفي يوم الصحافة العالمي لا بد من الاتيان على ذكر غربان الصفحات الوهمية عبر مواقع التواصل، الذين استتروا بالزيف والخوف للانتقاد من دون وجه حق ومن دون معرفة ودون مهنية، وذلك لنسف نجاح الصحافيين الحقيقيين. انما الوقت كفيل بإندثارهم مهما ظن البعض منهم انه ديناصور مواقع التواصل.

ليتنا نعود إلى زمن الصحافة الارستقراطي المخملي حيث لم يكن كما اليوم لكل بوق منبر من خلال مواقع التواصل اللعينة حتى صدق المثل "القائل كل ديك ع مزبلتو صياح". ليتنا نعود إلى الصحافة الانيقة التي لم تتلون كالحرباء بل دامت حربة تنحر الظلم انتصارا للحق.

ليتنا نعود إلى زمن الصحافة حيث الابطال دفعوا ثمن مواقفهم دماء ورحلوا مخلفين يوم السادس من ايار انتفاضة لاحياء ذكرى شهداء الصحافة. وحتى في هذا اليوم الشريف للمهنة ستخوننا الذاكرة احتفاء بالذكرى كرمى الانتخابات.

في الختام وبعدما تشرفت بقلادة المهنة شرفا لي رغم المصاعب التي واجهتها حينما رشقت بالمياه وطردت من عملي لاجد نفسي وحيدة على قارعة الطريق دون ان يلتفت الي احد ممن ظننتهم اوفياء، اعاهدكم ان ابقى هلا المر الاعلامية المهنية التي لا توارب ولا تظلم ولا تتذلل ولا تتلون ولا تنتظر صدقة... سأبقى هلا المر اعلامية الصوت والصدى والقلم الصارخ ليس في وجه احد انما في وجه الذات لأبقى دائما خير ممثلة للمعايير المهنية والاخلاقية.