لم تكن تعلم أن زيارتها لأخيها في مركز عمله ستكرسها نجمة إذاعية على مر عقود، فبعد أن كانت تأثرت بشعبيته، حيث كان بدأ العمل الإذاعي قبلها بسنوات، ذهبت ميسم درزي لزيارة أخيها فاروق في إذاعة صوت لبنان العربي، وكانت حينها إحدى المذيعات غائبة، وكان هناك إعلان من الضروري أن يتم تسجيله، فقال المخرج بلال الكبي لـ ميسم :"جرّبي صوتك، علّك تساعدينا وتسجلين الإعلان"، فأجابته ميسم بأنها لم تسجل صوتها ولا مرة من قبل، وسجلت ميسم الإعلان، وإكتشفت أن صوتها إذاعي، فدخولها الإذاعة حصل صدفة لأنها حينها كانت تتحضر لتصبح مفتشة في الأمن العام، فإنتقلت من عالم إلى عالم آخر، من تحضير وتخطيط لحياة، فأصبحت في منحى آخر.

ومنذ ذلك الوقت، إنطلقت ميسم درزي في العمل الإذاعي، من إذاعة صوت لبنان العربي، مروراً بإذاعة لبنان الجديد، إذاعة صوت الموسيقى، إذاعة صوت الغد، وصولاً إلى إذاعة الشرق، حيث لازلت مستمرة بنفس المستوى، لم تقصّر يوماً في عملها، والتي إلتقيناها في هذا الحوار.

لماذا نشعر أن ميسم بعيدة قريبة من الوسطين الفني والإعلامي؟

أنا دائماً أكون وراء الكواليس، بمعنى أن كل ما أقوم به يكون محصوراً في الستوديو الذي أتواجد فيه وفي المذياع الذي أعتبره صديقاً لي بحيث أصبح عمر صداقتنا 36 عاماً، إن لم أقل أكثر من ذلك، الكل يعلم أني بدأت العمل الإذاعي في سن صغيرة جداً، أنا أتواجد في الستوديو ولا أحب الزحمة والضوضاء، كل ما أرغب القيام به أترجمه بعملي وبصمت، وأعمل بهدوء، نادراً ما أحب الظهور لأني أحب أن أحافظ على خصوصيتي، لا أحب أن تظهر أموري الخاصة إلى العلن.

أطل من وقت لآخر في لقاءات تلفزيونية، آخر إطلالة تلفزيونية لي كانت في برنامج "أخبار الصباح" عبر تلفزيون المستقبل، ولكني نادراً ما ألبي الدعوات الإجتماعية والفنية لأن الوقت لا يكون مناسباً، أو يكون لدي إرتباطات.

لمع إسمك حين غنى الفنان راغب علامة "يا بنت السلطان" وقال فيها "سعيدة يا ميسم سعيدة" حيث أصبح الكل يسأل "من هي ميسم التي يغني لها راغب علامة؟.

دائماً يقولون إني ساهمت في نجومية راغب، وراغب ساهم في نجوميتي، ولكن حينها كان إسمي معروفاً عبر إذاعة صوت لبنان العربي، ولكن الأغنية دفعتني أكثر.

إذا عدنا إلى الماضي، وكان لديك خيار بين زيارة فاروق في الإذاعة، أو أن تصبحي مفتشة في الأمن العام، ماذا تختارين؟

ربما وظيفة الدولة مضمونة أكثر لناحية غدر الزمن، لا يمكنك الإتكال على الإعلام، خصوصاً أنه ليس لدي وظيفة أخرى.

ماذا عن وضعك في إذاعة الشرق في ظل الأزمة المالية التي يعاني منها معظم المحطات التلفزيونية والإذاعية، ومن بينها تلفزيون المستقبل وإذاعة الشرق التي تطلين عبر أثيرها؟
الحمد لله وضعي جيد جداً في الإذاعة، وهم يقدرونني كثيراً، وأنا سعيدة لأن الإدارة الدكتور كمال ريشا يدرك جيداً مع من يتعامل ويعرف مسيرتي، ليس هناك أي قمع لعملي، لدي كامل الحرية والإختيار في عملي، أنا مرتاحة جداً في الإذاعة، كما وأن إذاعة الشرق هي الأقرب إلى إنتمائي الفكري والسياسي، لا أعتقد أن هناك أي إذاعة أخرى يمكن أن تحتضني فكرياً وعقائدياً، أنا طوال مسيرتي العملية أوقع عقداً للتعامل ولا أكون موظفة ثابتة لأنني لا أحب أن يكون لدي دوام عمل طويل بحيث أشعر أنه لا يمكنني أن أبدع في عملي، أحب أن آتي إلى الإذاعة لأقدم برنامجي وأكون مرتاحة، وحين أنتهي أغادر.

يقال إن مذيعات كثيرات قلّدنَ ميسم درزي، وفي المقابل إتهمت بتقليد غابي لطيف.

في بدايتي العملية كانوا يقولون إني متأثرة بـ غابي لطيف، وأنا لا أنكر أني تأثرت بها، وإلتقينا وأجريت معها لقاء هنا في إذاعة الشرق، وقالت لي :"أعلم أنك تأثرتِ بي، ولكن لديك شخصيتك وهويتك الإذاعية المستقلة عني"، فعند إنطلاقة كل شخص يكون حينها متأثراً بشخص آخر، وأنا أكون سعيدة إن كان هناك من تأثر بي ويقلدني، فهذا يدل على محبة لي.

هل قلّدنك بطريقة صحيحة أم شوّهن أداءك؟

هناك من شوّه، وهناك من حاول أن يتأثر بأسلوبي بشكل صحيح.

ما هو أسلوبك ميسم؟

هناك غنج أنثوي في صوتي، ولكن ليس الغنج المبتذل، وهناك أسلوبي الإذاعي، بحيث أن كل إنسان يتميز بأسلوب خاص به، ولكن الأسلوب لا يمكن تقليده،صوتي مختلف وله بصمة لا يمكن تقليده.

كم أصبح عمر برنامجك "مع ميسم"؟

حوالى 10 سنوات، بحيث أنه كان يحمل سابقاً إسم "حوار من العمر".

نلاحظ تفاوتاً في نجومية ضيوفك الفنانين، كما نلاحظ أنك تستضيفين أشخاصاً من مختلف المجالات، فما هي مقومات الشخص الذي يكون ضيف ميسم درزي؟

برنامجي منوع أستضيف خلاله مغنين وممثلين وإعلاميين وأطباء ورجالات السياسة والإقتصاد والمجتمع ومن لديهم نشاطات، وأستضيف فنانين ناشئين، ففي الماضي إستضفت راغب علامة حين كان فناناً ناشئاَ وحينها أنا كنت مبتدئة، أنظر اليوم أين أصبح راغب، فأنا أستضيف الفنان الناشئ الذي أتفاءل به وأشعر بأنه "بدو يطلع من أمرو شي"، أشعر بأن وجهي خير على كل شخص أستضيفه، وهناك دائماً يد ممدودة للمساعدة، ولكن يجب أن يكونوا أشخاصاً يستأهلون.

ما الذي إختلف في العمل الإذاعي بين الماضي واليوم؟

أصبح الموضوع سهلاً بحيث أن أي شخص ممكن أن يصبح مذيعاً، ليس هناك غربلة ولم يعد هناك لجنة تقييم، هذه المهنة لها مقومات وشروط ليست متوفرة، بصراحة أنا لا أستمع لأحد كي لا أنزعج، ولأنني أستيقظ في وقت متأخر، وأحتاج لوقت كي أجهز نفسي، فلا أستمع إلى البرامج الصباحية، أتوجه إلى الإذاعة وأقدم برنامجي، ثم أعود إلى المنزل، حتى أنني لا أستمع إلى الراديو في السيارة.

دائماً نسمع عن منافسة بين مذيعات البرامج الصباحية ومذيعي برامج العصر.

أنا خارج الدائرة كلها، وخارج أي منافسة ممكن أن تحصل، لدي أسلوبي وتاريخي، أظن أنه من العيب أن يتم وضع إسمي في منافسة أو مقارنة مع أحد.

إذا أرادت ميسم درزي أن تؤسس إذاعة، ترسل بطلب من؟

طبعاً فاروق درزي عميد المذيعين، الذي يعمل في أبوظبي منذ 9 سنوات، أستعين بالكوادر القديمة لأنهم الأساس، وهم لكل زمان ومكان، يجيدون اللعبة، ويدركون ما يريده المستمع.

على من تترحمين اليوم في ظل هذا الوضع الإعلامي؟

رحم الله رحاب ميقاتي، كانت تدللني لأنني كنت أصغر مذيعة في إذاعة صوت لبنان العربي وكانت هي مديرة البرامج، وأنا تتلمذت على يديها، كانت مدرسة بحد ذاتها.

بعد 36 عاماً من العمل الإذاعي، ماذا تنتظر ميسم درزي بعد؟

لا أنتظر شيئاً محدداً، أنا سعيدة لأنني لازلت أتمتع بصحة جيدة ولدي حماس، ولدي الصوت المحبب لقلوب الناس، كل حياتي لم أسعَ وراء أي شيء، ولم أطرق أبواباً، لأني أشعر بأنني أنا أستأهل أن تصل الأمور إليّ، فأنا كافحت ودرست وإجتهدت حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، تعبت لأصنع إسمي، وهو، وبكل تواضع، إسم من ذهب، الناس يعرفون من هي ميسم درزي، من يريدني أنا جاهزة.