يُشكّل "شعور أكبر من الحب"، الوثائقي الأول للمخرجة ماري جرمانوس سابا، الذي تم عرضه لأول مرة يوم الجمعة الماضي، ضمن مهرجان "شاشات الواقع"، في متروبوليس- أمبير صوفيل، الأشرفية، مدخلاً إلى التاريخ والذاكرة والعلاقات والمجتمع، تتقاطع كلّها مع وقائع لبنانية.


وثائقي يرتكز على جمالية الصورة السينمائية، ويوثّق أحداثاً ماضية عبر استعادة بعض "المُصوَّر" عنها، أو من خلال رحلة شخصية للمخرجة في أزقّة الماضي، ومتاهاته وأسئلته المعلّقة.

تحاول سابا في فيلمها، ربط ماضي لبنان بحاضره عبر استعادة حكايتي تمرد وقعتا في بداية السبعينيات، من عمال أحد مصانع الشوكولاتة ومزارعي التبغ الرافضين لاحتكار رأس المال، لتقوم قوات السلطة بقمع المتمردين فيسقط قتيلين في كل واقعة.

"الآلاف ماتوا في تشيلي وإندونيسيا.. ما أهمية موت ثلاثة شباب وفتاة كي تصنعي عنهم فيلماً"؟ تسأل سابا نفسها هذا السؤال ضمن عبارات كثيرة يتضمنها الفيلم الأشبه بحوار داخلي تديره مع نفسها حتى تفهم أبعاد فيلمها، وكي يفهمه المشاهدون بالتأكيد.

الأهمية تكمن في أن أسباب تمرد العمال والفلاحين في مطلع السبيعينيات لا تزال قائمة: الأوضاع السيئة والغلاء، والطائفية الدائمة التواجد في كل شأن لبناني. وبرغم الحروب الأهلية ووجود مئات الأحزاب والحركات، لا يزال الوضع الصعب قائماً إن لم يكن قد ازداد سوءاً.

وخصصت سابا المساحة الأكبر من فيلمها لذكريات المشاركين في الحدثين من مزارعين وعمال ونساء ونشطاء في الأحزاب اليسارية، تضاف إليها مشاهد ربط الماضي بالحاضر سواء ذهاب الشخصيات إلى مكان تمردهم القديم، أو تطواف عربة بميكروفون تردد به نداء الثورة الذي تم ترديده قبل أكثر من أربعين عاماً.

تظهر خلال الفيلم مقاطع من أغاني لمارسيل خليفة وأحمد قعبور، بالإضافة إلى أفلام نضالية للراحل كريستيان غازي، برهان علوية ومازاو أداتشي. تنقل هذه الأفلام بعض خطابات تلك الفترة، ورؤيتها للأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التي يجب أن تخلق "واقعاً ثورياً"، يجب استثماره. اختارت المخرجة بعض شخصياتها النسائية من عاملات احدى مصانع الشوكولاته، اللواتي ظهرن في أحد تلك الأفلام.

"شعور أكبر من الحب"، يخرج بسيل من العواطف العفوية، والصورالواقعية التي تسترجع ما كان وتبرر الكثير من التصرفات والممارسات التي حصلت في تلك الفترة من الزمن، وواكبت تداعيات الأحداث المفصلية فيما بعد.

وعن الفيلم، قالت المخرجة ماري جرمانوس سابا لموقع "الفن"، إنها سعيدة جدا لعرضه أول مرة في لبنان، وشدّدت على أن هذا الفيلم مهم جداا أن يشاهده كل لبناني لأنه يوثّق محطات مهمة في تاريخ لبنان ، فهو يعيدنا الى فترة السبعينيات حيث كانت هناك حركات إجتماعية وعمّالية فاعلة في لبنان كما نشأت تجارب سياسية جديدة. وعلينا أن نتعلم من الماضي حتى نعرف كيف نعيش مستقبلنا، ولاشك في أن الفيلم يحمل رسالة سياسية.

وأضافت سابا أن هذا النوع من الأفلام يجب أن يأخذ حقه، وهي سعيدة جداً بجائزة النقاد التي حصل عليها الفيلم في مهرجان برلين، وهم رأوا أنه فيلما ليس سهلاً وفي نفس الوقت هو شعبي، أي أن الفيلم يتوجّه لكل الناس.

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً،إضغط هنا.