ستبقى نظرية النجمة السورية سوزان نجم الدين التي ادلت بها خلال تسلمها جائزة في حفل الموريكس دور، واحدة من أكثر التصريحات هزلا وسخفا، التي وان ترسخت في اذهان رواد مواقع التواصل والصحافة والحضور فذلك لانها خلطت حابل الموضة بنابل الفلسفة والنظريات الحسابية الغاية في التعقيد على غرار فستانها الآتي من عصر النهضة!
نكتب ونبتسم ونبكي من فرط جهل الاطروحة التي ادلت بها سوزان والتي جعلت منها اضحوكة لذيذة على مواقع التواصل خلال تسلمها الجائزة.

فخلال الحفل، شرحت سوزان اطلالتها، وجاء التبرير بحجج لم تُقنع متابعيها حيث قالت :"اخترت طلتي في ميوريكس دور كفنانة وكمهندسة معمارية…من عصر النهضة اللي كرس فيا بودلير و ديكارت فلسفتن الجمالية حول المزج بين جمال الطبيعة وجمال الهندسة المعمارية وانعكاس هادا الجمال على جمال المرأة".

نرحب بكم في عالم النهضة وعصره الذي اعادته الينا سوزان بفستان لم يلق على الاطلاق بالمناسبة والذي أظهرها وكأنها قادمة من كتب التاريخ المعتقة.

نبذة عن الموضة في عصر النهضة

تميزت الموضة في عصر النهضة الذي امتد من القرن الرابع عشر حتى السابع عشر بالضخامة والمبالغة بكل أشكالها وانواعها. فقد شهد عصر النهضة على ثورات في عالم الفنون الجميلة والهندسة. آنذاك، علا شأن الثقافة، وقد تأثّرت الموضة بهذا التطوّر، وكانت الملكات والأرستقراطيّات يلهمن النساء بملابسهنّ المترفة، لا سيّما الملكة البريطانيّة Elizabeth I التي اشتهرت في القرن السادس عشر باعتمادها الأكتاف العريضة والياقة العالية المزخرفة. وانتشرت الأقمشة الفاخرة، التطريز، الزخرفة، الياقات، والأكمام الكبيرة الحجم.

عصر النهضة عاد وبقوة على منصات عرض الازياء انما بصورة مستحدثة للغاية في موسم خريف وشتاء 2016 انما ليس على الشكل الذي استوحته نجمتنا العزيزة.

اذا لا مانع عندنا ان تستحضر سوزان عصر النهضة بكل ما فيه من مبالغة في التطريز والاقمشة لكنها بدت خارجة عن الزمن ومن كوكب آخر. لانها لو ارادت ان تستوحي من هذا العرض كان عليها ان تستوحي من تصاميم الدور العالمية في شتاء 2016 لكنها تأخرت كثيرا وقررت ان تخترع على مزاج اختراعاتها الفاشنستية.

انما الكارثة الحقيقية تكمن في النظرية التي ابتدعتها من باب الهرتقة حول تأثير بودلير وديكارت على الموضة وجمال المرأة. تصريح سوزان دفع بنا إلى البحث من جديد في مجلدات التاريخ وعصر النهضة لنستشف الحقيقة بعيداً عن تصريحات سوزي.

شارل بودلير

شارل بودلير 1821-1867 شاعر وناقد فني فرنسي. بدأ كتابة قصائده النثرية عام 1857 عقب نشر ديوانه أزهار الشر، مدفوعا بالرغبة في شكل شعري يمكنه استيعاب العديد من تناقضات الحياة اليومية في المدن الكبرى حتى يقتنص في شباكه الوجه النسبي الهارب للجمال. وفي عام 1861 بدأ بودلير في محاولة لتدقيق اقتراحه الجمالي وتنفيذه فكتب هذه القصائد التي تمثل المدينة أهم ملامحها، وتعتبر معينا لا ينضب من النماذج والأحلام.

يعتبر بودلير من أبرز شعراء القرن التاسع عشر ومن رموز الحداثة في العالم. ولقد كان شعر بودلير متقدما عن شعر زمنه فلم يفهم جيدا الا بعد وفاته. وكان الشاعر شارل بودلير يري ان الحياة الباريسية غنية بالمواضيع الشعرية الرائعة، وهي القصائد التي أضيفت إلى أزهار الشر في طبعته الثانية عام 1861 تحت عنوان لوحات باريسية.

رينيه ديكارت

فيلسوف، ورياضي، وفيزيائي فرنسي، لقب بأبي الفلسفة الحديثة، وكثير من النظريات الفلسفية الغربية التي جاءت بعده، هي انعكاسات لنظرياته، والتي ما زالت تدرس حتى اليوم و لديكارت تأثير واضح في علم الرياضيات، فقد اخترع نظاماً رياضياً سمي باسمه وهو (نظام الإحداثيات الديكارتية)، الذي شكل النواة الأولى لـ(الهندسة التحليلية). وديكارت هو الشخصية الرئيسية لمذهب العقلانية في القرن 17 م، كما كان ضليعاً في علم الرياضيات، فضلاً عن الفلسفة، وأسهم إسهاماً كبيراً في هذه العلوم، وديكارت هو صاحب المقولة الشهيرة: "أنا أفكر، إذاً أنا موجود".

اذا وبعد البحث وعناء التدقيق لم نلحظ على الاطلاق اي تأثير لبودلير او ديكارت على عالم الموضة وجمال المرأة تحديداً. تحليلنا هذا الذي ينم عن بحث ينسف كل ما قالته سوزان لتبرر فستانها المعتق من عصر النهضة في حفل الموريكس. ربما ظنت "خالف تعرف" او تأثرت بمقولة ديكارت "انا افكر اذا انا موجود"، فحولتها على طريقتها الخاصة وجعلت منها "انا اشاكس عبثا اذا انا موجودة"!